2025- 01 - 11   |   بحث في الموقع  
logo إتصالٌ هاتفيٌ بين بري وماكرون… إليكم ما تم بحثه logo عبدالله: انتخاب رئيس للجمهورية خطوة اساسية logo دريان التقى المفتي العام للجمهورية العربية السورية logo أساتذة "اللبنانية" وخطاب القسم: متفائلون بحذر logo "المدن": ماكرون يزور لبنان قريباً.. وعون إلى السعودية logo مأدبة "أبو عمر" في "الأموي" تتحول مأساة: 4 قتلى logo كيف يتم اختيار قائد الجيش في لبنان؟ logo حرائق كاليفورنيا تلتهم قصراً تاريخياً يُستخدم في “هوليوود” منذ 100 سنة
الإسلام السياسي: هل جاء وقت سوريا؟
2025-01-11 12:25:43

إبان ضعف الإمبراطورية العثمانية ثم انهيارها وانحلالها تماماً في العام 1934، ساد شعور من الاحباط والضياع في العالم الإسلامي، وتنامى هذا الشعور وتعاظم في النفوس مع سيطرة دول الغرب، بعد الحربين العالميتَين، على الكثير من الدول الإسلامية، وقد لجأ العديد من المفكرين الإسلاميين إلى تبرير ضياع مجد الإمبراطورية العثمانية المسلمة بأن المسلمين "هجروا شرع الله". من هنا بالضبط ولدت فكرة إعادة إحياء المجد الضائع وقد سُمي هذا المشروع لاحقاً "الإسلام السياسي".
البدايات
مما لا شك فيه أن من يقرأ الأدبيات الأولى لمؤسس تيار الاخوان المسلمين، حسن البنا(1906- 1949)، يرى كيف أنها قامت في البداية على سردية رثاء المجد الضائع التي نجد ما يحاكيها في أدبيات بيزنطية مسيحية بعد سقوط الإمبراطورية البيزنطية الكبيرة. إنّ حسن البنا المصري، على الأقل في بدايته، هو تماماً نيكتاس البيزنطي (886)، في تبريره اللاهوتي حول ظهور الإسلام. المشروع
الفرضية الأساسية التي يقوم عليها مشروع الاسلام السياسي هو إحياء شريعة الله التي يعتبر أن تركها كان سبباً رئيساً في تراجع المسلمين وتقهقر حضارتهم. أما السبيل إلى ذلك فهو قيام الدولة الإسلامية مكتملة الأركان، فيعود بذلك الإسلام إلى الوجهة العالمية كما كان سابقاً.
ويرى الإسلام السياسي أن الإسلام ليس مجرد دين وعبادة، بل "هو نظام حكم سياسي يشمل كل جوانب الحياة". وقد اشتهرت جماعة الإخوان المسلمين من بين كل الحركات الإسلامية الاخرى لأنها، ربما كانت الأكثر تنظيماً وقدرة على الاستمرار.الرد على الإسلام السياسي
لا بد من القول هنا، أن هذا المشروع لا تُجمع عليه كل التيارات الفكرية الإسلامية. وقد كتب علي عبد الرازق، شيخ الأزهر السابق، كتاباً فريداً بعنوان "الإسلام وأصول الحكم" (1925)، رأى فيه أن "لا نظرية حكم في الإسلام" وأن انهيار الإمبراطورية العثمانية علامة إلهية، وأن الاسلام لا يفرض نظاماً سياسياً على المجتمع، وينتقد التجربة العثمانية ويدعو إلى نظام دولة مدنية. وقد تعرّض الكتاب والكاتب إلى النقد الشديد في مصر، الا أن المدافعين عنه لم يكونوا قلّة، أشهرهم الدكتور محمد حسنين هيكل وعباس محمود العقاد. لا ننسى طبعاً التيارات الصوفية التي ترى أن استعادة الاسلام للمجد تكون من خلال الجهاد الأكبر أي "جهاد النفس"، وليس من خلال "الجهاد الأصغر" المسلح.الإسلام السياسي في سوريا
لقد ارتبط اسم جماعة الإخوان المسلمين بالعمل المسلح في سوريا. وقد أجرم النظام السابق وارتكب أفظع الجرائم بحق قيادات الجماعة وأفرادها، وزرع في عقول السوريين أن جماعة الإخوان المسلمين هي سلة من القتلة والخونه والعملاء. وصار التدين في حد ذاته، في ظلّ نظام الأسد، تهمة تستحق العقاب. واتخذ مما سبق حجة ليقصف مدينة حماه ويدمرها ويقتل آلاف الأبرياء لأنهم من الاخوان المسلمين. خلاصة القول، إنّ الإسلام السياسي في سوريا، كما كل التيارات السياسية الأخرى، كالشيوعية والقومية، كان عرضة الاعتقال والتعذيب والتنكيل، وسجن صيدنايا شاهد حي على ذلك. لكن الأمر الملاحظ في هذا السياق أنّ الأسد، الأب خاصة، أعطى هوامش ضيقة جداً للتحرّك السياسي للشيوعيين والقوميين، على سبيل المثال ترخيص حزب وجريدة سياسية (ممنوع توزيعها!!). لكنه لم يسمح للإخوان المسلمين بأي هامش من الحرية حتى الوهمية. يُعزى هذا إلى خوفه الشديد من الشارع السنّي المتديّن، وهو العلوي الممسك بالسلطة. في المقابل، كان خيار الجماعة العنف والاغتيالات، الأمر الذي لم تلجأ إليه القوى السياسية الأخرى المقموعة أيضاً.الثورة السورية
غاب الاسلام السياسي عن الساحة السياسية السورية لعقود طويلة، بعدما صارت الجماعة محظورة في سوريا في ظل حكم "البعث" الديكتاتوري. لذلك، شكل سقوط الأسد فسحة لعودة الاسلام السياسي من بوابة الثورة. ويعرف السوريون الذين واكبوا الثورة منذ 2011 أن التيار الإسلامي ظهر في ساحات الثورة باكراً إلى حين احتلالها تماماً مع بداية العام 2014، وقد استخدم النظام السابق "أسلمة الثورة" لتشويه صورتها. وتشكّلت المحاكم الشرعية في الجزء المحرّر من استبداد الديكتاتور، إلى أن وصلنا إلى ظهور داعش وجبهة النصرة، وتقاتُل الفصائل الإسلامية المسلحة في ما بينها، ما أدى إلى وضعها في لوائح الإرهاب العالمي.المرحلة الانتقالية
"مَن يحرر...يقرر"، يشكل هذا الشعار خلاصة الزهوة الاسلامية للانتصار على الأسد بعد سنوات من المظلومة السنيّة. ويشعر الكثير من الإسلاميين أن بشائر استعادة "المجد الضائع" تلوح في الأفق، وإذا "هبت رياحك فاغتنمها". فسلطة الأمر الواقع الانتقالية في سوريا تسعى، وهذا مَشروعٌ بالطبع، بكل جهدها أن تتحول الى سلطة حكم رسمي بقوة القانون والدستور والانتخابات. وهي لا تخفي نواياها ولا تمارس في هذا تقية معهودة في تيار الإسلام السياسي. وإذا اخدنا الأمور بالقياس لما جرى في تونس ومصر، على سبيل المثال، حيث حاولت حركة النهضة والإخوان المسلمين على التوالي، الاستئثار بالحكم، فإن التجربة في البلدين كانت مخيبة لآمال الإسلاميين، رغم أن التنوع الديني والإثني في البلدين لا يقارن بالتنوع في سوريا. لم تنجح المحاولة في مصر وتونس، رغم أنها اتبعت سياسية الإسلام البراغماتي ولم تستطع النهوض بالبلاد والعباد بسبب الوضع الاقتصادي المتهاوي للبلاد، وبسبب رفض فئة واسعة من الشعب تطبيق أحكام الشريعة. ولا أريد هنا أن أسرد أمثلة أخرى لا تقل أهمية، مثل السودان. فإذا كانت نسبة المسلمين في سوريا تتجاوز 80%، إلا أن بينهم علمانيون وليبراليون وشيوعيون وقوميون وملحدون، الخ. وهؤلاء لا يريدون طبعاً دولة دينية في سوريا. الأرجح إن مشروع الدولة الدينية، لا يملك مستقبلاً في سوريا، بسبب تنوع المجتمع وتعدّد مشاربه. لكن الإسلام السياسي لا بد أن يعبّر عن نفسه من خلال مشاركته، إلى جانب كل الأحزاب والقوى السياسية الأخرى، في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية.للإسلام في بلاد الشام، صبغة خاصة فريدة، لأنه مرصّع بالمحبة المسيحية والشهامة الدرزية والأصالة الكردية والكرم العربي. انه الثوب السوري الجميل الذي يشكل الإسلام قماشته، وهو مطرّز بخيوط كل المكونات الدينية والثقافية والإثنية الأخرى.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top