مع إنتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية، دخل لبنان مرحلة جديدة، بعد سنتين وثلاثة أشهر من الفراغ الرئاسي، وأنهت الكثير من المصطلحات التي ملّتها وسائل الإعلام في تقاريرها ومقالاتها اليومية من اللجنة الخماسية وإجتماعاتها، إلى المبادرات الرئاسية والمواصفات والمرشحين، فضلا عن التعطيل والمعارضة والموالاة، حيث فتحت صفحة جديدة قوامها الأمل في أن يتمكن العهد الجديد مع حكومة قوية فاعلة من الانطلاق بمسيرة النهوض والإنقاذ.
نفذت الطبقة السياسية الرغبة الدولية – العربية وشكلت إجماعا وطنيا على العماد عون رئيساً، وإنهالت البيانات المرحبة من الغرب والشرق في خطوة تؤكد الرضى على إتمام الاستحقاق الرئاسي ونتائجه.
لم يعد في الساحة السياسية معارضة سوى التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل الذي يتجه لأن يكون رأس حربة في مواجهة العهد، علما أنه هو المسؤول الأول والأخير عما آلت اليه الأمور، بفعل النكد السياسي الذي مارسه مع الأنانية في عدم إستجابته لرغبة الثنائي الوطني في ترشيح رئيس تيار المرده سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية والحصول على تعهدات في أن يكون شريكا في الحكم، لكنه أبى ذلك ودخل في مغامرات ومحاولات لتقاطع هنا ودعم مرشحين من تحت الطاولة هناك، وصولا إلى الخسارة الكبرى التي نتج منها انتخاب الخصم اللدود له العماد جوزيف عون.
أظهرت الدورة الأولى من العملية الانتخابية أن الثنائي الوطني ما يزال يمتلك العدد الكافي من النواب الذي يساهم في إنتخاب الرئيس، فبعد أن أبلغ بعض السفراء العاملين على الخط الانتخابي ليل الخميس من يعنيهم الأمر أن العماد عون وصل إلى ٨١ صوتا، جاءت نتائج الدورة الأولى برصيد ٧١ صوتا للعماد عون من بينهم ١٩ نائبا من القوات اللبنانية التي كانت رافضة لترشيحه بفعل الطموحات الرئاسية لرئيسها، ومن ثم رضخت للضغوط الدولية العربية، ما أبقى ٥٢ صوتا، لكتلة اللقاء الديمقراطي منهم ٨ أصوات، ما أكد أن الرافعة الحقيقية للعماد عون كانت النواب السنّة الذين التزم معظمهم بالتصويت له عن طيب خاطر، إضافة إلى عدد من نواب المعارضة والمستقلين.
ثم جاءت الدورة الثانية بعد إجتماع عقد بين العماد عون وممثلين عن الثنائي الوطني وضع الأمور في نصابها، لتؤكد أن لا رئيس للجمهورية في لبنان من دون رضى الثنائي الذي منح عون ٢٨ صوتا دفعة واحدة رفعت رصيده إلى ٩٩ صوتا، ما يعني فوزه بالرئاسة وتعديلا ضمنيا للدستور الذي تباكى عليه نواب قاموا بخرقه بشكل واضح عند إنتخابهم الرئيس السابق العماد ميشال سليمان.
ورسم خطاب القسم للرئيس المنتخب جوزيف عون خارطة طريق لدخول لبنان في عهد جديد عنوانه: “النهوض والإنقاذ” وإستعادة الدولة وقوتها ومنعتها، حيث شدد عون على المساواة بين اللبنانيين، “إذا إنكسر أحدنا ننكسر جميعا”، فضلا عن تأكيده على وجوب “إستقلالية القضاء وحصر السلاح بيد الدولة وتحرير الأرض ومواجهة إسرائيل بقوة الجيش الذي يمتلك العقيدة الوطنية، وبناء مؤسسات الدولة مع رئيس حكومة يكون شريكا وليس خصما”.
ترك خطاب القسم إرتياحا لدى مختلف التيارات السياسية وأطياف الشعب اللبناني، خصوصا أن مضمونه لا يختلف عليه أحد، لا سيما لجهة قوة الدولة التي تخلت منذ سنوات عن دورها ما أدى إلى إعتماد بدائل أخرى.
وكان لافتا ان الرئيس عون لم يأت في خطابه على ذكر المقاومة وتضحياتها، ما دفع النائب محمد رعد في حركة إعتراضية لا تخلو من العتب إلى القول أن “تضحيات المقاومة وتصديها للعدوان الاسرائيلي حافظت على السيادة الوطنية وسمحت لمجلس النواب أن يجتمع وينتخب رئيسا للجمهورية”، مشيرا إلى أن “الثنائي الوطني آثر عدم التصويت إلا في الدورة الثانية للتأكيد على أنه يحمي التوافق الوطني”.
دخل الرئيس المنتخب جوزيف عون إلى قصر بعبدا، وأمامه جملة من التحديات، خصوصا أن ما جاء في خطابه يحتاج إلى جهود مضنية وإستثنائية وتضافر مساعي كل مكونات الوطن للوقوف بجانب مشروعه الانقاذي والعبرة تكون دائما في التنفيذ.
The post العماد جوزيف عون.. رئيساً لإستعادة الدولة!.. غسان ريفي appeared first on .