في إطار الجولة الرابعة والأخيرة من الاستشارات النيابية غير الملّزمة، استقبل الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نواف سلام مجموعة من النواب المستقلين في البرلمان، وسط اهتمامٍ بالغ من مختلف الأوساط السّياسيّة والشعبيّة. هذه الجولة تأتي في وقتٍ حساس، حيث تتجه الأنظار إلى يوم غدٍ، الموعد المرتقب للقاء الرئيس المكلف مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي، والذي من المتوقع أن يلعب دورًا حاسمًا في تحديد مسار المرحلة المقبلة. وكان الثنائي الشيعي قد قاطع المشاورات، ما يضيف مزيدًا من التعقيد إلى عملية التشكيل. ومع ذلك، يعوّل الرئيس المكلف على استطلاع آراء مختلف الكتل النيابيّة، ليعرض بعدها رؤيته بشأن تشكيل الحكومة.
وفي هذا الّسياق، تبرز رغبة الرئيس المكلف نواف سلام في تسريع عملية تشكيل الحكومة الجديدة، خصوصًا في ظل الأزمات السّياسيّة والاقتصادية التي يعاني منها لبنان. كما يسعى الرئيس جوزاف عون، الذي يعتبر أن هذه الخطوة هي الأولى في عهده، إلى ضمان نجاح الحكومة المقبلة كأحد أولويات ولايته، ما يجعل العملية أكثر تعقيدًا في ظلّ التحديات الراهنة.مواقف داعمة للإصلاح في بداية الجولة، استقبل الرئيس المكلف النائبة بولا يعقوبيان التي أكدت أن "الضغط الشعبي" أمر ضروري للضغط على القوى السياسية، وأشارت إلى أن الهدف لا يقتصر على توزيع الحصص الوزارية، بل يجب أن يتوجه نحو بناء دولة حقيقية تلبي احتياجات الشعب اللبناني. وأعربت عن تفاؤلها بقدرة اللبنانيين على الضغط لتحقيق التغيير، مشددة على ضرورة التركيز على إعادة إعمار الجنوب بدلاً من التركيز على الحصص السياسية. وأضافت أن دور المواطنين في التأثير على عملية التشكيل لا غنى عنه.
من جهته، أكد النائب إبراهيم منيمنة بعد لقائه مع الرئيس المكلف أن اللقاء كان مثمرًا، حيث عرض تصوره بشأن الحكومة المقبلة، مشددًا على ضرورة أن يكون لبنان في مرحلة تأسيسية جديدة تأخذ بعين الاعتبار كافة مكوناته السياسية والاجتماعية. وأوضح أن نجاح الإصلاحات يتطلب إشراك جميع الأطراف بدون استثناء، على أن تكون الحكومة قادرة على بدء عملية الإصلاحات بشكل كامل ومن دون نصف حلول. وأكد على ضرورة تمثيل الفئات النسائية والشبابية في الحكومة الجديدة، داعيًا إلى تشكيل حكومة تعكس التوازن بين الكفاءات والتمثيل السياسي لمختلف الفئات اللبنانية.
أما النائبة سينتيا زرازير، فقد ركزت خلال لقائها مع نواف سلام على أهمية مكافحة الفساد بشكل جدي، مشيرة إلى ضرورة رفع اليد عن القضاء وتفعيل الأجهزة الرقابية. كما طالبت بوضع خطة واضحة لإعادة هيكلة المصارف وضمان حقوق المودعين، وهي قضية أصبحت من أبرز القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تشغل بال المواطنين في ظل الأزمة المالية الحادة التي يعيشها لبنان.حقوق الإنسان والشفافيةمن جهته، شدّد النائب ملحم خلف على أهمية أن يكون عنوان الحكومة المقبلة "حكومة ترميم الشرعية الوطنية". وأكد أن أي حكومة يجب أن تعمل لمصلحة الشعب اللبناني من دون الانجرار وراء مصالح القوى السياسية الضيقة". وتابع قائلاً: "من غير المقبول أن تأتي أي حكومة لتصفق لبعض القوى السياسية بينما يعاني الشعب اللبناني من المآسي اليومية". وأشار إلى أهمية استحداث وزارة لحقوق الإنسان لضمان حقوق المواطنين وحمايتها.وأكدت النائبة حليمة قعقور دعمها لخطاب الرئيس المكلف، مشيرة إلى أن تشكيل حكومة منتجة وفعالة لا يجب أن يتم على حساب إقصاء أي طرف سياسي. وأكدت أنها ستدعم جهود الرئيس المكلف في تحقيق هذا الهدف، مع التركيز على ضرورة أن تكون الحكومة قادرة على تنفيذ إصلاحات ملموسة وجادة.
وقالت النائبة نجاة صليبا عون، بعد لقاء الرئيس المكلف، إن لبنان بحاجة إلى حلول سياسية واقتصادية جذرية، وأنها على يقين بأن الحلول موجودة ويمكن تطبيقها إذا كانت هناك إرادة سياسية حقيقية من جميع الأطراف. وأضافت: "نحن نريد عودة كل شخص إلى بيته، وعليهم أن يشعروا بأنهم جزء من الدولة وليسوا مهمشين". كما شددت على ضرورة استعادة الأراضي المحتلة وتحقيق العدالة للشعب اللبناني في هذا الملف. تحديات وفرصيُذكر، أن النائب حيدر ناصر لم يشارك في الاستشارات النيابيةّ، إذ تغيب عن موعده المحدد بعد الظهر مع الرئيس المكلف نواف سلام. كما لم يشارك النائب بلال الحشيمي قبل الظهر. ومع اختتام الجولة الرابعة من الاستشارات النيابية غير الملزمة، تتزايد الآمال والتوقعات بتشكيل حكومة قادرة على تجاوز التحديات الماثلة أمام لبنان. في انتظار ما ستؤول إليه المشاورات القادمة، تبقى الأنظار مشدودة إلى اللقاء المنتظر بين الرئيس المكلف نواف سلام ورئيس مجلس النواب نبيه بري، حيث يُرجح أن يكون لهذا اللقاء تأثير بالغ في تحديد ملامح الحكومة المقبلة ومدى قدرتها على الوفاء بوعود الإصلاح والإنقاذ التي ينتظرها الشعب اللبناني.