2025- 01 - 15   |   بحث في الموقع  
logo الإحباط الشيعي..أطلقه محمد رعد وتغذيه "القوات" logo سلام "يمدّ اليدّ" لحكومة كفاءات: المستقبل يبدأ الآن logo "الثنائي" يقاطع الاستشارات أم الحكومة؟ logo حزب الله يفكك ميليشياته بسوريا ويتخلى عن مقاتليه السوريين logo قتلى وأسرى ومخطوفين.. ماذا حصل في ريف جبلة؟ logo هؤلاء افتعلوا حرائق أميركا الكارثية!..(جهاد أيوب) logo جريمة قتل مروعة في لبنان.. إليكم التفاصيل logo "العربي الجديد" ينشر تفاصيل الاتفاق المرتقب بين حماس وإسرائيل
"في ظلّ بيروت"...ليس للبعض سوى غريزة البقاء
2025-01-14 12:55:47

سناء، أرملة سورية - فلسطينية لاجئة تعيش في مخيم شاتيلا في بيروت، بعد فرارها من الحرب في سوريا، تحاول تربية أطفالها الثلاثة. وفيما تندب عدم قدرتها على إرسالهم إلى المدرسة بسبب نقص الوسائل، يعمل "أبو أحمد"، طفلها الصغير ذو العيون الداكنة والبالغ من العمر 8 سنوات، لمساعدتها لمدة 14 ساعة في اليوم في كشك للعصائر، تحت نظر صاحب الكشك، أبو عسلي، الذي يمنحه حضوراً أبوياً مفقوداً. أيمن كجيجة، أبٌ لخمسة أطفال، صاحب متجر متواضع، يسعى بشكل عاجل إلى تزويج ابنته سناء البالغة من العمر 13 عاماً. لكن الخطوبة تتحوّل فشلاً عندما يكشف صهر المستقبل طبيعته الملتوية. عبّودي زيّاني، سجين سابق، يحبّ ابنه علي، المولود لتوه، ويأمل أن يمنحه "سبب حياته" والقوة للعثور على الطريق الصحيح والحلم بمستقبل أفضل له. إلا أنه في لبنان المنكوب ببطالة جماعية، يخشى أن وظيفته الهشّة كرسّام وَشم لن تكون كافية لتحقيق معجزة. عائلة ضاهر، المنتمية إلى مجتمع الدوم (غجر لبنان ويسمّون أيضاً "النَّوَر") والمحرومة من الجنسية، تكافح من أجل علاج طفلتها ساريا، التي تعاني مرضاً جلدياً خطيراً، لكن الطفلة الصغيرة تُحرم من أي مساعدة طبية.بهذه الشخصيات، يرسم الفيلم الوثائقي "في ظلّ بيروت"(*) للمخرجين ستيفن جيرارد كيلي وغاري كين، بورتريه للبنان معاصر تقوّضه الأزمات ولا تُميته، يتشكّل من خلال عيون أربع عائلات تعيش في مخيم شاتيلا، وتكافح للبقاء وسط انهيار اقتصادي خانق. بعد ثلاث سنوات من كارثة انفجار مرفأ بيروت، والانهيار السياسي والاجتماعي الذي تسبّب فيه، يرسم الفيلم، بين العامين 2018 و2022، صورة مؤثرة لأربع عائلات تعيش في أشدّ حالات البؤس في شاتيلا. أصبح هذا المخيم الفلسطيني السابق، الذي أخذ شهرته بسبب مجازر العام 1982، أحياء تعاني فقراً مدقعاً وظروفاً غير صحية. وما عاد المخيم حكراً على اللاجئين الفلسطينيين، بل يتكدّس فيه نازحون ولاجئون متعددو الجنسيات، إضافة إلى عديمي الجنسية والمهجرون، كلهم سوية منذ عقود، في شوارع تغزوها القمامة والجرذان. "نحن حوالى 30 ألف شخص، في مساحة كيلومتر مربع واحد. نشعر وكأننا غير مرئيين"، يشكو أحد سكّان المخيم. توفّر صور المسيّرات أدلة فوتوغرافية لدعم هذه الأرقام: تكشف كثافة المباني المزدحمة مجتمعاً بالكاد يخترقه الضوء. يسود الظلام ليلاً ونهاراً. أرواح السكّان قاتمة بالقدر نفسه.في لبنان رازحٍ تحت وطأة توتّر خانق، وفساد والتهاء حكّامه، يعاني هؤلاء المهمّشون، "بؤساء" القرن الحادي والعشرين، من العواقب الكاملة للأزمة الاقتصادية وجائحة كوفيد-19 والتدفّق المستمر للاجئين إلى البلاد. بين فوضى وتحايل على الحياة وبصائص أمل وآفة مخدرات، غوصٌ في نضالهم اليومي من أجل البقاء. ينسج هذا الإنتاج الإيرلندي اللبناني، قصصاً مأسوية قاتمة عن رفض البلد وعدم قدرته على دمج أكثر سكانه ضعفاً: أرملة مع ثلاثة من أطفالها السبعة (الأربعة الآخرون في عداد المفقودين)، وطفلة صغيرة نحيفة يغطّي جسدها طفح جلدي، وأمّ تبكي طفلها الميّت خلال عيد الفطر، وسلسلة طويلة ممن خذلهم النظام. لبنان، الظاهر هنا، بلد لا يستطيع/لا يرغب في دمج أولئك الذين لا يناسبون القاعدة: سجين سابق غير قادر على الحصول على وظيفة أو تعليم أو حتى رخصة قيادة بسبب إدانته بالمخدرات. يعمل في وظائف غريبة مقابل أجر زهيد. يشكو رجل سوري متزوج، من أنّ أطفاله لا يمكنهم الحصول على الجنسية اللبنانية، على الرغم من ولادتهم على أرض لبنانية لأمّ لبنانية (هذا لأن الجنسية تحدّدها الأبوة). ولجعل الأمور أسوأ، يعلن التلفزيون أن معدل الفقر في البلاد ارتفع من 42٪ إلى 82٪ في غضون بضع سنوات فقط.
أُنجز الفيلم قبل العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان، وللمتفرّج تخيُّل لو أن صنّاعه عادوا إلى أبطاله ومواقعه لمعاينة مدى تردّي أحوالهم بعد ما لاقوه من همجية الاحتلال وإجبارهم على النزوح مجدداً. ورغم أن الفيلم يشهد ببراعة على بؤس سكّان شاتيلا، إلا أن الجانب التاريخي (لا سيما مجازر 1982) وثقل السياسات الحكومية الفاشلة، لم يُناقشا إلا قليلاً لفهم الأسباب وتحديد الجناة. وبالمثل، لا يعود الفيلم أبداً إلى انفجار المرفأ الذي يفتتح به. هناك بعض الانتقادات القاسية، لكن الغامضة للغاية للحكومة، والتي تفشل في تنوير المشاهدين. ولهذا، فـ"في ظلّ بيروت" ليس فيلماً تعليمياً إطلاقاً.لا ينقل هذا الفيلم أي شعور بالفرح، أو الأمل، أو روح الدعابة. نتعلّم أن "الطائر المسجون في قفص لا يمكن تحريره"؛ رمزية لا تلهم هذه الأرواح التعيسة. بينما تضيف الموسيقى التصويرية الكئيبة الحزينة، طبقة أخرى من البؤس إلى القصص المأسوية. هناك محاولة لتصحيح هذا في الدقائق العشر الأخيرة من الفيلم عندما يجرؤ بعض الشخصيات في النهاية على الحلم وإيجاد نوع من الخلاص. يرى السجين السابق، الجمال في وطنه بينما يستحمّ طفله الحبيب في البحر الأبيض المتوسط. لكن هذا قليل جداً ومتأخر جداً. وبحلول هذه النقطة، يكون المشاهدون قد استُنزفوا عاطفياً، وتعرّضوا لضغوط شديدة لمدة 90 دقيقة تقريباً.يقدّم المخرجان فضحاً مقنعاً للفقر في "دولة شرق أوسطية مألوفة". ويبتعدان عن شخصياتهما، ويختاران نهج المراقبة، ولا يظهران أمام الكاميرا أبداً أو حتى يتفاعلان مع الناس من خلفها. النتيجة مظلمة وباردة للغاية، في فيلم يفتقر إلى العفوية. تُسرد تعليقات صوتية من قبل بعض الشخصيات، لكنها تبدو مفتعلة أو ربما مكتوبة سلفاً. بعض التفاعلات لا يبدو طبيعياً تماماً.وفي حين أن الفيلم نفسه لا يجمّل الفقر، إلا أن الصورة الموجودة أعلى هذه المقالة (والمستخدمة في ملصق الفيلم، وفي معظم مواده التسويقية) تفعل ذلك بوضوح. انزلاقٌ مؤسف إلى بورنوغرافيا الفقر، في عملٍ حاول - بُحسن نيّة وإسراف عاطفي أحياناً - تعزيز التعاطف من خلال التقاط واقع قاتم.(*) شارك الفيلم أخيراً في الدورة الـ15 من مهرجان "كرامة" 2024 لأفلام حقوق الإنسان، في العاصمة الأردنية عمّان. اختارته ايرلندا لتمثيلها في جوائز أوسكار أفضل فيلم روائي طويل دولي 2024، وشاركت في إنتاجه وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلارى كلينتون وابنتها تشيلسي كلينتون.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top