2025- 01 - 12   |   بحث في الموقع  
logo تنافس إقليمي دولي على لبنان وسوريا:النفط وترسيم الحدود logo دعوهم يلعبون...واصمتوا! logo ميقاتي مرشح الثنائي الشيعي رئيساً للحكومة؟ logo التمادي الإسرائيلي يقوّض فرص الاستقرار والسلام logo حلب تبحث عن الأمن..من يخلصها من "شبيحة" الأحياء المعتمة؟ logo حدث طارئ قرب مزارع شبعا.. وبيانٌ من الجيش الإسرائيليّ logo مبنى يثير الهلع في طرابلس.. ما القصة؟ logo بيان لها.. من ستسمي المعارضة لرئاسة الحكومة؟
التمادي الإسرائيلي يقوّض فرص الاستقرار والسلام
2025-01-12 00:25:42


يُخشى أن نكون أمام مرحلةٍ جديدة تسود فيها ثقافة العنف في المنطقة، وعلى شاكلة أوسع مما كان عليه الوضع في الزمن السابق، بينما المُعطيات المنظورة الناتجة عن التواصلات الدولية الجديدة؛ تؤشر الى انحياز غالبية القادة في العالم لمقاربات تُنشِد إيقاف الحروب القائمة، وتدعوا لتأسيس توافقات تُبنى على خلفية المصالح، وتُبقي التنافس في سياقة التجاري والمالي.
ثقافة السلام أرساها الرُسُل والأنبياء كمدخل لتعاون البشرية لقضاء حوائجها وإدارة شؤونها، فكانت عبارة "السلام عليكم" مفتاح الكلام واللقاء عند المسلمين، وشعار "السلام لجميعكم" ركيزة الصلاة والخشوع التي تُتلى عند الإلتقاء لدى كل المسيحيين. وقد كان من أهم أهداف المؤسسات الدولية الحديثة والمعاصرة؛ صناعة السلام والحفاظ على الأمن الدولي، وهو ما ورد في ميثاق هيئة الأمم المتحدة للعام 1945. حتى أن الثورة البولشيفية - الشيوعية – الروسية، التي انتصرت بالعنف في العام 1917؛ قال قائدها فلاديمير لينين إن أبرز مقاصدها "تحقيق السلام" في العالم.
شجَّعت بعض المنظمات والدول في المنطقة العربية وفي الشرق الأوسط عامةً ثقافة العنف خلال المرحلة القريبة الماضية، وحاربت الطموحات التي كانت تعمل من أجل تحقيق السلام، لا سيما بين الفلسطينيين المُغتصبة أرضهم وإسرائيل التي تحتل الأرض وتعتدي عليهم، وحصلت عدة مؤتمرات لتحقيق هذه الغاية، ربما أهمها مؤتمر مدريد للعام 1991، ومؤتمر القمة العربية للعام 2002 في بيروت. ففي الأول، والذي حصل بحضور كل الأطراف المعنية - بما فيهم إسرائيل - تمَّ الاتفاق على تنفيذ آجندة "الأرض مقابل السلام"، وفي الثاني؛ تبنَّت الدول العربية مُجمعةً مبادرة الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز "حلّ الدولتين" أي إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية الى جانب دولة إسرائيل.
أجهض قادة إسرائيل - لاسيما منهم اليمين المتطرِّف - كل مبادرات السلام، وهؤلاء شجَّعوا على إنشاء مستوطنات جديدة على أراضي الفلسطينيين في الفترة الأخيرة الماضية، وصادروا قسماً كبيراً من العقارات من دون وجه حق، وبحججٍ واهية، وهم يُنكلون بالفلسطينيين ويدمرون منشآتهم. وعدوانهم على غزة ما زال قائماً، وتستخدم فيه قوات الاحتلال أحدث آلات القتل والدمار، وهو ما حصل أيضاً ضد لبنان، وهذه السياسية العدوانية تشجّع المُتطرفين على ضفتي الصراع، وتُهشّم معايير القانون الدولي، وتُقلّل من احترام الاتفاقيات ذات الصلة – ومنها اتفاقية أوسلو للعام 1993 التي أُنشأت بموجبها السلطة الفلسطينية.
وما حصل ضد سوريا بُعَيد سقوط نظام الأسد؛ يُعتبر عدواناً إسرائيلياً موصوفاً، لا مُبرر له، وليس له أي مرتكز قانوني، وهو يُساهم في تعميم ثقافة العنف، ويُشجع على الكراهية والحقد، ويعطي فرصة للمنظمات المتطرفة وللمجموعات الإرهابية لكي تُعيد تسويق أفكارها، وتشحذ قواها المُتهالكة بعد الهزائم التي أصابتها في السنوات الأخيرة. وتدمير المنشآت العسكرية السورية، واحتلال قسم من أراضي سوريا ضمن منطقة نزع السلاح التي تنظمها اتفاقية العام 1974، هي بمثابة البلطجة، والاغتصاب الوقِح، وتحدٍ للإرادتين العربية والدولية، ومحاولة مكشوفة لعرقلة مسار إعادة الاستقرار الى سوريا، بعد ظناءٍ طويل.
استغلال إسرائيل للتطورات التي حصلت في سوريا، والقيام بتدمير مقدرات البلاد العسكرية، يناقض كل الحجج التي يسوقها قادة إسرائيل عن وجود خطر على مواطنيها، بل على العكس من ذلك؛ ففي عدوانها غير المُبرَّر تستفزّ مشاعر السوريين، وتقوّض مساعي المسؤولين الجُدَّد فيها، وفي فعلتها الشنيعة تحدٍ للإرادة العربية الجامعة، كما فيها استباحة للأعراف الدولية ولمبادئ القانون العام، وخرق واضح لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 338 تاريخ 22/10/1973.
لا يمكن لإسرائيل أن تدَّعي الدفاع عن نفسها وهي قوة مُحتلة لأراضي الغير، كما ليس لها الحق في استخدام القوة وتدمير مقدرات دولة عربية لم تُعلن عليها الحرب، وتلتزم باتفاقية الهدنة الموقعة برعاية الأمم المتحدة في العام 1974ـ برغم وجود أراضٍ سورية محتلة من قبل إسرائيل، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 للعام 1967، الذي يدعوا إسرائيل للانسحاب الفوري من هذه الأراضي.
الذين يُساندون إسرائيل في عدوانها على سوريا، كما على الفلسطينيين واللبنانيين اليوم، يرتكبون خطأً فادحاً، وبذلك يساهمون في تعميم ثقافة العنف، ويؤسسون لأحقاد قد لا تنتهي، لأن السوريين المُنهمكين بمعالجة التركة القاتمة للنظام البائد في بلادهم؛ لا يُمكنهم تجاهل العدوان الوقِح عليهم في هذه اللحظة الحرِجة من تاريخ سوريا. وإذا كان قادة سوريا الجُدُد قد أعلنوا أنهم لا يستطيعون خوض حروب وسط انهماكهم في ترتيب شؤون الدولة المُتهالكة؛ لكن ذلك لا يعني أنهم يتسامحون في استباحة بلادهم واحتلال جزء من أراضيها من جديد.
المسؤولون الاسرائيليون موهومون إذا اعتقدوا أن التمادي في العدوان يصنع لهم أمن واستقرار، وعلى العكس من ذلك؛ فإن تماديهم في الإرتكابات سيُفاقِم الغضب ضدهم، وسيُعيد تأسيس مقاربات راديكالية ترتكز على العنف لاستعادة الحقوق المغتصبة.
ثقافة العنف لا تصنع استقراراً، والدماء تجرُّ وراءها دماءً، وليس أمام إسرائيل إلا القبول بالحوار الجاد، والتخلي عن فكرة القتل والغاء الآخر. وحدها التفاهمات السياسية التي تحترم حق الغير؛ تضمن لشعوب المنطقة السكينة والسلام.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top