سادت حالة من الاستياء والغضب في الشمال السوري، على خلفية التعرفة الجمركية للبضائع والمواد والمنتجات المستوردة عبر المعابر والمنافذ الحدودية، الصادرة عن حكومة تصريف الأعمال السورية، اليوم السبت.
وبنسب كبيرة، رفعت الحكومة، الرسوم الجمركية، بقيم تراوحت بين 250 - 600 في المئة، مقارنة بالتعرفة القديمة، ما خلق حالة من الفوضى في الأسواق.
وعلمت "المدن" من مصادر خاصة، أن التجار أوقفوا إدخال البضائع عبر المعابر مع الجانب التركي، بسبب الرسوم المرتفعة، مؤكدين أن "المعابر بدأت العمل بنشرة الرسوم الجديدة بشكل فوري".ارتفاع الأسعار
وقال أحد تجار الشمال لـ"المدن"، إن رسوم طن الزيت النباتي ارتفعت بحسب النشرة الجديدة، من 35 دولاراً أميركياً، إلى 300، وهي نسبة كبيرة وكارثية، وحفاضات الأطفال من 75 دولاراً إلى 300، مؤكداً أن "ترسيم بعض المواد يوازي سعرها من المصدر".
وأضاف أن هذه القرارات ستؤدي إلى توقف الاستيراد بشكل كامل، لأن القدرة الشرائية في الداخل السوري منخفضة، ويستحيل على أي تاجر تصريف المواد.
من جهته، أكد تاجر مواد بناء من أعزاز، لـ"المدن"، ارتفاع طن الحديد فور إصدار النشرة بنحو 70 دولاراً، والإسمنت بنحو 20 دولاراً.
وعلى حد تأكيده، امتنع التجار عن إدخال المواد من معبر "باب السلامة" الحدودي، اليوم، بسبب الرسوم المرتفعة، مشيراً إلى "تخوف التجار من البيع، ما دفع غالبيتهم إلى إغلاق محالهم".
واستجابت أسواق الشمال السوري للقرار الجديد سريعاً، حيث ارتفعت أسعار كل المواد وخاصة الغذائية بنسبة تجاوزت 10 في المئة.
وكان الفروج من أكبر المواد التي تأثرت سريعاً، بحيث ارتفع سعر الكيلو بمعدل 20 ليرة تركية، وبات يُباع اليوم، عند 120 ليرة تركية، ارتفاعاً من 100 ليرة، أمس الجمعة.
بجانب الفروج، يسود تخوف من ارتفاع أسعار الخبز والمعجنات نتيجة رفع رسوم جمركة طن الطحين المستورد من 2 دولار إلى 20 دولاراً.
توحيد الرسوم الجمركية
من جهتها، بررت مصادر مقربة من حكومة دمشق، القرار، بـ"توحيد تعرفة الجمارك لكل المعابر والمنافذ السورية"، موضحة أن "رسوم المعابر القديمة التي كانت تخضع لسيطرة الفصائل هي رمزية، ولا بد من رفعها لتعادل الرسوم التي كانت مطبقة في المعابر التي كانت خاضعة لسيطرة النظام". وبيّنت أن النشرة الجديدة مخفضة كثيراً عن النشرة التي كانت مطبقة زمن النظام البائد، مشددة على أن "توحيد الرسوم الجمركية لكل سوريا بات ضرورة اليوم".
وأكدت مصادر اقتصادية انخفاض الأسعار في المدن السورية الكبرى، مثل دمشق وحلب، بعد صدور النشرة الجديدة.
وقال مدير العلاقات في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، مازن علوش، إن نشرة الرسوم الجمركية تراعي حماية المنتج المحلي عبر تشجيع الصناعة من خلال الرسوم المخفضة على المواد الأولية، مضيفاً أن النشرة الجديدة تهدف لدعم القطاع الصناعي وجذب الاستثمار من خلال تقديم إعفاءات ورفع المستوى المعيشي للمواطنين، إضافة إلى دعم القطاعين الصناعي والزراعي.
توقيت غير مناسب؟
من جهته، يؤكد مصدر من جمارك "معبر السلامة" الحدودي مع تركيا، أن النشرة الجديدة خفضت الرسوم التي كانت مطبقة عند النظام، لكنها في الوقت ذاته، رفعت الرسوم بنسبة كبيرة في المعابر مع تركيا.
ودعا المصدر الحكومة السورية إلى تخفيض الرسوم الجمركية، مؤكداً أن "التسعيرة لا تتناسب مع مستوى الدخل في سوريا". وقال لـ"المدن": "على الحكومة التريث إلى حين دوران عجلة الإنتاج المحلي، لكن الآن لا يمكن رفع رسوم الاستيراد، والبلاد بدون صناعة محلية، ما يعني زيادة في تدهور الوضع المعيشي".
وقال المصدر: "المفترض أن لا تتبع الحكومة الجديدة معايير النظام البائد، وخاصة في هذا التوقيت الصعب".