2025- 01 - 16   |   بحث في الموقع  
logo في عكار.. الجيش يوقف 4 أشخاص وما ضُبط بحوزتهم مُرعب! logo تورك: انتخاب رئيس جمهورية في لبنان يفتح الباب أمام إصلاحات logo الخارجية رحبت بانتهاء حرب غزة: لتثبيت هذا الاتفاق والعمل على إدخال المساعدات الإنسانية logo عشنا فترة صعبة .. السيدة الأولى: زيارتي الأولى ستكون للجنوب logo بو حبيب لنظيره الإسباني: نقدر وقوفكم إلى جانبنا logo غوتيريش وصل إلى بيروت logo الحريري: رح يضل لبنان أولا خارطة طريقنا logo السلطات السورية ستمنع دخول الإسرائيليين والإيرانيين إلى أراضيها
زوكربرغ ينقلب على نفسه: ترامب صغير!
2025-01-16 17:25:48

عندما بدأت شركات مواقع التواصل الاجتماعي العملاقة مثل "ميتا" قبل نحو عقدين من الزمن، كانت رؤيتها أقرب إلى حركة ثورية تهدف إلى تحدي الأنظمة التقليدية، مدفوعة بأفكار عن حرية التعبير وحقوق الإنسان والتعددية الثقافية في عالم ما بعد العولمة القائم على الاقتصاد المفتوح الذي يعلي من قيمة أي فرد، بغض النظر عن الجندر واللون والعرق والميول الجنسية وغيرها، في وجه المجتمعات التقليدية التي تصنف الأفراد في خانات.
قاد ذلك التحرك أفراد يُنظر إليهم كرموز للابتكار والعقلانية، مثل مارك زوكربرغ، الذين بشّروا بعالم جديد من التواصل المفتوح، حيث يمكن لأي شخص أن يشارك أفكاره بحرية من دون قيود الأنظمة السياسية أو اقتصادات الإعلام التقليدي. وبدا الأمر وكأن هؤلاء العباقرة الشباب، يصنعون عالماً يتحدى مركزية السلطة خصوصاً في دول مازالت هيمنة الأفكار التقليدية والمحافظة فيها واضحة، كالولايات المتحدة في الغرب، ودول الشرق الأوسط، التي برزت فيها تجارب سياسية مختلفة في سياقها بين تحدي المجتمع الذكوري الأبوي في الأولى أو تحدي الأنظمة الدكتاتورية الراسخة في الثانية.زوكربرغ نفسه قدم رؤية مثالية لعالم تُكسر فيه القيود التقليدية للسياسة والاقتصاد، ففي العام 2017، أعلن "مانيفستو فايسبوك"، الذي دعا فيه إلى بناء "مجتمع عالمي" أكثر شمولاً وتعاوناً، في تحدٍ للنظم السياسية القائمة على القومية والانقسام. كانت تلك المرحلة تمثل قمة الوعد التكنولوجي في تغيير العالم، قبل أن تعاني شركته مشاكل طويلة مع الأنظمة السياسية التي تضع القوانين الناظمة لعمل شركات مواقع التواصل التي اتهمت بالتدخل في الانتخابات والعمليات الديموقراطية، ليس فقط عبر وجود ضخ للأخبار الكاذبة، بل أيضاً بسبب رغبة أصحابها في تغيير شكل العالم سياسياً.مع الوقت، أدرك هؤلاء المبتكرون أن الأنظمة السياسية والاقتصادية التقليدية أقوى بكثير من رؤية التغيير التي حملوها. رغم قوتها الهائلة، وجدت شركات التكنولوجيا نفسها محاصرة داخل نظام اقتصادي وسياسي راسخ لا يمكن تجاوزه بسهولة، وتم استدعاء أصحاب الشركات للمثول أمام الكونغرس الأميركي وغيره من المؤسسات السياسية على ضفتي الأطلسي طوال السنوات العشر الماضية، بشكل تزايدت وتيرته في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين.وواجه زوكربرغ وغيره من قادة التكنولوجيا تحديات مباشرة من الحكومات والمؤسسات الكبرى، بدءاً من التحقيقات البرلمانية حول الخصوصية والأمن، وصولاً إلى التهديدات بالقوانين التي تحد من هيمنة هذه الشركات. واضطر زوكربرغ نفسه إلى المثول أمام لجان الكونغرس لشرح سياسات شركته، في مشهد عكس تحول العلاقة بين السلطة والتكنولوجيا: من دور المبتكر المتمرد إلى المدافع عن النفس في وجه العالم التقليدي، بشكل بلغ ذروته مع الانتخابات الأميركية الأخيرة التي بدا فيها عمالقة وادي السيلكون وكأنهم يقدمون فروض الطاعة للرئيس المنتخب دونالد ترامب، ليس فقط بسبب شراكته مع أغنى رجل في العالم، أيلون ماسك، بل بسبب قناعتهم ربما أنه من الأفضل الانصهار ضمن السيستم بدلاً من تحديه.وتزامن ذلك حتى مع تغييرات شكلية في الطريقة التي يقدم بها أولئك الأغنياء أنفسهم، فمع تزايد الضغوط، تحول قادة التكنولوجيا تدريجياً من شخصيات "Nerds" هزيلة ومهووسة بالتكنولوجيا إلى رجال أشداء يمارسون الألعاب الرياضية العنيفة ويقدمون صورة للذكورية السامة التي تعكس القوة والسيطرة عبر حجم العضلات. وذلك ليس مبالغة في التوصيف بل قراءة حتى لتعليقاتهم عن ذلك التغيير في تصريحات مثلما أدلى به زوكربرغ قبل أيام لبودكاست جو روغان المحافظ بأنه تعلم تلك القيم من ممارسته لرياضة الفنون القتالية المختلطة مع رجال حقيقيين ما جعله يشعر بأن المجتمع بات اليوم "مخصياً" في إشارة إلى ثقافة "الووك" (اليقظة) التي تنادي بالمساواة الاجتماعية.ومثال زوكربرغ يتكرر لدى آخرين من أيلون ماسك إلى جيف بيزوس، ويعكس ذلك تخلّيهم عن المبادئ الأولى لصالح سياسات البقاء داخل النظام القائم، لأن هذا التحول في المظهر والسلوك يوازي تحولاً في الأفكار والسياسات التي يطرحونها. ففي الماضي، كانت الأفكار التي تروج لها شركات التكنولوجيا تتسم بالجرأة والطموح لتغيير العالم، لكنها أصبحت الآن انعكاساً لحياتهم الجديدة في عالم تحكمه السياسة والاقتصاد. بدلاً من بناء مجتمعات شاملة وديموقراطية، أصبحت منصاتهم أدوات في أيدي السياسيين وأصحاب النفوذ الاقتصادي، تُستخدم لنشر الدعاية أو تحييد الأصوات المعارضة، وباتت فكرة "حرية التعبير" تعني بالنسبة إليهم، فسح المجال لخطاب الكراهية الآتي من الفئات الأكثر محافظة وتطرفاً في الطيف السياسي، أقصى اليمين، لفئات مهمشة أصلاً، كالنساء والمثليين والعابرين جنسياً والمهاجرين واللاجئين وأصحاب البشرة الملونة.وهنا، قررت "ميتا" إنهاء العمل ببرنامج التحقق من الأخبار في الولايات المتحدة، بشكل يعكس تحولاً كبيراً في دور شركات التكنولوجيا، على المستوى السياسي والإعلامي. وجاءت تصريحات زوكربرغ مع روغان لتوضح طبيعة ذلك التحول بالإشارة إلى أن وسائل الإعلام المستقلة غير صادقة، في تكرار لما يقوله ترامب شخصياً وبقية الأصوات اليمينية المتطرفة حول العالم، من مارين لوبين في فرنسا، إلى حزب "البديل من أجل ألمانيا" في ألمانيا، ومن خلفهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.وفي المقابلة نفسها، انتقد زوكربرغ شركة "آبل" لافتقارها للابتكار واعتمادها سياسات اقتصادية قاسية مثل فرض رسوم مرتفعة على المطورين، مشيراً إلى أن "آبل" لم تُقدم شيئاً جديداً منذ عهد ستيف جوبز، بل أصبحت تركز على استنزاف المستخدمين والشركات الأخرى. والمضحك أن ذلك الانتقاد يعكس حالة "ميتا" نفسها، التي انتقلت من الترويج لرؤية مثالية لمجتمع عالمي إلى سياسات تخدم الهيمنة والبقاء داخل النظام التقليدي.على سبيل المثال، تحول زوكربرغ من شخص يروج لحرية التعبير إلى اعتماد قرارات مثل تخفيف القيود على المحتوى، ما سمح بانتشار المعلومات المضللة وخطاب الكراهية لاسترضاء الأطراف السياسية والاقتصادية المؤثرة في هذه اللحظة التي تشهد فيها الولايات المتحدة تحديداً انقساماً حاداً بين الجمهوريين والديموقراطيين.إلى ذلك، تظهر تجربة إيلون ماسك مع منصة "إكس" التي استولى عليها قبل سنوات وقادها للخراب، جانباً آخر من ذلك التحول. فعندما استحوذ ماسك على "تويتر" وعد بتحقيق حرية تعبير مطلقة وخلق ساحة رقمية أكثر انفتاحاً. لكن جاءت القرارات التي اتخذها ماسك بنتائج معاكسة، حيث خفض قواعد الإشراف على المحتوى بشكل كبير، ما أدى إلى زيادة انتشار خطاب الكراهية والمعلومات المضللة. في الوقت نفسه، سعى ماسك إلى تعزيز الإيرادات من خلال فرض رسوم على التحقق وإعلانات الشركات، وهي خطوات أثارت انتقادات بأنها تضع الربحية فوق القيم التأسيسية للمنصة، فيما انسحب ملايين المستخدمين والمعلنين من المنصة التي باتت وكراً للسموم.والمخيف في تلك التحولات أن رجالاً قليلين باتوا يتحكمون في المعلومات حول العالم لأن مواقع التواصل غيرت الطريقة التي تنتشر بها المعلومات، ويصبح أولئك الأفراد ومصالحهم مؤثرين في الملايين، لامتلاكهم أمر منصات النقاش على الكوكب، ولا يؤثر ذلك في السياسة وحدها، بل يمتد ليشمل الثقافة والفنون وأسلوب الحياة عبر ما يتم عرضه واستقباله بسهولة عبر الهواتف الذكية التي تحدد أولويات الأشخاص وطريقة رؤيتهم للعالم.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top