في حديث مؤثر، عبّرت والدة الناشط غياث مطر عن مزيج من الفخر والحزن العميق على فقدان ابنها وشقيقيه أنس وحازم، الذين اختفوا قبل أكثر من عشر سنوات، ولم يكتشف مصيرهم حتى الآن.
وقالت السيدة في لقاء مع قناة "الجزيرة": "غياث مطر، الذي عرف بإنسانيته وشجاعته، أصبح رمزأً للثورة السورية التي طالبت بالحرية والكرامة"، متحدثة عن الطرق السلمية التي كان يتبعها مطر عندما خرج ضد نظام بشار الأسد في بداية الثورة السورية العام 2011، وكيف كان ورفاقه يكتبون عبارات تدعو السلام على البالونات و يطلقونها في السماء، وأن شعارهم في البداية لم يكن دعوة لإسقاط النظام أو العنف، بل كان بسيطاً: "بدنا كرامتنا". وأكدت أن الثورة السورية لم تكن ثورة جياع، بل ثورة الكرامة وهذا الهدف الأسمى الذي ضحى من أجله غياث ورفاقه، وأن ما يحتاجه الشعب السوري الآن هو العدالة والحرية، بعيداً من الخوف والتهديد، مضيفة أن عائلتها مقتدرة مالياً منذ زمن طويل ولم تكن مشاركتها في الثورة من أجل خفض الأسعار، كما يحصل اليوم، وأن غياث كان يمتلك منزلاً وسيارة في ذلك الوقت، وكان هدفه من الثورة هو الحرية. وولد مطر العام 1986 في مدينة داريا بريف دمشق، وبرز كناشط سلمي في بداية الثورة السورية العام 2011، حين اشتهر بتوزيع الورود والماء على جنود النظام كرمز للسلام والمطالبة بالحرية ليطلق عليه لقب "غاندي سوريا" نظراً لنهجه السلمي في مواجهة القمع. واعتقل مطر من قبل قوات الأمن السورية في 6 أيلول/سبتمبر العام 2011، وبعد أربعة أيام، سلم جثمانه إلى عائلته وفيه آثار تعذيب وحشية. وأكدت والدته أن أعضاءه الداخلية تمت سرقتها خلال التعذيب، حيث أجريت له عمليتان جراحيتان من دون تخدير. مشيرة إلى أن قتله كان جريمة تهدف إلى جعل غياث "عبرة" لبقية شباب داريا، لكن بدلاً من ذلك، أصبح استشهاده دافعاً إضافياً للمقاومة. وتسبب مقتل وصور جثته المشوهة باستنكار وغضب واسع آنذاك، وشهدت مدينة داريا إضراباً عاماً، وأقيم مجلس عزاء حضره وفود من المدن والبلدات السورية والمثقفين والفنانين وسفراء الولايات المتحدة وفرنسا واليابان وألمانيا والدنمارك. وقامت قوات الأمن بتفريق العزاء بعد مغادرة السفراء على الفور. وتحدثت والدة مطر عن اللحظة التي عادت فيها إلى داريا لزيارة قبره، لكنها صدمت عندما وجدت أن القبر جرف بالكامل من المقبرة، مؤكدة أن قوات الأمن كانت تراقب القبر لفترة طويلة بعد مقتله لمنع العائلة من استخراج الجثمان وإجراء تحقيق طبي شرعي يكشف تفاصيل الجريمة. وأعربت والدة مطر عن أملها في رؤية باقي أبنائها المختفين، أنس وحازم. لكنها أوضحت أن تلك اللحظة التي انتظرها الجميع تحولت إلى فرحة "بطعم القهر"، حيث مازال مصير الآلاف من المعتقلين مجهولاً. واختتمت حديثها بتمنيها أن تعيش سوريا في سلام وأمان، وأن يتمكن السوريون من قول كلمة الحق من دون خوف. وقالت: "لن أنسى صوت غياث في التظاهرات عندما كان يقول الموت ولا المذلة". في السياق زار الباحث والسياسي السوري الذي عرف بمواقفة المعارضة لنظام الأسد، رضوان زيادة، عائلة مطر بعد وصوله إلى دمشق من الدوحة الأسبوع الماضي، ورافقه في الزيارة مدير منظمة الخوذ البيضاء رائد الصالح، حيث تحدثوا لوالدة الشهيد عن مواقف مطر المشرفة وقدموا عزاءهم لها.