تمرّ منطقة الشرق الأوسط بتحوّلات جيوسياسية واقتصادية كبيرة ترى وكالة "إس آند بي غلوبال" S&P Global، أنها "ستؤثّر في البيئة التشغيلية والاستثمارية في المنطقة" خلال العام 2025. ولتجاوز التأثيرات وتحقيق الاستقرار والنمو المستدام، تعتبر الوكالة أنه من الضروري "تعزيز التعاون الإقليمي واستغلال الفرص المتاحة للتعامل مع التحديات العالمية".
التأثيرات على لبنانلن يكون لبنان بمنأى عن التأثيرات، إذ أنه في قلب الأحداث. وعليه، تتوقّع الوكالة في تقرير لها، حصول "انكماش حاد في الاقتصاد اللبناني على خلفية التصعيد العسكري بين إسرائيل وحزب الله خلال العام 2024". وتشير إلى أن البنك الدولي "قدّر الأضرار المادية الناجمة عن النزاع بحوالي 3.4 مليار دولار، أي ما يعادل 13 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي اللبناني لعام 2024".وكذلك تتوقّع "تفاقم حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في لبنان خلال 2025، مع استمرار غياب الحلول للتخلف عن سداد الديون السيادية".
الانعكاسات في سوريابالتوازي، ترجِّح الوكالة أنّ تأثير التحوّلات في سوريا، ومنها "استيلاء المعارضة السورية على الحكومة"، ستؤدّي إلى "تفاقم الأوضاع الزراعية نتيجة الاضطرابات الأمنية". وتشير إلى أن "المناطق الشمالية الغربية ستواجه صعوبات كبيرة في الوصول إلى الغذاء والموارد بسبب خطر تجدد الحرب الأهلية". كما توقعت "زيادة عمليات تنظيم داعش الإرهابي خلال العام المقبل، ما يزيد الضغوط الاقتصادية، ويعزز احتمالات التضخم والصراع".
المزيد من التأثيراتبالتوازي، ترى الوكالة أن مصر "ستواصل تنفيذ إصلاحات نقدية ومالية واقتصادية تتماشى مع متطلبات صندوق النقد الدولي حتى عام 2025، بهدف الحدّ من اختلالات الاقتصاد الكلي وخفض الديون العامة. وتسعى الحكومة المصرية حالياً لإعادة التفاوض على بعض شروط برنامج التمويل الممتد لصندوق النقد الدولي بقيمة 8 مليارات دولار، نظراً للضغوط الكبيرة التي تسببت بها على تكاليف المعيشة".كذلك، تتوقّع الوكالة أن "تساهم التوقعات الضعيفة لأسعار النفط في زيادة المخاطر المالية على الدول المنتجة للنفط في المنطقة، ما قد يؤدي إلى تأخير أو إلغاء مشاريع البنية التحتية الكبرى. ومن المحتمل أن تضطر دول مثل العراق، التي تعاني هشاشة مالية وعدم استقرار سياسي، إلى تقليص الإنفاق العام، ما يزيد احتمالية تصاعد النزاعات".أيضاً "قد تُعيد الدول الغنية مثل السعودية ترتيب أولوياتها الاستثمارية ضمن استراتيجيتها للتحول الاقتصادي بعيداً عن الاعتماد على النفط". وفي السياق، أشارت الوكالة إلى أن "السعودية والإمارات وضعتا خططاً طموحة لتطوير قطاعات التكنولوجيا من خلال الاستثمار في أشباه الموصلات وتقنيات الذكاء الاصطناعي".أما الاقتصادات غير النفطية لدول مجلس التعاون الخليجي "من المرجح أن تواجه معدلات فائدة مرتفعة وتوقعات نمو ضعيفة. وقد تضطر البنوك المركزية في هذه الدول، التي تربط عملاتها بالدولار الأميركي، إلى مواكبة سياسات الفائدة المرتفعة للاحتياطي الفيدرالي الأميركي إذا استمر التضخم في الولايات المتحدة بالارتفاع نتيجة فرض تعريفات جمركية جديدة".وتضع الوكالة إسرائيل ضمن مسار تحليلاتها للمنطقة، فترى أنه "من غير المتوقّع أن تتراجع قدرتها المالية على تمويل العمليات الحربية، إلا أن الضغوط الاقتصادية قد تدفع الحكومة إلى اتخاذ تدابير مالية أكثر تشدداً، ما يزيد احتمالات الانقسامات السياسية داخل الائتلاف الحاكم".
التجارة في المنطقةمنذ دخول الحوثيين في اليمن على خط الحرب التي انطلقت في تشرين الأول 2023، تحت شعار دعم غزّة، ارتفعت المخاطر على حركة الشحن في المنطقة، بفعل استهداف الحوثيين للسفن التجارية والعسكرية في خليج عدن ومضيق باب المندب والبحر الأحمر، وعليه، تشير الوكالة إلى أن "المخاطر ستظل مرتفعة على حركة الشحن في المنطقة". كما رجّحت "استمرار الغارات التي ينفذها التحالف بقيادة الولايات المتحدة وإسرائيل ضد الحوثيين حتى عام 2025".وحول التأثيرات على دول شمال إفريقيا مثل المغرب ومصر وتونس والجزائر توقّعت الوكالة "زيادة الاعتماد على واردات القمح الروسي، خصوصاً إذا استمرت ظروف الجفاف وتراجع المحاصيل في أوروبا". وأشارت الوكالة إلى أن "روسيا ستحافظ على استقرار علاقاتها الدبلوماسية مع دول شمال إفريقيا".