2025- 01 - 15   |   بحث في الموقع  
logo عدوان: مطلبنا الأساسي أنّ تكون خطة الحكومة خطاب القسم logo كنعان: المطلوب أن نتشارك جميعاً في انقاذ البلد logo مؤشرات إيجابية ومؤتمر اقتصادي... هل تعود الاستثمارات إلى لبنان؟ logo أصوات حمصية: قصص مؤلمة عن الفلتان الأمني...و"الإدارة" تبدأ الاستجابة logo الجيش يفتح طريق عيترون وجولة للجنة الاشراف جنوباً logo انتقادات حادة لـ نيمار.. ما السبب؟ logo باسيل: لم نُطالب بأيّ وزارة ومستعدون للمساعدة logo الدفاع الروسية: ضربنا أهدافاً حيوية في البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا
"ثوار 25 يناير": فانتازيا سورية
2025-01-15 09:55:43


وسط رسائل الطمأنة الصادرة عن دمشق إلى دول المنطقة والعالم، وبالأخص المشددة على أن سوريا لن تكون منصة لتصدير ثورة إسلامية، يعلن المصري أحمد المنصور المقرب من هيئة تحرير الشام عن تنظيم مسلح لإسقاط نظام الحكم في مصر تحت اسم "حركة ثوار 25 يناير". يجلس المنصور على طاولة مكشوف الوجه وأمامه مسدس وحيد، ويصطف على يمينه ملثمان وعلى يساره اثنان آخران. ويتوزع في مقدمة المشهد وخلفيته عدة أعلام خضراء يزينها الهلال وثلاثة نجوم. علم الملكية هنا لا يمكن تصوره سوى كحلية ملفقة تجمع بضعة عناصر متنافرة، رمزيات إسلامية عارضة في الهلال واللون الأخضر، وكذا ادعاء صلة ما بالتاريخ المصري من منطلق معادٍ لدولة الضباط الأحرار. ثمة محاولة لاستنساخ التجربة السورية فيما يتعلق بطرح علم بديل يلتف حوله المحتجون. لكن وبينما خرج علم الثورة السورية من الاحتجاجات الجماهيرية، يظهر علم الملكية المصرية هكذا فجأة من العدم، أو هو بالأحرى تفصيل ديكوري في استوديو تصوير متواضع الإمكانيات.لا يمكن الجزم إن كان الإعلان الذي خرج على الأغلب من الأراضي السورية، قام المسؤولون عنه بتنسيق إطلاقه مع سلطة الأمر الواقع في دمشق أم لا. من جهة السلطة في دمشق، وهي الساعية للاعتراف من القريب والبعيد، يظهر الإعلان الصبياني في تفاصيله وإخراجه مجرد بادرة لعداوة مجانية غير مرغوبة، كون الخصومة في هذا الحالة لا تقتصر على القاهرة وحدها بل تتوسع بالتبعية إلى دول الجوار العربي كله وأبعد. أما بالنسبة للنظام المصري، فيأتي الإعلان عديم الأثر بالمرة على أرض الواقع ليضخ دماء جديدة في ماكينة بروباغندا الخوف. والحال، أن التنظيم الافتراضي يوفر ثلاثة صكوك تزكي خطاب السلطة. أولاً أن مصر تواجه خطراً داهماً ومزمناً يهدد بسقوط الدولة، هو الإرهاب بتعريف النظام ومحاكمه التي تلصق تلك التهمة بكل خصومه، أو بمعنى أدق، هو خطر مسلح تحركه إيديولوجية إسلامية جهادية. ثانياً، ثمة مؤامرة مصدرها الخارج تقف وراءها قوى إقليمية ودولية. وأخيراً يمكن ربط حالة الاضطراب تلك بثورة يناير التي ينسب لها رأس النظام بشكل متكرر كل خراب العقد الماضي.هكذا لا تتضرر السلطة في مصر من تلك الفقاعة الدعائية، بل تقوم بالنفخ فيها إعلامياً، وبها تثبت لنفسها وللآخرين صحة تحفظها إزاء التغيرات المفاجئة في سوريا. ويحدث هذا بينما ينهمك الجهاز القضائي المصري في موجة جديدة وواسعة من إعادة تدوير السجناء السياسيين ممن قضوا أحكام طويلة على ذمة قضايا أخرى.والحال، أن العنف المسلح ليس محض خيالات مرضية تروجها الآلة الدعائية للدولة أو خصومها. بل شهدت البلاد خلال العقد الماضي ما يمكن تسميته من دون الكثير من المبالغة، حرباً أهلية مصغرة وصامتة في شبه جزيرة سيناء، وبشكل أقل حدة بطول الحدود الغربية الممتدة مع ليبيا، الجارة غير المستقرة. وفي خضم هذا الصراع الدموي والمأساوي والذي حصد بضعة ألوف من القتلى وعشرات الألوف من النازحين والمهجرين قسراً، نالت مصر حصتها من تنظيم يحمل راية الدولة الإسلامية على أرضها. وعلى غير ما تروج له السلطة، لم يكن هذا العنف المسلح نتاج لهزة يناير التي ضربت أساسات الاستقرار، وأنما له تاريخ سابق عليها بوقت طويل، حيث شهد عقدا الثمانينات والتسعينات تمردات مسلحة متوطنة في صعيد مصر، وأحياناً ما وجد العنف طريقه ليتسرب إلى شمال الوادي وانتشرت ببطء في العاصمة والمراكز الحضرية، وكان من بين علامات تلك الحقبة جيوب الإمارات إسلامية في الأحياء المدينية المعدمة، والضربات الخاطفة التي استهدفت الأقباط والشرطة والسياحة، وبوتيرة متفرقة، المثقفين والفنانين. وفي كل تلك المعارك في الماضي القريب أو البعيد، انتصرت الدولة بشكل مظفر وخرجت أكثر تماسكاً وبطشاً وهيمنة. ولم يتقدم الحراك الاحتجاجي السلمي سوى بعد خفوت صوت الرصاص لوقت كافٍ.لكن "حركة ثوار 25 يناير" لا تنتمي إلى هذا الرصيد الموثق من التمرد الجهادي. فعلى عكسها جميعاً، يأتي الإعلان من الخارج ومن بلد ليس له حدود مباشرة مع مصر. الإعلان عن التنظيم أشبه بحفلة تنكرية لملثمين مع سلاح وحيد وأعلام كرنفالية، تلهمها فانتازيا جهادية بمنطق القص واللصق. فبعد أن يأس الجميع في مصر من أحلام الثورات الملونة، ومن إعادة إنتاج يناير باستدعاء الجماهير للشوارع مرة بعد أخرى بلا نتيجة، لم يبقَ لهؤلاء سوى التمني... أن تكون مصر سوريا أخرى.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top