يشرّع المجلس النيابي ابوابه اليوم مستقبلاً النواب وسفراء الدول العربية والغربية لعقد جلسة يتصاعد في نهايتها “الدخان الأبيض” معلناً انتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد شغور استوطن قصر بعبدا لمدة سنتين وثلاثة اشهر.
وفيما رست بورصة التوافق على اسم قائد الجيش العماد جوزيف عون لتبوؤ سدة الرئاسة، الا ان كل شيء ممكن في “بلد العجايب”، وسيبقى الترقب سيد الموقف الى حين اعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري اسم الرئيس العتيد، فصندوقة الاقتراع قد تخبئ داخلها العديد من المفاجآت. خاصة وانه حتى لحظة كتابة هذه السطور، موقف الثنائي الشيعي لا يزال مبهماً، حيث نفى عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله كل ما يتم تداوله في وسائل الاعلام منسوباً الى مصادر الثنائي، وقال: “موقفنا نعلنه غدا ًفي صندوقة الانتخاب وكل ما ينشر من معلومات قبل الاقتراع لا نتبناه، وسنصوّت وفق ما سينسجم وقناعتنا الوطنية”.
وعليه فإن السيناريو المعاكس “للتوافق الوطني” لا يزال قائماً ولو بإحتمال ضئيل.
الى ذلك، وفيما كثفت مختلف الكتل النيابية اجتماعاتها واتصالاتها في الساعات القليلة الماضية، معلنة ان أعضاءها سيصوّتون للعماد عون لرئاسة الجمهورية، وذلك عقب لقاءاتهم مع مختلف الموفدين الدوليين، وبعد ان كان عدد من هذه الكتل قد اعلن مراراً رفضه لانتخاب عون، خرج موقف رئيس تيار المرده سليمان فرنجيه بإعلان انسحابه من السباق الرئاسي لصالح قائد الجيش، ليسكت المصطادين في الماء العكر، والمراهنين على ان فرنجيه بإستمراره في الترشح يقف حجر عثرة في طريق انتخاب الرئيس. وخطوة فرنجيه لم تظهر فقط كبر اخلاقه ورفعته، بل اعادت التأكيد على ان الرجل سياسي وطني من الطراز الأول، لا تغرّه مناصب ولا مراكز، وهو يمارس السياسة وفق مبادئ قوامها ان “الأشخاص زائلون اما لبنان فباق” و “وطني دائما على حق”.
ومما لا شك فيه، ان انسحاب فرنجيه قد اعطى دفعاً ايجابياً لوصول قائد الجيش الى قصر بعبدا، أولاً اذ اعتبر ان عون “يتمتّع بمواصفات تحفظ موقع الرئاسة الأولى”، وثانياً فتح المجال امام حلفائه ولا سيما الثنائي الشيعي للتفكير جدياً بالاقتراع لصالح عون.
هي ساعات قليلة تفصلنا عن جلسة “استثنائية”، لانتخاب الرئيس الـ١٤ للجمهورية اللبنانية، وسط رياح التغيير التي تعصف بالمنطقة، وما يزيد من تعقيد المشهد هي كثرة التدخلات الخارجية والتهديدات بأن العواقب او العقوبات اذا لم يتم انتخاب رئيس في جلسة اليوم ستكون وخيمة.
وامام التحديات الكبيرة التي تنتظر الرئيس العتيد على مفرق القصر الجمهوري، يبقى الامل بأن يصل الى قصر بعبدا “رجل دولة” طال انتظاره ويكون قادراً على انتشال البلاد من نكباتها.
موقع سفير الشمال الإلكتروني