في وقت يواصل فيه، جيش الاحتلال ارتكاب المجازر في غزة، مع ارتفاع الحصيلة اليومية للشهداء والجرحى، لا تزال المفاوضات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل، في العاصمة القطرية الدوحة، سارية المفعول، من أجل التوصّل إلى اتفاق لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة. وهي مباحثات، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أخيراً، إن إبرام اتفاق من خلالها "لا يزال قريباً للغاية"، فيما أعلن مبعوث الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيفن ويتكوف، أن إعادة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة، هو "الأمر الأكثر أهمية" بالنسبة إلى ترامب، قبل تنصيبه في 20 كانون الثاني/ يناير الحالي. وأضاف أن "التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن هو الأمر الأكثر أهمية للرئيس ترامب قبل حفل التنصيب"، وقال: "ترامب، وجهني شخصياً لممارسة أقصى قدر من الضغط للمضي قدماً في الاتفاق".
هجمات واسعة
شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، هجمات جوية وبرية وبحرية، على مناطق متفرقة في قطاع غزة، فيما وسّع من عمليات نسف المربعات السكنية، في دير البلح ومخيم النصيرات.
كما وسّع الطيران الحربي غاراته على محيط مراكز الإيواء والمنازل السكنية، في مخيم النصيرات، بالتزامن مع القصف المدفعي على المخيم، فيما قصفت الطائرات منازل في دير البلح، ومخيم البريج وجباليا، مع استمرار عمليات النسف وتدمير البيوت في حي الزيتون، جنوب مدينة غزة وجباليا وبيت حانون شمالي القطاع، ما أوقع عشرات الشهداء والجرحى جلهم من الأطفال والنساء وكبار السن.
وأكدت مصادر طبية في غزة، أن 19 شهيداً، سقطوا في القطاع، منذ فجر اليوم الخميس، جرّاء الغارات الإسرائيلية، فيما أفاد الدفاع المدني في غزة، أن طائرات الاحتلال، قصفت منزلاً في سوق مخيم النصيرات، ما أدّى إلى استشهاد مواطن من و3 من أطفاله، وإصابة عدد من المواطنين.
وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، في تقريرها اليومي، أن الاحتلال ارتكب 3 مجازر خلال الـ24 ساعة الأخيرة، أسفرت عن وصول 70 شهيدًا و104 مصابين إلى المستشفيات، مشيرة إلى ارتفاع حصيلة ضحايا حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على القطاع، إلى 46 ألفاً و6 شهداء، و109 آلاف و378 جريحاً، منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
من جهتها، قالت "اليونيسيف"، إن 74 طفلاً، استشهدوا في قطاع غزة، خلال الأسبوع الأول من العام الحالي.
القطاع الطبي تحت الحصار
ولا يزال القطاع الطبي في غزة، تحت الحصار. وفي هذا السياق، أعلن مسؤولو مجمع ناصر الطبي، في خان يونس، توقف جميعة الخدمات الطبية، باستثناء أقسام العناية والعمليات، نتيجة أزمة الوقود ما أدى لتوقف المولدات.
وحذرت إدارة المجمع، من كارثة إنسانية وصحية، قد تؤدي إلى موت المرضى اختناقا في قسم العناية المركزة، وناشدت المؤسسات الدولية، التدخل العاجل لإدخال الوقود، لضمان استمرار تقديم الخدمة الطبية.
وقال مدير مستشفى العودة، شمالي قطاع غزة، محمد صالحة، إن آليات الجيش الإسرائيلي تحاصر المستشفى، وتطلق النار بشكل عشوائي في محيطه، وتلقي قنابل في ساحته.
"أطباء بلا حدود" تحذّر
وحذرت منظمة "أطباء بلا حدود"، من أن نفاد الوقود في مستشفى ناصر جنوبي قطاع غزة الفلسطيني، يعرّض حياة حديثي الولادة والمرضى بشكل العام لخطر شديد.
وقالت المنظمة، في بيان، إن مستشفيات ناصر وشهداء الأقصى والأوروبي في غزة، على وشك الإغلاق بسبب نقص الوقود، مشددةً على أن هذا الأمر يشكل تهديدًا لحياة مئات المرضى، بمن فيهم حديثو الولادة الذين يعتمدون على الكهرباء للبقاء على قيد الحياة.
وأعربت المنظمة عن قلقها العميق إزاء هذه الكارثة التي قد تسفر عن عواقب مأساوية وخطيرة، داعية جميع الأطراف إلى تسهيل دخول الوقود إلى غزة وضمان وصوله بشكل آمن إلى المرافق الطبية.
احتلال غزة وتقليص المساعدات
وفي سياق ذا صلة، قال وزير المالية الإسرائيلية بتسلئيل سموتريتش، إنه بعد تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، ستقلص إسرائيل المساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة إلى "الحد الأدنى المطلوب بموجب القانون الدولي".
وأضاف، في تصريحات على موقع قناة "الصهيونية الدينية"، مساء أمس الأربعاء، أنه "يتعين على إسرائيل البقاء في غزة لفترة طويلة جداً، وينبغي التوقف عن الخوف من كلمة احتلال".
ووصف سموتريتش، التقارير حول اليوم التالي، بعد الحرب على غزة، وإدارة دول عربية للقطاع بمشاركة السلطة الفلسطينية، بأنها "بمثابة أحلام"، وأردف أنه "لا توجد جهة أخرى تسيّل الدماء لصالحنا".
وقال: "نستعد لمفهوم آخر لاحتلال قطاع غزة، بالسيطرة عليه وتقسيم القطاع إلى ألوية مناطقية. وسنأخذ على عاتقنا مسؤولية المجهود المدني في قطاع غزة".
وتوقع سموتريتش، أن يمنح ترامب إسرائيل دعماً عسكرياً وسياسياً، "من أجل فتح أبواب جهنم على حماس"، وزعم أنه يجب عدم إجراء مفاوضات مع حماس، قائلاً: "لم أنجح بعد في فهم هذا الأمر، وفي ما بعد عدة أيام، سنصل إلى الطاولة (طاولة المفاوضات) أكثر قوة مع وجود ترامب في البيت الأبيض".
مشروع قانون
تعمل الحكومة على مشروع قانون، من شأن مصادقة الكنيست عليه، أن يمنع التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى، بين حماس وإسرائيل اللتين لا تزال المحادثات غير المباشرة بينهما، سارية المفعول، حتى اليوم في العاصمة القطرية الدوحة.
وقدّم مشروع القانون، أعضاء الكنيست دان إيلوز من حزب الليكود، وميخال فولديغر من "حزب الصهيونية الدينية"، ويتسحاق كرويزر من حزب "عوتسما يهوديت"، وبات مطروحاً على أجندة اجتماع اللجنة الوزارية للتشريع، يوم الأحد المقبل.
"مأسسة الكفاح"
وذكرت القناة 13 العبرية، اليوم الخميس، أن الهدف المعلن للمشروع، هو "مأسسة الكفاح ضد الدول التي تموّل وتدعم عمليات إرهابية نُفذت في إسرائيل"، وينصّ في أحد بنوده على أن "دولة إسرائيل لن تسمح لدولة داعمة للإرهاب، أن تكون ضالعة في تسويات سياسية، بين إسرائيل، وبين دول أخرى وكيانات أجنبية". وقالت القناة، إن هذا البند، سيسمح بعد المصادقة على مشروع القانون، "بإحباط الوساطة القطرية بالغة الأهمية في إطار الاتصالات" حول صفقة تبادل أسرى، مضيفة أن "مشروع القانون قد يخضع لتعديلات، في حال صادقت اللجنة الوزارية للتشريع عليه ونقله إلى الكنيست".
من جهتها، قالت القناة 12 العبرية، أن حماس وافقت بعد تلقيها قائمة إسرائيلية تتضمن أسماء 34 أسيرا إسرائيليا محتجزين في غزة، على الإفراج عن الأسرى الأحياء المذكورين في هذه القائمة، وبضمنهم أسرى رجال دون سن 50 عاما، ووُصفوا بأنه "حالة إنسانية".
وأضافت القناة 12 أن حماس لا تزال تصر على مطالبها، خصوصاً الإفراج عن عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين مقابل إفراجها عن كل واحد من الأسرى الرجال الإسرائيليين دون 50 عاماً، إلى جانب مطلب حماس بوقف الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة.