تستمر المفاوضات غير المباشرة، بين إسرائيل وحماس بوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة، للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى، فيما ترددت معلومات عن صفقة باتت شبه مكتملة وتتضمن تفاهمات على مرحلتين، وقد رمت إسرائيل الكرة في ملعب حماس، في سبيل إنجازها.
ونقلت وسائل إعلام عبرية، أن الوسطاء كثّفوا على مدى الأسابيع الماضية، جهودهم لعقد لقاءات غير مباشرة بين حماس وإسرائيل، وأدى ذلك إلى تحقيق تقدّم في المفاوضات وباتت تفاصيل الصفقة شبه مكتملة.
وعكست التقارير الإسرائيلية خلال اليومين الأخيرين، حالة من التفاؤل في إسرائيل وفي كواليس الإدارتين الأميركيتين، المنتهية برئاسة جو بايدن، والمنتخبة برئاسة دونالد ترامب، في ظل معلومات عن تفاهمات حول مرحلتين للصفقة المحتملة.
تشدد إسرائيلي رسمي
تزامناً مع هذا التقدّم، تواصل تل أبيب التشدد في موقفها الرسمي، إذ طلبت رئاسة حكومة الاحتلال من الوزراء التشديد خلال التصريحات الإعلامية، على أن "الحرب ستستمر حتى تحقيق أهدافها التي تشمل: إعادة جميع الرهائن، القضاء على القدرات العسكرية والحكومية لحركة حماس، إزالة تهديد الإرهاب من قطاع غزة، وضمان عودة سكان الشمال إلى منازلهم بأمان".
في المقابل، أعرب مسؤولون في إدارة بايدن، مساء أمس السبت، عن تفاؤل حذر بشأن المحادثات حول صفقة الرهائن، بعد أن أبدوا في الأيام الأخيرة شكوكاً بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق. ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، عن المسؤولين تأكيدهم أن هناك تقدّماً في المحادثات، مع وصول المبعوث الأميركي بريت ماكغورك إلى الدوحة. وأضافت الصحيفة، أن المفاوضين يهدفون التوصل إلى اتفاق قبل تنصيب ترامب بعد ثمانية أيام فقط.
وذكرت الصحيفة أن المبعوث الخاص لترامب ستيف ويتكوف، الذي قام بزيارة مفاجئة إلى إسرائيل بعد أن أجرى محادثات في الدوحة، أشار إلى الجدول الزمني نفسه المتوقع للصفقة، معتبرة أن الرسائل الصادرة عن إدارة بايدن وإدارة ترامب توضح لحركة حماس أن هناك تنسيقاً في الموقف الأميركي.
الصفقة المطروحة
ونقلت "يديعوت أحرونوت" عن مسؤول رفيع، أن الصفقة المطروحة تناقش الإفراج عن 33 محتجزاً إسرائيلياً في قطاع غزة، لكن عدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم في المقابل لم يُعرف بعد. وأضاف "سنعرف ذلك فقط عندما نعلم عدد الرهائن الأحياء والأموات"، ووصف ذلك بأنه "يوم مهم".
وكان فريق الرئيس الأميركي جو بايدن، أبدى شكوكاً حول إمكانية التوصل إلى صفقة قريبة، لكن الوضع تغيّر بعض الشيء. وقد أوفد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، مساء أمس السبت، رئيس الموساد دافيد برنياع، ورئيس الشاباك رونين بار، وممثل الجيش نيتسان ألون، والمستشار السياسي أوفير فلك، إلى الدوحة "للمضي قدماً في الدفع نحو صفقة تبادل".
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن قرار إرسال الوفد، جاء في أعقاب محادثات شملت نتنياهو وويتكوف وماكغورك. وأضافت أنه "بعد إقامة قصيرة في إسرائيل واجتماعه مع نتنياهو، عاد مبعوث ترامب إلى الدوحة، فيما وصل الوفد الإسرائيلي اليوم".
وقال مصدر إسرائيلي رفيع المستوى "هناك تفاؤل هذه المرة، ويبدو أن الأمور أقرب من أي وقت مضى"، لكنه قال: "لقد كنا في هذا الوضع سابقاً". في غضون ذلك، أشار وزراء في الكابينيت الإسرائيلي إلى أنهم معزولون تماماً عن تفاصيل المحادثات بشأن الصفقة المحتملة.
وأشاد مقر عائلات الأسرى الإسرائيليين بقرار إرسال الوفد المفاوض إلى قطر، ودعا إلى عدم "تفويت الفرصة". وتوجّه المقر إلى أعضاء البعثة قائلاً: "اعملوا حتى يخرج الدخان الأبيض، وعُودوا مع النبأ المنشود – اتفاق يضمن إعادة جميع الرهائن؛ الأحياء للتعافي، والجثث للدفن اللائق".
ونقلت "يديعوت أحرونوت" عن مسؤول رفيع قوله، مساء أمس السبت، إن "هناك تقدماً تدريجياً في المفاوضات بدأ منذ عدة أسابيع في ظل التطورات، وبعد يوم طويل من المشاورات، ومحادثة مطوّلة ومفصّلة (أجراها نتنياهو) مع ويتكوف، شارك فيها وزير الأمن ورؤساء الأجهزة الأمنية وبريت ماكغورك".
وأضاف أنه "في هذه المكالمة، تم التعمق في التفاصيل وتوضيح المواقف الإسرائيلية، وأصدر رئيس الحكومة توجيهاته بإرسال الوفد إلى الدوحة. الآن، تتصاعد الجهود من مستوى العمل إلى المستوى الأعلى للمفاوضين، الذين سيكونون على اتصال مباشر" مع قيادة الحكومة الإسرائيلية.
النجاح يعتمد على حماس
ورأى المسؤول الإسرائيلي أن النجاح يعتمد على حماس، وقال: "اليوم تعاملنا مع جميع مكونات الصفقة، وهي صفقة معقدة تتكون من العديد من التفاصيل. من أجل التوقيع عليها وتنفيذها"، مضيفاً أنه "يجب التوصل إلى اتفاق على جميع مكوناتها. نأمل أن نقترب من إتمام الصفقة، لكن من المهم أن نوضح أننا لم نصل بعد. مرحلة التوقيع تعتمد بشكل رئيسي على حماس. جميع المكونات موجودة على الطاولة، وعليهم الآن اتخاذ الخطوة التالية".
ووفقاً للمسؤول فإن المفاوضات تشمل إطلاق سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً، وقال: "نتفاوض على قائمة تضم 33 رهينة، يجب أن يعودوا جميعاً – الأحياء والجثث. هذا هو الجزء الأول من الصفقة. المفاوضات تتناول الجميع، سواء الأحياء أو الأموات، وتشمل كيفية الانتقال من مرحلة إلى أخرى، مع الأخذ في الاعتبار أننا بحاجة إلى استعادة 98 رهينة في نهاية الأمر. اليوم أُجْرِيَت مناقشة حول المعايير، لأنها جزء من مكونات الصفقة".
وحول المعتقلين الذين سيتم الإفراج عنهم، قال المسؤول: "نحن نعمل على مفاتيح (للتبادل) للإفراج عن عدد معين مقابل الجنود، المدنيين غير الجنود، كبار السن والمصابين. سنعرف عدد المعتقلين الذين سيتم الإفراج عنهم فقط عندما نعرف عدد الرهائن الأحياء، وهو ما رفضت حماس توضيحه حتى الآن". وأضاف "مع بدء وقف إطلاق النار، تتوقع إسرائيل إطلاق سراح الرهائن فوراً. وسيلتقي منسق شؤون الأسرى والمفقودين، غال هيرش، برئيسة الصليب الأحمر التي ستزور إسرائيل هذا الأسبوع، لمناقشة تفاصيل إطلاق سراح الرهائن وإمكانية مشاركة الصليب الأحمر في تنفيذ الصفقة".
وتابع المصدر المسؤول أن الأيام القادمة ستكون حاسمة "حيث سيعمل الفريق الإسرائيلي رفيع المستوى مع ويتكوف وماكغورك. نحن نعمل بشكل ممتاز مع كل من الإدارتين الأميركية الحالية والمقبلة، مما يضمن استمرارية التفاهم. كلا الإدارتين تتفقان معنا بالكامل". وزعم أن هناك إجراءات قانونية مطلوبة قبل تنفيذ الصفقة، تتضمن موافقة الكابينيت والحكومة، وبعد ذلك عملية الالتماسات أمام المحكمة العليا"، مضيفاً أن الصفقة تحتاج إلى بضعة أيام للإعداد، وأن كل شيء يعتمد على قرار حماس. وقال: "يمكننا تنفيذ الصفقة في غضون أيام، ولكن أولاً يجب أن نرى كيف تتطور الأمور في الأيام المقبلة. نحن نريد أن نرى أن حماس مستعدة للتوقيع".