2025- 01 - 12   |   بحث في الموقع  
logo تنافس إقليمي دولي على لبنان وسوريا:النفط وترسيم الحدود logo دعوهم يلعبون...واصمتوا! logo ميقاتي مرشح الثنائي الشيعي رئيساً للحكومة؟ logo التمادي الإسرائيلي يقوّض فرص الاستقرار والسلام logo حلب تبحث عن الأمن..من يخلصها من "شبيحة" الأحياء المعتمة؟ logo حدث طارئ قرب مزارع شبعا.. وبيانٌ من الجيش الإسرائيليّ logo مبنى يثير الهلع في طرابلس.. ما القصة؟ logo مانشستر سيتي يسحق سالفورد بثمانية في كأس الإتحاد الإنكليزي
دعوهم يلعبون...واصمتوا!
2025-01-12 00:25:43

دائماً ما يشغلني التفكير في المستقبل. مستقبلي كمواطنة لبنانية وكأم لطفل، مستقبل ابني وتربيته، وكيف سأحميه من أي أثر سلبي في أفكاره وسلوكياته وطريقة تعبيره وعلاقته بمن حوله. أتساءل في كل لحظة، كيف يمكنني أن أضمن له بيئة إيجابية تُعزّز نموه العقلي والعاطفي بعيداً من التشوهات التي قد تخلقها تجارب أو نقاشات التي لا تليق بسنّه الصغير.
عندما تابعت تلك الحلقة المشؤومة مين "ميني مافيا" (أي عنوان هذا؟) في "تلفزيون الجديد"، وجدت نفسي للحظات أفكر: هل من حسن حظي أني مغتربة أعيش مع عائلتي بعيداً من الوطن؟ للحظة، شعرت بارتياح غريب، لكنه آلمني في الوقت نفسه. كيف يمكن أن أفكر بهذا الشكل؟ لكن مع كل مشاعري المختلطة، لم أستطع إلا أن أتخيّل طفلي في مكان هؤلاء الأطفال الذين ظهروا في البرنامج، يتحدثون عن أمور سياسية معقدة ومريضة. المشكلة لم تكن في تعدد الآراء، بل في وجود هذه الأفكار أصلاً في أذهان الأطفال، وخطره على صحتهم النفسية.هل كنا بحاجة إلى هذا المحتوى، ثم الاعتذار عنه، لندرك حجم المأساة التي يعيشها أطفالنا في لبنان؟ بعيداً من الانتهاكات المهنية والأخلاقية لحقوق الطفولة، التي ارتكبتها القناة، المشكلة الحقيقية تكمن في الثقافة التي تتغلغل في بيئتنا وتُثقل كاهل الأطفال بأعباء تفوق سنواتهم الغضة.هل فكرنا كأمهات، عندما يحضر أطفالنا جلسات تعمّها نقاشات سياسية أو طائفية، سواء في المنازل أو حتى على موائد الطعام؟ هل فكرنا كيف يلتقط الأطفال تلك التفاصيل، بحساسيتهم الفطرية وقدرتهم العالية على استيعاب كل ما يدور من حولهم، وكيف يمكن لهذه النقاشات أن تؤثر فيهم سلباً؟في مجتمعنا اللبناني، حيث تتداخل الصراعات السياسية والطائفية مع الحياة اليومية، يواجه الأطفال تحديات متزايدة نتيجة هذا التداخل. فهم بطبيعتهم يمتصون كل ما يدور حولهم، مما يجعلهم عرضة لتأثيرات خطيرة تتجاوز قدرتهم على الفهم. هذه التأثيرات قد تُربك رؤيتهم للعالم وتخلق لديهم مفاهيم مشوهة عن الآخرين، ما يعيق قدرتهم على بناء علاقات متوازنة وسليمة مع أقرانهم.وفقاً لدراسات نفسية، فإن تعريض الأطفال، باكراً، لنقاشات سياسية أو طائفية (ولا شيء إلا هذا النقاش في بلادنا المنكوبة) يزيد من مستويات القلق لديهم، ويضعهم في حالة من الرباك تجاه الواقع المحيط بهم. ينصح الخبراء بضرورة أن تبقى الطفولة مرحلة تُكرّس للنمو العاطفي والعقلي، بعيداً من صراعات الكبار وضغوطهم.التربية الحديثة تقدم منهجيات مثل "التربية البطيئة" (Slow Parenting) و"التربية بلا تدخل" (Idle Parenting)، التي تشجع على منح الأطفال الوقت والمساحة لاكتشاف العالم بطريقتهم الخاصة. هذه الفلسفات تُبرز أهمية ترك الأطفال يعيشون طفولتهم بحرية، بعيداً من أعباء الكبار، مما يُمكنهم من تطوير خيالهم ومهاراتهم الاجتماعية.اللعب الحر، بمنأى من الضغوط السياسية أو العائلية، يمنح الطفل فرصة لتطوير تفكيره الإبداعي ويُساعده في مواجهة تحديات الحياة بثقة واستقلالية. بحسب دراسات حديثة، فإن إشراك الأطفال في نقاشات سياسية مكثفة يؤدي إلى شعورهم بالضغط النفسي، ما يُشكل خطراً على نموهم السليم. بدلاً من ذلك، يجب أن ينصب تركيز الأهل والمدارس على غرس قيم التسامح والتفاهم، ما يتيح للأطفال أفقاً أوسع لفهم التنوع الثقافي والإنساني.اللعب هو حق أساسي للطفل، ويُعتبر أداة فعالة لتحقيق التوازن النفسي والعقلي. حين تتاح للأطفال فرصة اللعب بعيداً عن المؤثرات السلبية، تُنمى لديهم ملكات الخيال والإبداع، وتتطور مهارات التواصل الاجتماعي لديهم. علاوة على ذلك، اللعب يُساعد الأطفال على التعامل مع التحديات بطريقة مرنة ومستقلة.من خلال غرس قيم التسامح واحترام الآخر، يمكن تعزيز التجربة الحياتية للأطفال، وبناء شخصياتهم على أسس إيجابية. البيئة الآمنة التي تحتضن قيم الحب والمرح تُعد أساساً لنمو الطفل وتطوره المتوازن. هذه القيم تجعل الطفل قادراً على بناء علاقات متينة ومستوعباً للتنوع الثقافي والاجتماعي.الطفولة ليست ساحة لصراعات الكبار أو منصة لنقاشاتهم السياسية والطائفية. هذه المرحلة يجب أن تكون مساحة آمنة مليئة بالحب والمرح، لينمو الطفل بشكل طبيعي. التركيز على حاجات الأطفال الحقيقية، مثل اللعب الحر والتفاعل في بيئة إيجابية، هو مفتاح بناء جيل جديد من الأفراد المستقلين والمتصالحين مع أنفسهم ومع العالم من حولهم.حماية الطفولة ليست رفاهية، بل مسؤولية اتجاه المستقبل... هذا إن أردنا بناء مجتمع متوازن ومستقر، لا مجتمع حرب.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top