2025- 01 - 13   |   بحث في الموقع  
logo مفاوضات غزة تحت ضغط ترامب.. والتركيز على إنهاء الحرب logo الحكومة السورية والاقتصاد الجديد: رسوم جمركية موحدة وإلغاء الدعم logo الحدود الشرقيَّة بين لبنان وسوريا: هل حان أوان الترسيم؟ logo جوزاف عون: "الشهابية" بنسخة عربية-دولية تستبدل الطبقة السياسية logo الحكومة الجديدة واستحقاقات ما بعد الحرب: أي سياسة اقتصادية؟ logo ابراهيم منيمنة: أعلن سحب ترشحي logo بايدن يشدد لنتنياهو على "الحاجة الفورية" لوقف إطلاق النار logo برشلونة يُهين ريال مدريد بخماسية و يُحرز كأس السوبر الإسباني
جوزاف عون: "الشهابية" بنسخة عربية-دولية تستبدل الطبقة السياسية
2025-01-13 00:25:40


عندما عاد ميشال عون من منفاه الباريسي في العام 2005 كان يسعى إلى تحقيق كل ما لم يتوفر له. مدّ شعبي واسع لبناني عموماً ومسيحي خصوصاً. الاستفادة من وضعيته كقائد سابق للجيش شكّل حيثية شعبية كبيرة. وخطاب إصلاحي تغييري تبنى فيه وجهة نظر الانقلاب على الطبقة السياسية التي بقي يهاجمها ويتحالف معها. لم تتوفر الظروف التي أرادها عون باستثناء تنقله ما بين التحالفات وصولاً إلى رئاسة الجمهورية، فانفجرت ولايته على محطات متتابعة، من الأزمة مع دول خليجية وغربية، إلى انقسام داخلي كبير، وصولاً إلى لحظة الانهيار المالي والاقتصادي وانفجار الثورة التي رفعت شعار تغيير الطبقة السياسية برمّتها. في حينها برز دور استثنائي لقائد الجيش جوزاف عون، الذي حمى الثورة ورفض الأوامر السياسية بالتصدي لها، وعندها هتف كثيرون باسمه كمرشح لرئاسة الجمهورية، بينما رُفعت بعض الشعارات في الشوارع داعية الجيش للقيام بانقلاب يقوده جوزاف عون.
متطلبات الخارج ومطالب الداخل
كل ما لم يتوفر لميشال عون، أتت ظروفه وفرصه إلى ما بين يدي جوزاف عون، والذي يمكن الاعتبار أنه كان مرشحاً ثابتاً للانتخابات الرئاسية منذ العام 2019، وقد جرى التمديد له في موقعه كقائد للجيش للحفاظ على ترشيحه وانتقاله من اليرزة إلى بعبدا، مدعوماً بجو إقليمي دولي، مع خريطة طريق جامعة ما بين متطلبات الخارج وشروطه ومطالب الداخل. نظر كثر إلى جوزاف عون بأنه أمل جديد لضرب الطبقة السياسية في لبنان، وهي الطبقة التي أُجبرت على انتخابه. ولا بد من العودة إلى حكاية انتخابه، ومحاولة استشراف ملامح عهده وما سيُكرّس لما بعده.
عملياً لم يكن ترشيح جوزاف عون وليد لحظته، ولا بسبب الحرب الإسرائيلية على لبنان والحاجة إلى تعزيز دور الجيش في ضبط الأمن والاستقرار وتعزيز وضعيته في الجنوب. بل ترشيحه سابق على كل هذه الأحداث، إلا أن التطورات العسكرية أسهمت في تعزيز حظوظه. في خضم اشتداد الحرب الإسرائيلية على لبنان وبعد اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، سجّل اجتماع ثلاثي في عين التينة ضم رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، والرئيس السابق للحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط. كان الاجتماع مخصصاً للبحث في تبني ترشيح قائد الجيش لرئاسة الجمهورية، تحت عنوان الذهاب نحو الخيار الثالث. كان ميقاتي أحد أكثر عرابي وجهة النظر هذه، والتي لم يكن حزب الله وحركة أمل قد اقتنعا بها. فيما كان التقاطع الخارجي يفيد بإيصال جوزاف عون لرئاسة الجمهورية وعودة ميقاتي إلى رئاسة الحكومة. لم يكن جنبلاط ممانعاً لا سيما أنه كان قد طرح اسم عون لرئاسة الجمهورية منذ ما قبل الشغور الرئاسي. لكن برّي تريث ورفض واعتبر أن هناك محاولة خارجية لفرض انتخاب عون كترجمة لوقائع عسكرية وتقريشها سياسياً، وحينها برز كلام عن رفض تكرار تجربة العام 1982، أي أن يتم انتخاب رئيس للجمهورية بفعل القوة العسكرية الخارجية وتغيّر موازين القوى.
آخر 48 ساعة
على مدى 4 سنوات لم تلتقط القوى السياسية المختلفة أي إشارة خارجية جدياً، فلم تقدّم أي تنازل جدّي، واستمرّت المعاندة والممانعة، حتى اشتدت الضغوط السياسية، الاقتصادية، واستكملت بمسار عسكري تدميري. ما رُفض منذ أكثر من سنتين، أعيد فرضه مؤخراً. مع الإشارة إلى أن غالبية القوى السياسية لم تكن مؤيدة لوصول عون إلى رئاسة الجمهورية. فخلال الزيارة الأولى التي أجراها الموفد السعودي يزيد بن فرحان إلى لبنان، لم يتبن خيار عون سوى كتلة تجدد، اللقاء الديمقراطي، حزب الكتائب، وعدد من النواب المستقلين، فلم تتوفر الميثاقية المسيحية، ولا الشيعية ولا حتى السنية لهذا الترشيح. تعاطت القوى السياسية من منطلق "انتهاء ترشيح" عون، وبدأ البحث في أسماء أخرى. يوم الثلاثاء أي قبل 48 ساعة على جلسة الانتخاب، بدأ يتبلور تفاهم حول اسم جهاد أزعور كمرشح بديل، وتكثفت الاتصالات بين حركة أمل والتيار الوطني الحرّ. في وقت مبكر من صباح الأربعاء، كاد بعض النواب والكتل يجرون اتصالات تهنئة بأزعور. لكن اللهجة التي تحدث بها المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان والتي انطوت على تحذيرات وتهديدات، بالإضافة إلى عودة الموفد السعودي يزيد بن فرحان، قلبت المقاييس والموازين.
كلمة واحدة أجمع عليها الموفدون الدوليون وهي أن لا خيار بديل لجوزاف عون، وإلا فعلى اللبنانيين تحمّل العواقب. انقلبت الموازين كلها، عقد نبيه بري اجتماعاً لكتلته النيابية، بدا فيها متوتراً، طلب أن يستمع أكثر مما تكلّم، وقال إنها أكثر المرات التي نتعرض فيها لهذا النوع من الضغوط الدولية في سبيل شخص، دول عظمى تمارس الضغوط القصوى ليس في سبيل فكرة أو معادلة بل لأجل شخص واحد، ولا نعلم إذا كنا قادرين على المواجهة. توزعت آراء كتلة التنمية والتحرير. أيد البعض خيار الاتجاه نحو التصويت لعون، لكن برّي لم يبلغهم بقراره النهائي قائلاً إنه سيبلغهم بما يقرره صباح يوم الجلسة.
الثنائي وباسيل
تكثفت الاجتماعات بين حركة أمل وحزب الله، على قاعدة عدم القدرة على التصدّي لهذه الموجة العالية، وعقد أكثر من لقاء وأكثر من تواصل بين موفدين عن الثنائي وعون للوصول إلى تفاهم بشأن التصويت له، وبعدها عمل بري على توفير المخرج للتصويت في الدورة الثانية، وخرج الثنائي ليعلن أنه أبرم اتفاقاً مع عون حول جملة أمور، من بينها التفاهم على رئاسة الحكومة وأن يكون المرشح لها نجيب ميقاتي، التفاهم على وزارة المال والتي يفترض أن تبقى مع الطائفة الشيعية، والتفاهم على التعيينات في حاكمية مصرف لبنان، قيادة الجيش والمديرية العامة للأمن العام، ضمان انسحاب القوات الإسرائيلية من الجنوب، وضمان إعادة الإعمار. خلال المفاوضات حصل تواصل بين بري وحزب الله مع باسيل، فنصحاه بأن يرسل موفداً عنه إلى اليرزة للتفاوض مع عون، لكن باسيل أصر على رفضه. مرحلة جديدة
قضي الأمر، انتخب عون رئيساً، بعد تأخر لأكثر من سنتين. وسط احتضان دولي عربي واضح، يبرز من خلال الزيارات واتصالات التهنئة، ربطاً بالزيارة التي سيجريها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ووزير الخارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية الكويت عبدالله اليحيا إلى لبنان، بالإضافة إلى إعلان عون عن أن وجهته الأولى ستكون السعودية. والتي من المتوقع أن يتم الإعلان خلالها عن حزمة مساعدات كبيرة للبنان، تتصل بإعادة الإعمار وبتعزيز الجيش اللبناني وقدراته وتعزيز وضع الأجهزة الأمنية. بالإضافة إلى الإعلان عن استثمارات في مجالات متعددة بمليارات الدولارات كما يأمل اللبنانيون.
إنها مرحلة جديدة يدخلها لبنان، في عهد عون والذي من الواضح تتوفر له ظروف إقليمية ودولية لم تتوفر لأحد من قبله، وهو سيسعى بلا شك إلى استثمارها، خصوصاً أن الحالة العسكرية والأمنية التي أسهمت كثيراً في تعزيز حظوظه ستكون مستمرة في المرحلة المقبلة، وهو سيكون مهتماً بالإمساك بالمفاصل العسكرية والأمنية، بالرهان على المساعدات التي ستأتي من الخارج، وبفعل دفع دولي لتطبيق اتفاق وقف النار في الجنوب، بالإضافة إلى تركيزه على "القضاء" وهو ما ورد في خطاب قسمه، ولاحقاً التركيز على الوضع المالي والاقتصادي، لتكون هذه المرتكزات الثلاثة في يده، لأن من يريد أن يحكم أو يستمر عليه "الإمساك" على هذه "السلطات" أي العسكرية الأمنية، القضائية، والمالية. وهو ما حاول ميشال عون القيام به خلال عهده لكنه اصطدم بانفجارات كثيرة.
كثر يشبّهون جوزاف عون بفؤاد شهاب، وأنه يمكن أن ينطلق إلى مرحلة تأسيسية جديدة مستنداً على كتلة نيابية ستتجمع حوله حالياً، كما أطلق شهاب "الشهابية" بكتلة نيابية فتحولت إلى نهج. وفي حال تكرر ذلك، فحتماً سيكون عون مستعداً للانتخابات النيابية المقبلة من خلال النواب المتحلقين حوله أو مرشحين آخرين مستفيداً من قوة دفع خارجية وداخلية لتشكيل كتلة سياسية جديدة تهدف إلى إضعاف التيار الوطني الحرّ، ومنع اتساع نفوذ القوات اللبنانية. ما يعني فتح مسار سياسي جديد في لبنان، يتلاقى مع تطلعات سابقة حول وجوب الدخول في مرحلة إحداث تغيير في الموازين السياسية والتعديل على الطبقة السياسية.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top