تستمر الخروقات الإسرائيليّة المتواصلة لاتفاق وقف إطلاق النار مهدّدةً حالة الهدوء الهشّ في المنطقة الجنوبيّة، ومنذ فجر اليوم الأحد شهدت القرى والبلدات الأماميّة سلسلة اعتداءاتٍ وتوغّلاتٍ جديدة، ترافقت مع غاراتٍ جويّة وتحليقٍ لمسيّراتٍ معادية وانفجاراتٍ استهدفت منازل المواطنين.غارات جويّة وتوغّلاتأفادت تقارير ميدانيّة أن مسيّرة إسرائيليّة شنّت، عصر اليوم، غارة على خراج بلدة جبال البطم، ما أدّى إلى اندلاع حريقٍ في المكان المستهدف. ولم تقتصر الاعتداءات على هذا النطاق، إذ رُصد فجر اليوم توغّل قوّة عسكريّة إسرائيليّة من أطراف بلدة الضهيرة باتجاه وسطها، حيث تموضعت تلك القوّة عند الطريق العام، واستقرّت هناك لفترةٍ قصيرة قبل أن تنفّذ تفجيرًا استهدف آخر منازل بلدة الضهيرة.
وصباحًا، طالت عمليّات التمشيط الإسرائيلية بلدة عيتا الشعب بالرشاشات الثقيلة وقذائف الدبّابات، بالتوازي مع تنفيذ الجيش الإسرائيلي عمليّات نسفٍ وتفجيرٍ لعددٍ من المنازل في البلدة. وعلى محور قريب، تحرّكت دبّابة من طراز "ميركافا" وعدّة آليّات عسكريّة باتجاه أطراف بلدة مارون الراس المتاخمة لمدينة بنت جبيل، حيث أطلقت رشقات رشّاشة باتجاه المنازل المحيطة، في انتهاكٍ واضح لبنود وقف إطلاق النار وحرمة المناطق الآهلة بالمدنيين.
لم تنحصر التحرّكات العسكريّة في هذه القرى فحسب، إذ سُجّل تحرّكان لآليّتَي "هامر" و"بيك أب" للعدوّ الإسرائيلي في منطقة العرقوب باتجاه منطقتَي المجيديّة ووادي خنسا، تحت تغطيةٍ جويّةٍ من مسيّرةٍ معادية حلّقت على علوٍّ منخفض في أجواء المنطقة. وبينما تواصلت أعمال التوغّل والتمشيط على الأرض، غطّى الطيران الحربيّ الإسرائيليّ ظهر اليوم أجواء معظم الجنوب، إلى جانب مواصلة الطيران المسيّر تحليقه المكثّف على مستويات منخفضة فوق عدد من القرى.
وسُجّل بعيد منتصف الليل قيام الجيش الإسرائيلي بتفجيراتٍ استهدفت عيتا الشعب ويارون وكفركلا، في تصعيدٍ أعاد التوتّر إلى الواجهة وسط أجواءٍ يفترض أن تكون أقرب إلى التهدئة. وقبل ظهر اليوم، توغّلت قوّة مدرّعة إسرائيليّة مؤلفة من دبابة “ميركافا” وآليتَي “هامر” في اتّجاه الأطراف الشماليّة لبلدة مارون الراس، وتمركزت قرب أحد المنازل، بينما توغّلت دورية مؤلّلة باتجاه وادي خنسا وريحانة بري في سهل الماري في منطقة العرقوب. كما قامت قوّات العدوّ الإسرائيليّ صباح اليوم بعمليات تمشيط بالأسلحة الرشّاشة الثقيلة والمتوسّطة على أطراف بلدتي مارون الراس ويارون، متسبّبة بحالة من الهلع في صفوف الأهالي الذين لم يتمكنوا بعد من العودة الكاملة إلى ديارهم.
في موازاة هذه التوغّلات، ما تزال عمليات البحث جارية عن جثامين الشهداء في عدد من البلدات التي انسحب منها جيش العدوّ وتمكّن الجيش اللبنانيّ من دخولها. ويُتوقّع، في حال عدم مماطلة القوّات الإسرائيليّة في استكمال انسحابها، أن يبدأ الجيش اللبنانيّ غدًا تحرّكه باتجاه عدد من البلدات الأماميّة، ضمن إجراءات تضمن سلامة الأهالي وتمنع دخول المدنيين قبل تنظيف المنطقة من الذخائر ومخلفات العدوان. ويُشار إلى أنّ الجيش قد يعمد بالتنسيق مع فرق هندسة متخصصة إلى إزالة الألغام والأجسام المشبوهة التي خلّفها العدوّ في الأحياء والمنازل والشوارع الرئيسة.بيانات البلديات وتدابير العودةفي هذا السياق، أصدرت بلدية ميس الجبل بيانًا شدّدت فيه على أنّ الجيش اللبنانيّ وقوات اليونيفيل سيبدآن تنفيذ خطّة الانتشار في البلدة والقرى المجاورة، انطلاقًا من قرار وقف إطلاق النار وبنود تنفيذه. وأوضحت أنّ عناصر الجيش سيتخذون تدابير استثنائية تمنع دخول المدنيين إلى حين الانتهاء من عمليات الكشف والانتشار، نظرًا لوجود ألغام وذخائر غير منفجرة تتطلّب معالجة فنيّة من قبل فرق الهندسة في الجيش. وإلى جانب ذلك، ستتولّى الفرق الصحية مهمة انتشال جثامين الشهداء، تمهيدًا لتهيئة الأجواء المناسبة أمام الأهالي للعودة الآمنة والكريمة.
وأكّدت البلدية أنّ "العدو الإسرائيلي ما زال يقوم بعدّة خروقات ويستهدف الآمنين والمدنيين"، داعيةً الأهالي إلى الالتزام بتوجيهات الجيش اللبناني والجهات الرسميّة، وعدم المغامرة بدخول المناطق غير الآمنة حتّى يتم إعلان جهوزيّتها. وأعربت عن أملها في اقتراب العودة، مشدّدة على مرحلة ما بعد رجوع السكان وما يتطلّبه ذلك من أعمال إعادة الإعمار والتعافي بالتعاون مع الجهات المعنيّة.
من جهتها، أعلنت بلدية عيترون، في بيانٍ منفصل، أنّه في إطار عودة الأهالي التدريجيّة إلى البلدات الحدوديّة، ستُجرى جولة استطلاع ميدانيّة غدًا الاثنين بالتنسيق مع الجيش اللبنانيّ، الذي سيعاود التمركز في موقعين له في البلدة. وأوضحت أنّ مسألة العودة الدائمة للأهالي ستُحدّد بناءً على نتائج هذه الجولة، وعلى ضوء الإجراءات اللازمة لتجنّب خطر الذخائر غير المنفجرة والأجسام المشبوهة المنتشرة في البلدات الأمامية.