بعيداً من حدّة الجدل بين الأحزاب السياسية وممثليها من النواب، وما صدر من تصريحات وتراشق كلامي بالتزامن مع بدء الاستحقاق الرئاسي، وما قد ينتج عن ذلك في الساعات المقبلة، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي تفاعلات متباينة بين اللبنانيين حول المرشح الرئاسي الأبرز جوزاف عون. وربما هي من المرات القليلة التي تتعدد فيها الآراء، ولا تقتصر على فريقين متضادين في الرأي مثل الموالاة والمعارضة، أو فريق الممانعة وخصمه السياسي.
وتباينت الآراء حول ترشيح عون بشكل لافت، حيث عبر البعض عن رفضهم لما آلت إليه الأمور، معتبرين أن التدخلات الخارجية هي التي فرضت المرشح على الفرقاء السياسيين وألزمتهم به، ما اعتبروه خرقاً للسيادة الوطنية.وانتشر هذا الرأي بشكل واسع بين قطاعات مختلفة، حيث أشار البعض إلى أن "انتخاب اليوم ما صار إلا بفعل تدخل خارجي مباشر، وبطريقة مكشوفة بشكل غير مسبوق". واعتبروا أن هذا التدخل يشكل مخالفة دستورية غير قابلة للنقاش، مشيرين إلى أن آلية تعديل الدستور واضحة، لكن لم يتم احترامها.كما تناولت هذه الآراء موضوع "حكم العسكر"، معتبرين أن الانتقال من اليرزة إلى بعبدا يعكس أزمة النظام السياسي اللبناني وأزمة القوى السياسية على المستوى الوطني وكذلك على المستوى الماروني.هؤلاء رأوا أن الوضع الداخلي خلال العقدين الماضيين، خصوصاً خلال السنوات الخمس الأخيرة، كان يشهد تعطيلاً متكرراً لمؤسسات الدولة، باستخدام فائض قوة السلاح من قبل "حزب الله" وهيمنته، ما أدى إلى حالة من الاستئثار بالحكم خارج المؤسسات الدستورية. وتم التشديد على أن حالة الشغور الرئاسي المستمرة لعدة سنوات هي نتيجة مباشرة لهذا التوجه، والذي قاد إلى غياب أي استقرار سياسي وحكومي.في السياق، أشار البعض إلى أن التدخلات الخارجية هي نتيجة مباشرة للقرارات الخاطئة التي اتخذت على مدار سنوات، مثل قرار الدخول في الحرب الإقليمية، والذي أثر بشكل عميق على قدرة لبنان على اتخاذ قراراته الاستراتيجية بشكل مستقل. وتابع هؤلاء بالقول إن التدخلات الخارجية اليوم لا تعد سبباً للأزمة، بل هي نتيجة لسنوات من الإهمال السياسي، التي جعلت لبنان في حالة من العجز أمام الضغوطات الإقليمية والدولية.
♦️سقط مرشح إيران وحزب.الله وبقي مرشح القوات والكتائب والمعارضة✌️#جوزيف_عون pic.twitter.com/25lNobfWdS
— Raymond Hakim (@RaymondFHakim) January 8, 2025
ورد آخرون بأن التدخلات الخارجية لطالما كانت موجودة في لبنان، والفارق الذي يحصل اليوم مع ضعف "حزب الله" ومحور الممانعة ككل، هو هوية الطرف الذي يتدخل، حيث كانت سوريا الأسد وإيران في العقدين الماضيين دائمي الحضور في السياسة اللبنانية.في الجانب الآخر، رأى آخرون أن ما يحدث اليوم هو نتيجة لمغامرة "حزب الله" ودخوله في جبهة الإسناد بشكل منفرد، معتبرين أن التدخل الخارجي هو من نتائج اتفاق وقف إطلاق النار، ما يضع لبنان في وضع حساس للغاية بعد سنوات من الهيمنة على قرارها الاستراتيجي من قبل قوى معينة. وأشار هؤلاء إلى أن هذا ما أضر بشكل كبير بمصالح لبنان، وجعل الوضع أكثر تعقيداً من خلال تعثر الحلول الداخلية.من جهة أخرى، انتقد البعض، الشعب اللبناني الذي أعاد انتخاب القوى السياسية الحاكمة نفسها، التي لطالما كانت رهينة لتوجهات وأجندات خارجية، ولم تكن يوماً في خدمة مصلحة لبنان. هؤلاء رأوا أن هذه القوى فشلت في معالجة القضايا الأساسية للشعب اللبناني، بما في ذلك بناء الدولة القوية والشفافة.
الكلام عن السيادة من تيار سار وراء ولاية الفقيه لتبرير فساده وإذعانه وانتهازيته مضحك لانه تظهير لإفلاس ونهاية …جاء اليوم الذي راينا فيه جنونهم لان الرياح سارت عكس ما يشتهون #مجلس_النواب
— Nada Abdelsamad ندى عبد الصمد (@NadaAbdelsamad) January 9, 2025
رغم ذلك، رأى آخرون أن انتخاب عون ربما يشكل نقطة انطلاق نحو حل الأزمة السياسية المستمرة، مؤكدين أن ملء الشغور الرئاسي قد يفتح الأبواب أمام فرص جديدة على الصعيد الداخلي والخارجي. بعضهم أشار إلى أن انتخاب الرئيس الجديد قد يؤدي إلى انفراج داخلي، ما يعزز استقرار المؤسسات اللبنانية ويدفع نحو دعم اقتصادي دولي يمكن أن يساعد في إعادة بناء البلاد.وانتشرت مؤخراً صور ومقاطع فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي تُظهر مطابع صحف تقوم بطباعة صور المرشح جوزاف عون على أغلفتها، ما أثار تساؤلات حول وجود استعدادات مسبقة داخل الأوساط الإعلامية لتثبيت صورته كمرشح رئاسي قوي.ويترقب اللبنانيون ما ستسفر عنه الساعات التالية من تطورات حاسمة بشأن الاستحقاق الرئاسي، الذي ينتظره اللبنانيون منذ أكثر من عامين وسط شغور رئاسي مستمر، وفي وقت يشهد فيه لبنان أسوأ أزمة اقتصادية واجتماعية في تاريخه الحديث، تفاقمت بعد الحرب الأخيرة بين إسرائيل و"حزب الله"، ما ترك آثاراً مدمرة على الشعب اللبناني، سواء من حيث الخسائر المادية أو تدمير البنية التحتية أو النزوح الجماعي. ويجعل ذلك بالتالي من انتخاب الرئيس خطوة أساسية نحو استعادة الاستقرار والأمل في المستقبل.
نحن في بلد يحكمه سلاح وميليشيات واحتلال إسرائيلي، بلد فاقد للسيادة، فنتمنى من الغيارى على السيادة أن يقولوا لنا رأيهم بالوصاية السورية والوصاية التي تلتها.#الانتخابات_الرئاسية
— Samy Gemayel (@samygemayel) January 9, 2025