يعكس اعتماد حكومة تصريف الأعمال السورية، مبدأ الموازنة الاثني عشرية للسنة المالية 2025، رغبة العهد الجديد في إيجاد ملاذات مؤقتة تجنبه الفراغ التشريعي والدستوري، كما يؤكد الحاجة الماسة لتمويل الخزانة العامة وسط اللجوء إلى سياسة صارمة عنوانها البارز، التقشف وتقليص النفقات.
وأعلنت رئاسة مجلس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال السورية، اعتماد مبدأ الموازنة الاثني عشرية للسنة المالية 2025، استناداً إلى جزء من اثني عشر جزءاً من اعتمادات السنة المالية لعام 2024، على أن يُسمح بتجاوز الاعتمادات الاثني عشرية المخصصة للرواتب والتعويضات وفق المبالغ المستحقة فعلياً للعاملين لدى الوزارات والجهات العامة كافة.
كما تُعدل الاعتمادات المخصصة لبند المحروقات (بنزين - مازوت) لتتناسب مع الأسعار المعتمدة على أن يتم الاحتفاظ بذات الكميات المخصصة. ويُقتصر في عقد النفقات العامة وصرفها على النفقات الأساسية والضرورية اللازمة لأداء العمل وفي أضيق الحدود الممكنة.
موازنة مؤقتة
وتعدّ الموازنة الاثني عشرية موازنة مؤقتة تفرض من قبل الحكومة عندما تحاول تجاوز موافقات مجلس الشعب في حال حدوث أمر طارئ يعيق عقد الجلسات البرلمانية، وفقا لما يوضح الباحث ومدير منصة "اقتصادي" يونس الكريم لـ"المدن".
ويضيف أن هذا النوع من الموازنات يطبق لمدة صغيرة لا تتجاوز شهرين أو ثلاثة، بهدف تدارك التأخر الناتج عن الكوارث والأحداث الكبرى في البلد، حيث يتم تجزئة الموازنة على اثني عشر جزءاً وصرف جزء واحد من المخصص لشهر واحد، على أن يتم تدارك زيادة أو نقص الاعتمادات في الأشهر المتبقية.
ويتابع أن لجوء الحكومة إلى هذا المبدأ، هو "نوع من المهنية، إذ لم تخرج الحكومة عن العرف السائد في الدولة"، لكن هذا لا يمنع وجود تجاوزات تتعلق بالفراغ التشريعي والدستوري، كما أن هذه الموازنة ملائمة لشكل الحكومة الحالي على اعتبارها حكومة تصريف أعمال تنتهي مهامها في آذار/مارس المقبل.
وفي ظل عدم وضوح الخط الاقتصادي للعهد الجديد، يصعب التكهن بقدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بزيادة الرواتب بنسبة 400%، لكن العمل بمبدأ الموازنة الاثني عشرية لن يقف عائقاً أمام صرف هذه الزيادة وإن كانت النتيجة ستقود إلى رفع العجز في الموازنة بنسبة كبيرة.
وفيما يتعلق بتمويل الموازنة، يلفت الكريم إلى تقلص الخيارات في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية والعزلة التي تفرضها العقوبات الغربية، مرجحاً أن "تلجأ الحكومة إلى توفير جزء من التمويل من الاحتياطي النقدي للبنك المركزي، أو من احتياطي حكومة الإنقاذ السابقة".
خطة تقشف صارمة
ويربط مدير البرنامج السوري في مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية كرم شعار، بين اعتماد مبدأ الموازنة الاثني عشرية وخطة التقشف التي تعتمدها الحكومة بسبب عدم توفر التمويل. ويضيف لـ"المدن"، أن الاستثناء الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية بخصوص العقوبات، سيسمح للدول بتمويل حكومة تصريف الأعمال، الذي سيبدأ فوراً على الأغلب.
ويلاحظ شعار أن العهد الجديد بدأ باستيعاب حجم المشكلات الموجودة في ميزانية الدولة السورية، بعد إطلاع مسؤوليه على الأرقام والملفات بشكل جدي، مشيراً إلى أن "الحكومة تحاول تقليص النفقات لأقصى قدر ممكن لتلافي أي انعكاسات على الاقتصاد والاوقع المعيشي والخدمي".
وحول التمويل الإقليمي المرتقب للخزانة العامة، يوضح شعار أنه سيكون "محدوداً لأن الاستثناءات لا تسمح بالاستثمار وإعادة الإعمار"، مؤكداً أنه "على السوريين الدفع باتجاه رفع العقوبات المرتبطة بالنظام السابق بشكل كامل وغير مشروط، بالموازاة مع تعطيل العقوبات المفروضة على هيئة تحرير الشام مقابل التزامات محددة يفرضها المجتمع الدولي".