أطلقت مجموعة من ناشطي المجتمع المدني مبادرة في مواقع التواصل الاجتماعي لتوقيع رسالة موجهة إلى قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، تتضمن رؤيتهم لواقع البلاد.
واستهل الناشطون رسالتهم، التي وقع عليها أكثر من 2000 شخص، بشكر القيادة على "مساهمتكم العظيمة والمشرفة في تطهير البلاد من نظام الطغمة المتوحشة الفاسدة، ولأداء رجالكم المسؤول والراقي عموماً في التعامل مع الخصوم والمختلفين، بغض النظر عن الممارسات الفردية الخاطئة هنا وهناك". وقال الناشطون أنه "بعد انقضاء أكثر من شهر على وجودكم على رأس السلطة، وظهور العديد من المؤشرات المقلقة بخصوص المرحلة الانتقالية ومستقبل البلاد، رأينا من واجبنا أن نوصل لكم صوتنا ورأينا في بعض النقاط الحساسة والمصيرية التي من شأنها أن ترسم حاضرنا ومستقبلنا، آملين منكم التفضل بالاطلاع والاهتمام". وأشارت الرسالة إلى أن البلاد تعيش "حالة من الغموض والفراغ الدستوري والتشريعي، ولا يعرف السوريون ماذا ينتظرهم. فباستثناء الكلمات العامة المطمئنة التي تصدر عنكم وعن بعض المسؤولين في حكومتكم، لم يتم الإعلان عن أي برامج أو خطط واضحة للمرحلة، ولا آليات مفهومة لاتخاذ القرارات والتعيينات وغيرها، بل فقط تعليمات شفهية، ولا أي مصدر رسمي للمعلومات يمكن الرجوع إليه". وأوضحت الرسالة أن من الخطورة "أن تطول حالة الفراغ التشريعي، ولا بد من صدور صك دستوري يحدد الأسس والقواعد والهياكل التي تحكم المرحلة الانتقالية وطريقة إدارتها، من دون أن تتجاوزها إلى ما يتعلق بهوية الدولة ومستقبلها. هذا الصك سينظم المرحلة الانتقالية، ويضمن الحقوق والحريات، ويزيل مخاوف الناس، ويقطع الطريق على الإشاعات والتأويلات والمتربصين". ورأى الموقعون أن "المؤتمر الوطني المزمع عقده هو الخطوة التأسيسية الأولى والأهم والأبعد أثراً في حاضر البلاد ومستقبلها، لأنه يرسم ملامح الدولة الجديدة، وعلى مخرجاته ستُبنى كل القرارات والخطوات الرئيسة التي تليه، ومنها انتخاب الجمعية التأسيسية وكتابة الدستور، لذلك لا بد من الإعداد له وعقده بمنتهى الحرص والتأني والمسؤولية. والاستعجال غير المدروس في عقده سيؤدي إلى أخطاء تجرح مصداقيته وشرعيته وتجرح مخرجاته، وتجرح كل ما يُبنى عليها من خطوات لاحقة. وسيتحول المؤتمر من عامل استقرار وتقدم، إلى عامل خلاف وشقاق ونزاعات لا يُعرف لها نهاية"، مقدمين مجموعة من التوصيات من أجل الوصول للدولة المدنية الديموقراطية. في سياق منفصل، أطلقت منظمات غير حكومية سورية، بياناً موجهاً للسلطات الجديدة أيضاً، جاء فيه: "نحن عائلات المغيبين وروابط ضحايا الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري في ميثاق الحقيقة والعدالة والمنظمات الحقوقية الشريكة، نتوجه إليكم بهذا البيان لنعبر عن رفضنا الحاد والقاطع لطريقة التعامل مع ملف المفقودين والمخفيين قسراً، والمعتقلين في سوريا". وطالب البيان السلطات الحالية "بإعطاء هذه القضية الأولوية القصوى، كونها لا تمثل شأناً إنسانياً وماضياً مؤلماً عانت منه كل عائلة في سوريا وحسب، وإنما تعد محوراً أساسياً لتحقيق العدالة والإنصاف والسلم الأهلي في سوريا الجديدة". وأكمل البيان: "ناضلنا لسنوات طويلة بكل ما نملك من وسائل، ومن كل زاوية من العالم للمطالبة بالحرية والعدالة والإنصاف لكل معتقلة ومعتقل من أحبائنا في سوريا، وعملنا على مقاومة نسيان العالم وتجاهله لمن أسكتت أصواتهم بسلاح الإخفاء القسري والتعذيب الممنهج، ولمن ضحوا بحياتهم وحريتهم من أجل الوقوف في وجه الاستبداد. إن مأساتنا المستمرة منذ سنين، والتي أملنا بانتهائها منذ اللحظات الأولى لفتح أبواب السجون والمعتقلات، لم تستمر فقط لأننا لم نرى وجوه أحبتنا بين المفرج عنهم، لكنها تعاظمت ونحن نشاهد الإهمال والفوضى اللذين لحقا سقوط نظام الطاغية، حيث تركت مسارح الجرائم المتمثلة بالسجون والفروع الأمنية والمستشفيات العسكرية، وغيرها من المرافق المتعلقة بالملف والتي تحوي وثائق وأدلة مرتبطة بمصائر أحبتنا، عرضة للعبث والسرقة والإتلاف". وأكمل البيان أن الإدارة الجديدة "لم تكلف نفسها بالقيام بواجبها بالتواصل أو توفير معلومات أو توجيه خطاب مباشر لنا كعائلات المعتقلين والمغيبين، بل تُركنا لوحدنا لنبحث عن أي معلومة عن أحبابنا عبر وسائل التواصل أو في الوثائق التي تُركت مرمية على أرض السجون وخارج فروع الأمن في دمشق وسواها، ما جعل العديد منا عرضة للمعاناة والاستغلال وانتشار الإشاعات والأخبار المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي زادت من حجم الضياع والألم الهائل الذي عشناه لسنوات طويلة". واستدرك البيان: "ندرك أن معالجة قضية المختفين قسراً في سوريا بحجمها الهائل، تحتاج إلى تكاتف الجهود الوطنية والدولية لوضع رؤية واضحة ومشتركة لكشف مصير من فقدناهم وتحقيق العدالة للضحايا ومحاسبة المجرمين، لكننا ندعو لاتخاذ خطوات عاجلة يتوجب تنفيذها اليوم وبشكل عاجل قبل فوات الأوان".