اللبنانيون في بداية كل استحقاق يرغبون العيش بدوله بلا رأس لسنوات هكذا جَرَت العادَة، وعند البحث عن الرئيس العتيد يختلفون حول لونه وحجمه وكيفية تفكيره وخط سير سياساته وتوجهاته!
مع العلم أن الرئيس في لبنان عبارة رأس بلا دماغ ليقرر أو ليُفَكِر لأن صلاحياته صفر ووجودهُ ديكور،
اليوم وبعد سنتين ونصف ظَنَّت واشنطن أنها جاءَت للبنان برأس بواسطة العصا ولكن أسرار اللعبة كانت أكبر من التهديد والوعيد الأميركي،
المهم هل سينسجم هذا الرأس الأميركي مع هذا البَدَن ذو الإنتماءآت والتوجهات المتعددة والمختلفة؟
سؤالٌ بديهي يحتاج إلى قراءة وإجتهاد وتحليل وليس إلى تأويل،
لا شيء في لبنان يموت بشكلٍ نهائي فكُل شيئٍ فيه تبقى الروح تلازمهُ حتى لو إنطوى عليه الزمَن،
أعطيكم مِثال حزب النجَّاده اللبناني الذي أسسه محي الدين الدين نصولي عام 1933 لا زال موجوداً ولم يَمُت لكنه يعاني من شلل رباعي،
حزب الكتائب مثلاً أصابه الشلل مدة طويلة وعاد إلى الحياة، حزب الكتله الوطنية كانَ في موتٍ سريري وعادت الحياة إلى أطرافه بعد ضخ الزيال السعودي رئتيه وكثيرون كذلك،
اليوم قائد الجيش أصبحَ رئيساً للبنان فهل سيحكم؟ وهل يستطيع الخروج عن الثوابت المتعارف عليها في التركيبة الطائفية والسياسية داخل لبنان؟
بكل تأكيد لآ ولآ قوية جداً،
الثنائي الشيعي الذي كان يفرض فيتو على إسم جوزف عون وأسقطَ في صندوقة الإقتراع في الجولة الأولى ورقة بيضاء، ما الذي حصل خلال الساعتين التي أعطاها الرئيس بري للنواب كإستراحة وما الذي تغيَّر حتى حملت الورقة الشيعية في الجولة الثانية إسم جوزيف عون ولماذا إنتخبه الثنائي الشيعي،
الأمر الثابت الذي حصلَ هو أن عَون أدركَ بعد حصوله على 71 صوت في الجولة الأولى من التصويت رغم الزخم الأميركي والأوروبي والعربي أن طريق بعبدا مقطوع بالفيتو الشيعي ولا يمكن تعبيده إلا بالتوقيع على ورقة القبول ببيان وزاري يحفظ المثلث الذهبي والإبتعاد عن مشروع عرقلة إعادة الإعمار وأن تعبيد الطريق يبدأَ بتقديم الولاء للسلاح بدءً من إسم رئيس الحكومة والبيان الوزاري،
وفعلاً كان إستدراك عون الوقوع في الخسارة في اللحظة الأخيرة وإبلغَ الأميركيين بوجوب إزالة هذه العقبة من طريقه أمر لا مفر منه وافق الأميركيين على مَضَض ووقَّعَ عون وثيبة استسلامه لرغبة الثنائي وهو على بُعد خطوة من قصر بعبدا، ولولا إنه كانَ ذكياً للغاية لكانت هذه الخطوة ستكون أبعد من مَيل عن طموحاته وأمنياته،
بعيداً عن التأويل فإن جوزيف عون دفَنَ أحلام سمير جعجع بالإلتفاف عليه وإسقاطه،
الثنائي الشيعي لَم يرى خطراً من انتخاب عون بقدر ما إنتابه القلق من إحتيال جعجع ولفيفه في لبنان وما يخطط له من استجرار السلاح الى الساحة الداخليه،
بدورهِ الرئيس الجديد لا يُحسَد على ما ينتظره من مهمات واستحقاقات صعبه، أولها اعادة الإعمار وعودة النازحين وأنسحاب إسرائيل وأموال المودعين وملف النزوح السوري الذي يجب أن يعالج في ظل إنتفاء الأسباب التي يدعون نزوحهم بسببها بعد رحيل نظام الأسد،
كل هذه الملفات وغيرها تحتاج الى مساندة الثنائي الشيعي لا إلى الصدام معهم كما تحتاج الى تضامن وطني وتضافر الجهود من أجل حُسن سير العمل السياسي والمؤسساتي داخل الوطن،
نتمنىَ أن يخيب ظننا بما اتهمنا الرئيس العتيد وأن يكون بحجم المسؤليه الملقاة على عاتقه.