2025- 01 - 09   |   بحث في الموقع  
logo السفير الإيراني مهنئاً بانتخاب عون رئيساً للجمهورية: مثلث “جيش شعب مقاومة” يجب ان يستمر logo شخصيات دينية وسياسية هنأت بانتخاب جوزاف عون رئيساً للجمهورية logo السعودية تهنئ الرئيس الجديد logo أبو الغيط يهنئ لبنان على انتخاب جوزاف عون رئيساً جديداً logo مولوي: القائد.. رئيسًا للبنان logo إطلاق نار في طرابلس إبتهاجا بانتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية logo عون بخطاب القسم: حق الدولة في احتكار حمل السلاح logo بعد انتخاب جوزاف عون… ماذا كتب حساب رئاسة الجمهوريّة؟
"ملف خاص": مأسسة الضم والأبارتهايد: "خطة الحسم" السموتريتشية
2025-01-09 00:55:45


تنشر "المدن" على حلقات هذه الدراسة للباحث أنطوان شلحت حول آخر مستجدات خطط إسرائيل بشأن مأسسة الضم والأبارتهايد في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.وقد ناقشت الحلقة الأولى الانقلاب الصامت للائتلاف اليميني المتطرق الذي يقوده رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، فيما ناقشت الحلقة الثانية آليات القضاء على حل الدولتين، وفيما يلي الحلقة الثالثة.
في يوم 19 آذار/ مارس 2023، نفى وزير المالية الإسرائيلية بتسلئيل سموتريتش، وجود شعب فلسطيني، وذلك بعد تصريحات دعا فيها إلى محو بلدة حوارة في نابلس. وقال خلال مشاركته في أمسية في العاصمة الفرنسية باريس: "لا يوجد شيء اسمه الشعب الفلسطيني، فهو اختراع وهمي لم يتجاوز عمره 100 عام"، وفق ما أفادت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية (20/3/2023).
وتمثّلت أغلبية ردات الفعل على دعوة سموتريتش إلى محو بلدة حوارة، عبر تشديده على أن من واجب دولة الاحتلال أن تتبنى بنفسها ارتكاب جرائم الحرب واضعةً حداً لـ"خصخصتها"، في تأكيد أنها لم تكن عبارة عن زلّة لسان، مثلما حاول هو الإيهام، بل هي نتاج تفكير مترسخ داخله.
وأبلغ دليل على ذلك أن سموتريتش سبق أن طرح ما أسماها "خطة الحسم"، التي تبناها حزبه اليميني المتطرّف في ختام مؤتمره السنوي في أيلول/ سبتمبر 2017 (حزب "الاتحاد القومي"، سلف حزب "الصهيونية الدينية" الحالي). وتنصّ "خطة الحسم" السموتريتشية على فرض السيادة الإسرائيلية على أراضي الضفة الغربية المحتلة، وتكثيف الاستيطان اليهودي فيها، وحلّ السلطة الفلسطينية، وتشجيع الفلسطينيين على الهجرة إلى الخارج. وبموجبها، في كل ما يخصّ البدائل التي تعرضها إسرائيل على السكان الفلسطينيين الأصليين، ينبغي العودة إلى فحوى إنذار يشوع بن نون والذي وجّهه إلى سكان مدينة أريحا، عشية اقتحامها قبل أكثر من ألفي عام، وجاء فيه: "إن المستعد للتسليم بوجودنا هنا فليُسلّم، ومن يريد المغادرة فليُغادر، ومن يختار القتال عليه انتظار الحرب!". والغاية الأهم من هذا كله، تتمثّل في القضاء كليًا على فكرة قيام دولة فلسطينية، ففي رأي سموتريتش: "ليس اليأس هو الذي يولد الإرهاب (ضد دولة الاحتلال)، بل الأمل في قيام دولة فلسطينية، وهذا الأمل هو ما أنوي اقتلاعه"!حلم اليمينوكتب سموتريتش في مقدمة خطته: "إن نموذج الدولتين أوصل إسرائيل إلى طريق مسدود، وقوده اليأس من إمكان إنهاء الصراع والتوجّه نحو إدارته، كما لو أنه قدرٌ قاسٍ وأبدي لا رادّ له. البديل يبقى مرهونًا باستعداد المجتمع الإسرائيلي للوصول إلى حسمٍ بدلًا من إدارة الصراع، حسم جوهره أنه لا مكان في أرض إسرائيل لحركتين قوميتين تناقضان بعضهما بعضًا".
وكتب في إجمالها: "إن خطة الحسم هي الخطة الوحيدة التي تستند إلى رؤيا أرض إسرائيل الكاملة. إنها الخطة الوحيدة التي لم تيأس مما كان، حتى وقت قريب، بمنزلة حلم اليمين الإسرائيلي كله، ولا تشتمل على أي كيان قومي عربي في أرض إسرائيل. إنها الخطة الوحيدة التي لا تستند إلى إبقاء جماعة عربية ذات مطامح قومية، لذا هي الخطة الوحيدة التي تستند إلى حسم الصراع بدلًا من الحفاظ عليه في مستويات قوة متغيّرة. وبالأساس هي الخطة الوحيدة التي تؤمن بإمكان تحقيق حلم السلام والتعايش، ولا تستند إلى يأس من هذا الحلم وإلى استبداله بانفصال مستحيل".
يعرض سموتريتش نفسه، كما يتبين مما اقتبسناه عنه أعلاه، وفي كثير غيره، بصفته الصوت الأبرز في اليمين الإسرائيلي الحاكم ضد الحقوق الفلسطينية كافة. فهو ينفي وجود حركة وطنية فلسطينية أصيلة، زاعمًا أن كل ما تفعله ينحصر في "معارضة الصهيونية ووجود دولة إسرائيل". ولذا على إسرائيل مواصلة سياستها المستندة إلى الردع والقبضة الحديدية، مثل مواصلة هدم البيوت، والطرد، وتعزيز الاستيطان والمستوطنات... إلخ.القانون التوراتي
بعد هبّة الكرامة الفلسطينية في أيار/ مايو 2021، كرّر سموتريتش أن المواجهة ليست بين طرفين متساويين، يهود وعرب، إنما مواجهة مع "إرهابيين"، ورأى في ما حدث "انتفاضة قوموية للعرب في إسرائيل، الذين يتعاونون كطابور خامس مع أعدائها في حركة حماس".
هذا التوجّه السياسي الذي يلغي الفلسطيني قبل إلغاء حقوقه، مرتبط برؤية عقائدية دينية، إذ يدعو إلى تعزيز الاستناد إلى الشريعة والأحكام التوراتية. مثلًا قال سموتريتش في عام 2019 إن "قوانين التوراة أفضل بكثير من الدولة التي أرساها أهارون باراك"؛ في إشارة إلى رئيس المحكمة الإسرائيلية العليا السابق، وما يعرف بـ"الثورة القضائية" التي قادها. ويأمل سموتريتش في أن يختار شعب إسرائيل إدارة الدولة وفقًا لقوانين وأحكام التوراة "مثلما كان في أيام الملكين داود وسليمان" على حدّ تعبيره.
فور تولي سموتريتش منصب الوزير الثاني في وزارة الدفاع الإسرائيلية، الذي سيكون مسؤولًا عن الاستيطان في الأراضي المحتلة منذ 1967، بالإضافة إلى منصب وزير المال، حذّر محللون إسرائيليون، منهم مسؤولون سابقون في المؤسسة الأمنية، من أنه سيدفع قدمًا نحو تمهيد الأرض لتطبيق خطته هذه، التي هجس بها لاعتقاده بأن الفرصة سانحة لذلك، في ظل الحكومة الحالية التي هي "حكومة يمينية كاملة".
بحسب هذه التحليلات، إلى جانب الأهداف المعلنة للانقلاب القضائي، الذي سعت الحكومة إلى تشريعه، ثمة هدف فحواه وضع أساس قانوني يسمح بضم جارف لكل المنطقة الواقعة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط، من دون إعطاء مواطنة للفلسطينيين سكان الضفة الغربية، والمخطط التفصيلي لهذه العملية موجود في "خطة الحسم".
بغية فهم ما يجري اليوم ينبغي قراءة القسم الأول من خطة سموتريتش: "حسم المستوطنات"، في هذه المرحلة، ينوي سموتريتش، حرفيًا، إغراق أراضي الضفة الغربية بالمستوطنات والمستوطنين اليهود، وعندما يحدث ذلك، سيفهم الفلسطينيون أنهم لن يحصلوا على دولتهم، وسيضطرون إلى الاختيار بين ثلاثة خيارات: حياة قمعية تحت سلطة إسرائيل، أو الهجرة، أو الموت شهداء.
هذا سبب طلب سموتريتش، وهو ما حصل عليه في المفاوضات الائتلافية، الإشراف على المستوطنات وعلى حياة السكان فيها (المستوطنون) في وزارة الدفاع، وهذا سبب الصراع العنيد الذي يخوضه ضد وزير الدفاع، ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، في كل مرة يجري إخلاء بؤرة استيطانية يهودية غير قانونية، أو لا يجري إجلاء البدو الفلسطينيين من الخان الأحمر. كما يهدف الانقلاب القضائي، في قراءته، إلى إزاحة المحكمة العليا، التي يمكن أن تشكل عقبة في طريق خطته.متعصب أيديولوجي
داخل هذه التحليلات كان ملفتًا مقال مسؤول كبير سابق في جهاز الأمن الإسرائيلي العام "الشاباك"؛ هو ليئور أكرمان، نشره في صحيفة "معاريف"، حين أنعش الأذهان بذكره سؤاله لسموتريتش لدى إشهاره "خطة الحسم"، والخيارات الثلاثة التي ينبغي عرضها على الفلسطينيين (مغادرة فلسطين، أو العيش فيها بوضعية مقيم، لأنهم أقل شأنًا وفق الشريعة اليهودية، وإذا رفضوا الخيارين سيعرف الجيش ما الذي يجب فعله) عما إذا كان ينوي قتل عائلات ونساء وأطفال، أجاب "في الحرب كما في الحرب" .
هذا يعني، في قراءة أكرمان، أن وزير المال، وكبير أعضاء مجلس الوزراء، والمسؤول عن الخزانة العامة والعلاقات الاقتصادية للدولة مع العالم، متعصب مسياني يعمل انطلاقًا من رؤية أيديولوجية محدّدة لتفكيك إسرائيل بشكلها الحالي، وحلّ السلطة الفلسطينية، وربما الأردن والعراق، والتأسيس لـ "مملكة يهودا" بحسب الشريعة اليهودية، وفقًا لشروط وحدود مفصلة في التناخ، من دون فصل بين السلطات، ومن غير نظام قضائي مستقل ومفاهيم الحرية والتعددية وحقوق الإنسان.
أمّا نيّة سموتريتش تولي الإدارة المدنية في الضفة الغربية، فنابعة من رغبته في جعل الأنظمة العسكرية مدنيّة، وتحقيق الإلغاء الكامل للسلطة الفلسطينية، وإنشاء مستوطنات جديدة، وتجنّب منح الفلسطينيين تصاريح بناء، كي يفهموا أنه لن تكون لهم دولة، بل لن يكون شعب فلسطيني أصلًا. ومطالبته بأن يتبع حاخام الجيش العسكري للحاخامين بدلًا من رئيس هيئة الأركان العامة، تهدف إلى إفقاد الجيش ما يوصف بأنه "قيمة القيادة الموحدة"، التي يقوم عليها، ما يساهم مساهمةً كبيرةً في تفكيك النسيج الاجتماعي الهشّ أصلًا في إسرائيل.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top