أعلنت شركة "ميتا" المالكة لمنصات تواصل اجتماعي كبرى مثل "فايسبوك" و"إنستغرام" و"واتساب"، أنها ستوقف برنامجها لتقصي صحة الأخبار في الولايات المتحدة، ما يمثل انتكاسة كبيرة لسياسة الإشراف على محتوى شبكاتها الاجتماعية، بحسب متخصصين.
وقال رئيس المجموعة مارك زوكربرغ في منشور: "سنستغني عن العاملين في خدمة تقصي صحة الأخبار ونستعيض عنهم بملاحظات المستخدمين، على غرار ما هي الحال في إكس، بدءاً من الولايات المتحدة"، حسبما نقلت وكالة "فرانس برس".وبدلاً من دعوة منظمات مستقلة لمكافحة المعلومات المضللة، قام إيلون ماسك مالك منصة "إكس" بإضافة خاصية الملاحظات التي يضعها المستخدمون عندما يعتقدون أن المعلومات الواردة في منشور ما تتطلب توضيحاً أو تفنيداً. ورأى زوكربرغ أن "المدققين موجهون جداً سياسياً، وساهموا أكثر في إضعاف الثقة بدلاً من تعزيزها، وخصوصاً في الولايات المتحدة".وأتى إعلان "ميتا" في ظل اتهام ماسك والعديد من المسؤولين الجمهوريين برامج التثبت من الحقائق بممارسة "الرقابة" على الناشطين المحافظين في مواقع التواصل الاجتماعي. واعتبر دونالد ترامب الثلاثاء خلال مؤتمر صحافي في مقر إقامته في مارالاغو بولاية فلوريدا، أن "ميتا وفايسبوك حققا الكثير من التقدم". وردا على سؤال حول الصلة بين فوزه في الانتخابات وإعلان "ميتا"، اعتبر الرئيس المنتخب أن زوكربرغ اتخذ القرار "على الأرجح" بسبب التهديدات التي وجهها له في الماضي.وتم تعليق حساب الملياردير الجمهوري في "فايسبوك" بعد هجوم مئات من أنصاره على مبنى الكابيتول في 6 كانون الأول/يناير 2021 بتهمة التحريض على العنف. وتمت إعادة تنشيط حسابه في أوائل العام 2023، لكنه لم يتوقف عن مهاجمة "ميتا".بدوره، علق ماسك الثلاثاء على القرار عبر حسابه في شبكته الخاصة، واصفاً إياه بأنه "جيد". وأرفق حليف ترامب ورئيس شركتي "تيسلا" و"سبايس إكس" تعليقه المقتضب بلقطة شاشة لمقال بعنوان "فايسبوك يصرف متقصي صحة الأخبار في محاولة لإحياء حرية التعبير". وأكمل: "يقول مارك زوكربرغ إن المشرفين على المحتوى متحيزون سياسياً، واعداً بنظام مشابه لنظام إكس".واعتبر زوكربرغ أن الانتخابات الأميركية الأخيرة تمثل "نقطة تحول ثقافي تعطي الأولوية مجدداً لحرية التعبير". وأوضح أن المجموعة ستعمل في الوقت نفسه على إعادة النظر في قواعدها المتعلقة بالمحتوى الموجود على كل منصاتها وتبسيطها و"وضع حد لبعض القيود المتعلقة بالمواضيع، كالهجرة والجنس، التي لم تعد في الخطابات السائدة".لكن بالنسبة للعديد من المراقبين، يفتح هذا التغيير الجذري في السياسة الأبواب أمام طوفان من المعلومات المضللة والتدخل في الانتخابات. وقالت أنجي هولان مديرة الشبكة الدولية لتدقيق الحقائق التي تضم أكثر من 170 منظمة حول العالم، إن الإجراء الجديد "سيضر بالمستخدمين الذين يبحثون عن معلومات دقيقة وموثوقة لاتخاذ قرارات يومية".وأضافت هولان: "لم تقم صحافة التحقق من الحقائق مطلقاً بممارسة رقابة على المنشورات أو إزالتها. يضيف مدققو الحقائق المعلومات والسياق إلى الادعاءات المثيرة للجدل، ويكشفون الخدع ونظريات المؤامرة" وذلك "باتباع مبادئ غير متحيزة وشفافة".كذلك الأمر بالنسبة لكلارا خيمينيز كروز رئيسة الشبكة الأوروبية لمعايير التثبت من الحقائق، التي قالت إن قرار المجموعة "يبدو أن دوافعه سياسية أكثر من كونها قائمة على الأدلة".وبدأ العديد من قادة شركات التكنولوجيا العملاقة في التقرب من ترامب أثناء الحملة الانتخابية بعدما كانوا من منتقديه خلال ولايته الأولى، وتنامت الظاهرة منذ فوزه في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. ومن هؤلاء زوكربرغ الذي تناول العشاء مع ترامب في تشرين الثاني/نوفمبر في مارالاغو، وتبرع بمليون دولار لصندوق تمويل حفل تنصيبه في 20 كانون الثاني/يناير، وقام بتعيين العديد من أنصار الحزب الجمهوري في مناصب عليا بمجموعته.وقال جويل كابلان المقرب من ترامب والذي عين مؤخراً مسؤولاً عن الشؤون العامة في "ميتا"، في بيان أن "محتويات كثيرة غير ضارة حذفت، وحبس عدد كبير من الأشخاص ظلما في سجن فايسبوك"، معتبراً أن النهج الحالي "ذهب إلى أبعد من اللازم".وتريد "ميتا" نقل فريقها المسؤول عن "الثقة والأمان" من ولاية كاليفورنيا ذات التوجه التقدمي عموماً إلى ولاية تكساس المحافظة. وقال زوكربرغ: "سيساعدنا ذلك على تعزيز الثقة لإنجاز المهمة بقدر أقل من القلق في شان التحيز بين فرق عملنا". وتصب هذه الخطوة أيضاً في خانة رغبة "ميتا" في التراجع عن القرار الذي اتخذته العام 2021 بالحد من المحتوى السياسي على منصاتها.وتشارك وكالة "فرانس برس" بأكثر من 26 لغة في برنامج لتقصي حقيقة الأخبار وضعته شركة "فايسبوك"، التي تدفع لأكثر من 80 وسيلة إعلامية في مختلف أنحاء العالم لاستخدام خدماتها المتعلقة بتقصي صحة الأخبار في منصتها وعبر "واتساب" و"إنستغرام".