تحولت الضغوط في الشأن الرئاسي، مع ساعات الليل، إلى تهديدات صريحة وعلنية، ومتواصلة على النواب لحثهم على انتخاب قائد الجيش جوزاف عون. نواب المعارضة من جهتهم، كانوا يجاهرون بذلك، لجهة أداء وممارسة الموفدين الفرنسي جان إيف لودريان، والسعودي الأمير يزيد بن فرحان، بالضغط عليهم، ولم يجدا حرجاً في الحديث عن محاضر اجتماعاتهما معهم.
وعلمت "المدن" أنّه وفي أحد الاجتماعات مع عدد من النواب، طلب لودريان بشكل صريح منهم انتخاب عون. ليجيبه أحد النواب بأنّ انتخابه يعد مخالفاً للدستور. فقال لودريان "هذا رأينا وموقف الخماسية كذلك.. نحن نعطيكم رأينا ونريد منكم الالتزام به"، ليجيبه النائب "ومن طلب رأيك لتفرضه؟".
كلام النائب أحرج زملائه من الكتلة ذاتها، فيما ضغوط أو تهديدات الموفدين ستتوضح في جلسة غد الخميس، من خلال تعاطي بعض النواب، الذين لم يجدوا حرجاً في الحديث عن ضغوط مورست عليهم، بل والتماهي معها.اجتماعات متواصلةوحتى ساعات متأخرة من الليل، كانت الاجتماعات لا تزال مستمرة، والمتغيرات السياسية تتقلب ساعة بساعة. المشهد واحد من البياضة إلى معراب إلى اليزرة، من حيث زحمة المواقف المعلنة وغير المعلنة، بعدما انقسم لبنان السياسي بين فريق مؤيد لعون وفريق مناهض له، بينما الصندوق سيقول كلمته غداً، مع المفاجأت التي قد تحصل في الربع ساعة الأخيرة، طالما أنّ الدخان الأبيض لم يخرج بعد لينذر بمجيء عون أو غيره لرئاسة الجمهورية.
ولساعة متأخرة أيضاً، كان النواب في انتظار اجتماع الثنائي الشيعي، الذي يبدو متكتماً عن إبداء موقفه الأخير وبانتظار لحظة صندوق الاقتراع. وحسب معلومات "المدن"، فإنّه وبأغلب الظن لن يرضخ للضغوط بانتخاب عون. وحسب مصادر الثنائي، فإنّه قبل الاجتماع وبعده، تحدثت عن تعذر انتخاب قائد الجيش، من دون أن تقفل الباب على المفاجآت.احتساب الأصواتكما أفادت المعلومات أنّ الرئيس نبيه برّي لم يكن مرتاحاً لما بلغه عن تعاطي لودريان مع النواب. وأُشيع أنّ من السيناريوهات المتوقعة أن يعلق رئيس المجلس الجلسة بعد دورتها الأولى في حال عدم الإتفاق.
وانشغل النواب ليلاً في عملية احتساب الأصوات. وحسب أحدهم، فإنّ عملية "البوانتاج" تشير إلى تعذر بلوغ عون عتبة الـ86 صوتاً، فيما رجحت مصادر نيابية أن يبلغ عدد المعارضين مع الثنائي والتيار 51 صوتاً.
وتحدثت هذه المصادر لـ"المدن" عن وجود مشكلة بالغة الصعوبة، في جلسة الانتخاب والانقسام الذي ينذر بأزمة. وقالت إنّ انتخاب عون، يعني هزيمة سياسية لحزب الله بعد الهزيمة العسكرية التي مني بها، والمسار سيستكمل حكماً في تشكيل الحكومة وبيانها الوزراي.
على الخط المقابل، علمت "المدن" أنّ أكثر من سيناريو أُعد للجلسة لا سيما من جانب المعارضة، "فيما لو حاول أي من الأفرقاء تمرير سيناريو ما غير متوقع". وتفيد المعلومات أنّ المعارضة ستلتزم بالتصويت للمرشح الذي ستعلنه عقب اجتماعها في كل الدورات.
إذاً، ساعات حاسمة تفصل عن انتخاب الرئيس الـ14 للجمهورية. الاحتمالات مفتوحة، فإمّا الانتخاب أو تطيير النصاب لمزيد من التشاور، فيما يبقى عنصر المفاجأة حاضراً.وتوقعت مصادر نيابية أن تستمر المشاورات إلى ما قبل فتح صندوق الاقتراع بوقت قصير، وفي ظنها أن المنطق يقول، ومع سرية الاقتراع ، أن يتم الركون لصندوق الاقتراع وليس إلى تصريحات النواب. ففي الصندوقة لن يتم التصويت لاسم وإنما لخيار، وستكون للنتائج تبعاتها. والعبرة في ما ستحمله الساعات الفاصلة عن فتح صندوق الاقتراع.