2025- 01 - 10   |   بحث في الموقع  
logo بالفيديو… طائرة إسرائيليّة تستهدف سيارة في بلدة طيردبا ووقوع إصابات logo الرئيس القبرصي بعد لقائه الرئيس عون: نؤكد وقوفنا إلى جانب لبنان logo الاستشارات النيابية يوم الإثنين.. وهذه مواعيد اللقاءات logo جمعية تراث طرابلس – لبنان تهنئ بإنتخاب العماد عون رئيسًا للجمهورية وتؤكد على أهمية “التراث كهوية وطنية” logo البخاري للراعي: الله استجاب لصلواتكم يا صاحب الغبطة logo حاصباني: خطاب القسم يلاقي ما يطمح اليه اللبنانيون logo العراق يضبط 5 مليارات ليرة.. سُرقت من المركزي السوري؟ logo تاياني من دمشق: نبدأ مساراً جديداً للعلاقات..بين إيطاليا وسوريا
"الرغبة الأخيرة"...عن كَتَبة النظام وجلاديه
2025-01-10 13:25:43

صدرت في القاهرة الترجمة العربية لرواية الكاتبة الأوكرانية يفهينيا كونينينكو "الرغبة الأخيرة" (دار صفصافة للنشر، 224 ص.)، التي تتحدث عن كتّاب النظام الذين أدمنوا الكذب طوال حياتهم. كتّابٌ خدموا الأنظمة الديكتاتورية ومجّدوها، وأصدروا كتبًا لم يقرأها أحد، فيما كانت عائلاتهم تعيش هانئة في بحبوحة.تعتبر كونينينكو من أبرز أعلام الأدب الأوكراني المعاصر، فهي روائية ومترجمة أدبية من الإنكليزية والفرنسية إلى الأوكرانية، وباحثة في المركز الأوكراني للدراسات الثقافية. وتطل عبر رواية "الرغبة الأخيرة" للمرة الأولى على القارئ العربي، وقد اختيرت هذه الرواية من قائمة الترجمة لدى "دار أنيتا أنتونينكو للنشر" في كييف بعدما كانت قد ترجمت إلى العديد من اللغات الأوروبية.ولدت كونونينكو في كييف، عاصمة جمهورية أوكرانيا السوفياتية الإشتراكية، عام 1959. وهي تطلق على نفسها اسم "ابنة كييف"، التي نشأت في بيئة برجوازية ناطقة باللغة الروسية تقليديًا. وربما لهذا السبب تمكنت من "أكرنة" إنتاجها الأدبي بشكل سلس، وإظهار جوهر الشعب السوفياتي وما بعد السوفياتي عبر الموضوعات العائلية اليومية والعلاقات الاجتماعية. ويعتقد الباحثون أن نثر كونونينكو هو نموذج واقعي للمجتمع الأوكراني في مطلع القرنين العشرين والحادي والعشرين.
شاركت كونينينكو في العديد من المنتديات الأدبية والثقافية والعلمية الدولية في أوكرانيا وفرنسا وأميركا وبولندا وفنلندا وإستونيا وروسيا وغيرها. وحازت على عدد من الجوائز الأدبية وجوائز الترجمة. بعد تخرجها في كلية الميكانيك والرياضيات في جامعة تاراس شيفتشينكو الوطنية الأوكرانية (1981)، درست فقه اللغة الفرنسية في جامعة كييف للغات (1994). يشمل إنتاجها الإبداعي الشعر والمقالة والأقصوصة القصة القصيرة والرواية والدراسة الثقافية حول الفلكلور. لكن نثرها حصل على أكبر تقدير، حيث يعاد طبع قصصها القصيرة ورواياتها باستمرار في أوكرانيا، وتُترجم إلى لغات العالم. والسمة الأبرز التي تميز روايات كونينينكو تكمن في تخطي مرحلة الأدب النخبوي الذي ساد في العقد الأول من القرن الحالي في أوكرانيا إلى تقديم نصوص متينة تستكشف الواقع الاجتماعي بعمق، تمسك بخيوط السرد، لتلعب لعبة البوح والصمت، تاركة فسحة ليبحر القارئ بين الأفكار والعبارات ولا تهدف إلى الترفيه عنه، بل إلى حثه على التفكير بجرأة بدون قوالب.الجلاد - الكاتبنقف في رواية "الرغبة الأخيرة" على بعض الأسباب التي دفعت الإدارة السوفياتية إلى تعميم فكرة إنشاء ورش أدبية في شتى المدن، وكيف اتسق عمل هذه الورش الأدبية التي ضمت نخبة الكتاب الموالين للنظام والعاملين في أجهزته الأمنية، وكيف يترقى الكاتب في إطارة الورشة كي ينشر إنتاجه من أضيق الحلقات مرورًا بالمجلات السميكة ووصولًا إلى ترجمة أعماله إلى مختلف لغات المعسكر الاشتراكي، أي إلى العالمية.في الرواية، يسلّم شخص مجهول دفترًا يحمل عنوان "الرغبة الأخيرة" إلى العالم الأوكراني المهاجر فاليري إيفاكوف، الذي جاء إلى وارسو لحضور مؤتمر حول إشكاليات الشمولية. يتكون نصّ الدفتر، الموقع باسم والد فاليري، أي الكاتب السوفياتي إيفان إيفاك، من مقدمتين وسيرة ذاتية خطها بنفسه لتصل إلى ابنه وابنته. نصّ الدفتر مدرج في الرواية كتناص تام، يتقاطع مع حبكتها بين وارسو وكييف. عبره تجادل الكاتبة بشكل مباشر وبشكل لا لبس فيه حول وجود الحقيقة التاريخية، ولا سيما فيما يتعلق بالكاتب الأوكراني في العصر الستاليني. فقد عمل إيفان إيفاك ​​جلادًا في أحد أقسى مراكز "المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية" (ك.ج.ب. لاحقًا) وكان يشنق الأبرياء باسم المُثُل الشيوعية، ثم بعد انخراطه في الورشة الأدبية، كتب قصة قصيرة بعنوان "الجلاد"، التي نشرت وحاز الكاتب على الاحترام بين أقرانه. لكن بعد رحيل زوجة ليوبا تحولت حياته إلى جحيم، ولم يكن الكاتب الذي تُرجمت أعماله إلى جميع لغات المعسكر الاجتماعي تقريبًا يتمنى سوى الموت. وبعد محاولة انتحار فاشلة أخرى، يلتقي من يشجعه على كتابة الحقيقة أخيرًا، بعد انهيار النظام بسنوات طويلة.لا تدين كونونينكو بطلها، موضحة أن طريقه إلى مدرسة "المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية" لم يكن نتيجة اختيار حر، بل على العكس من ذلك، فقد كان محددًا من خلال طفولة قاسية في أحد الأحياء الفقيرة في ضاحية المدينة والإقامة في كييف المحتلة. لم يكن إيفان إيفاك ​​وحشًا أيديولوجيًا، وشريكًا، وجلادًا، وكاتبًا يكتب الأكاذيب فقط، ولكنه كان أيضًا أبًا صالحًا لابنه وابنته. الابنة التي لم تستطع إدانة والدها بسبب اللطف الذي أظهره لها. لكن ابنه الذي أدانه، يأتي من وارسو إلى كييف، باحثًا عن الراحة بعد قراءة مخطوطة والده.في روايتها، أكدت كونونينكو على أهمية التصالح مع الحقبة الديكتاتورية في المقام الأول على المستوى الفردي، وأظهرت أن أي تغييرات إيجابية في المجتمع، وأي إصلاحات تبدأ بوعي الشخص بذنبه، وندمه على أفعاله وخطاياه، كما حدث في حالة إيفان إيفاك. وتبدأ كذلك بفهم عميق من الأولاد والأحفاد للظروف التي مرّت بها الأجيال التي سبقتهم في ظل الحكم الديكتاتوري الشمولي، داعية بطريقة غير مباشرة إلى عدم التركيز على خطأ بعينه، ولكن إلى بناء مجتمع خال من الطغاة والإعدامات الليلية وغرف التعذيب السرية.مع رواية يفهينيا كونينينكو "الرغبة الأخيرة"، تكون قد صدرت الرواية الخامسة المترجمة إلى العربية في نافذة الترجمة الأدبية التي قدّر لي أن أفتحها من الأوكرانية الحديثة من دون المرور بلغة وسيطة. وقد أبصرت النور قبلها: "أجنبية في سيارة حمراء"، للكاتبة الأكاديمية مارينا هريميتش (بيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون، 2020)؛ "زمن الأحجار المتناثرة"، للكاتب والناشر فولوديمير سامويلينكو (القاهرة: دار صفصافة، 2021)؛ "هناك حيث يختفي البشر"، للروائي أندريه كوكوتيوخا (بيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون، 2022)؛ "الأشجار النحاسية" للروائي ليوبكو ديريش (القاهرة: دار صفصافة، 2023). عبر هذه الترجمات، آمل أكون قد فتحت أمام القارئ العربي نافذة يطل منها على النتاج الروائي المعاصر في أوكرانيا الحديثة.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top