شهدت وسائل التواصل الاجتماعي مؤخراً تدفقاً ملحوظاً لمنشورات منظمة وذات نشاط مكثف، تظهر مؤشرات واضحة على كونها جزءاً من حملات دعائية تديرها حسابات تسعى لتلميع صورة النظام المخلوع في سوريا وتشويه صورة السلطات الجديدة التي تولت المسؤولية بعد انهياره.
ولاحظت منصة "مسبار" المتخصصة في تدقيق المعلومات، أن العديد من الحسابات التي تفحصها والتي كانت تسعى إلى تحسين صورة النظام السوري المخلوع ونشر معلومات مضللة حول التطورات في سوريا، اعتمدت استراتيجيات متنوعة لزيادة صدقيتها وتأثيرها. وحللت المنصة شكل الارتباط والتفاعل بين الحسابات ووجد أنها تعمل بشكل مشابه.وفي حين أن بعض الحسابات كان حديث الإنشاء، الأمر الذي قد يثير شكوك المتابعين، تبنى بعضها في الحملة مؤخراً نهجاً مختلفاً يتمثل في تفعيل حسابات قديمة الإنشاء، لكنها كانت خاملة سابقاً. وأعطى هذا الأسلوب للحملة مظهراً أكثر موثوقية، فيبدو وكأن هذه الحسابات كانت موجودة منذ سنوات طويلة وتنشر آراء متسقة، ما يزيد من تأثير الرسائل التي تسوقها.على سبيل المثال، رصدت المنصة حساباً يدعى "Syrian Activists"، يروج بانتظام لمعلومات مضللة تخدم بروباغندا نظام المخلوع بشار الأسد. وأشارت البيانات الأولية إلى أن الحساب تم إنشاؤه العام 2013، ما يمنحه مظهراً أصيلاً وموثوقاً، وكأنه يعبّر عن وجهة نظر ناشط سوري عادي. إلا أن التدقيق في نشاط الحساب يكشف عن قصة مختلفة تماماً.ولوحظ أن نشاط الحساب إلى جانب حسابات أخرى تعمل وفق النمط نفسه، بدأ يتزايد مع اقتراب انهيار النظام السوري، حيث تحول إلى منصة لنشر ادعاءات مضادة للسلطات الجديدة وتلميع صورة نظام الأسد. وآخر منشور عثر عليه للحساب يعود إلى 10 تشرين الأول/أكتوبر الماضي فقط رغم إنشائه العام 2013.ومن خلال مراجعة تاريخ الحسابات المرتبطة بالشبكة المشبوهة، لوحظ وجود نشاط واضح في دعم نظام الأسد قبل سقوطه، ما يثير شكوكاً قوية حول صدقية المعلومات التي تنشرها هذه الحسابات بشأن التطورات السورية. يعود ذلك إلى الانحياز الواضح لهذه الحسابات، الذي ينبع من أحكام مسبقة وتوجهات سياسية تخدم مصالح النظام المخلوع.وأظهر التحقيق أن العديد من الحسابات المرتبطة بالشبكة كان نشطاً في الترويج للنظام حتى قبل سقوطه، بينما أنشئت حسابات أخرى حديثاً بعد انهيار النظام لمواصلة ترويج السرديات نفسها. على سبيل المثال، إلى جانب حساب الناشط الأسدي كيفورك ألماسيان وحساب "Syrian Girl"، كان حساب "Syrian Activists" من بين الحسابات التي نشرت محتوى مؤيداً للنظام وتبنت وجهة نظر مضادة للمعارضة السورية.وتميزت منشورات هذه الحسابات بلون واحد من السرديات المنحازة والمعلومات التي تروج لروايات النظام، ما يعكس أسلوباً دعائياً يتشابه مع أساليب حملات البروباغندا الممنهجة. هذا النمط الموحد من النشر يعزز الشكوك أن هذه الشبكة لا تركز على نقل وقائع التطورات السورية بحيادية، بل تقود حملات سياسية لصالح نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
ووجدت "مسبار" بتفحص نشاط شبكة حسابات مؤيدي الأسد، نمطاً واضحاً يعكس عملاً منظماً بأسلوب الجيوش الإلكترونية. ورأت أنه من الواضح أن الشبكة عمدت إلى إنشاء حسابات وهمية وصديقة تعمل على تضخيم التفاعل مع المحتوى المضلل، ما يمنحه مظهراً زائفاً من الصدقية. كما تبين بالفحص أن غالبية هذه الحسابات مرتبطة، تفاعلاً ومُتابعةً، ببعضها البعض، تحديداً من ناحية ارتباطها الواضح بحساب الناشط السوري كيفورك ألماسيان، الذي اشتهر بقيادته حملات دعائية مكثفة لدعم نظام بشار الأسد في السنوات السابقة.وألماسيان وهو ناشط بارز في شبكة مؤيدي الأسد عرف أيضاً بتعاونه مع حزب "البديل من أجل ألمانيا" (AfD) اليميني المتطرف، إضافةً إلى مواقفه المناهضة للاجئين السوريين. كما ظهر اسم ألماسيان في وثائقي "بعنوان "البحث عن جلادي الأسد"، حيث أثيرت مزاعم حول ارتباطه بفروع أمنية للنظام السوري. وأفادت صحيفة "دي فيلت" الألمانية في كانون الثاني/يناير 2021 بسحب صفة اللجوء منه.