إشارتان ظهرتا أمس كشفتا أنّ الغموض ما يزال مسيطراً على مصير جلسة إنتخاب رئيس للجمهورية يوم غد، وكشفتا أنّ الحسابات السياسية الداخلية والخارجية ما تزال تخضع للشدّ والجذب والضغوطات المتبادلة، وسط حبس للأنفاس جعل مآلات الجلسة والبلد مفتوحة على جميع الإحتمالات.
الإشارة الأولى كانت في ما كشفه المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين خلال فطور صباحي أقامه يوم أمس النّائب فؤاد مخزومي، عبّر فيه عن “دعم بلاده لانتخاب رئيس للجمهوريّة، لكنّه لم يحصر الدّعم فقط بقائد الجيش العماد جوزيف عون، عندما أشار إلى أنّه “ليس الوحيد”، ما زاد من حجم الضياع والإرباك وسط تساؤلات حول إنْ كان ذلك مقصوداً للتمويه، أم أنّه تعبير عن واقع الحال.
أمّا الإشارة الثانية فتمثلت في تأخير قوى المعارضة حسم موقفها من الإستحقاق الرئاسي وإعلان مرشّحها بعدما وجدت في تصريح هوكشتاين “نصف كلمة سرّ”، فلا هو قال لهم بوضوح إنتخبوا عون، ولا قال لهم العكس، الذي يُروّج البعض أنّ انتخابه يشكل تقاطعاً بين الدول المعنية بالملف اللبناني، ما جعلهم يتأخّرون في كشف موقفهم إلى التاسعة من مساء اليوم، وفق ما أوضح النائب وضّاح الصادق أمس.
هذا التأخير ردّه مراقبون إلى خشية المعارضة من ظهور إنقسامات بين مكوناتها تؤدّي إلى تفكّكها عشية الجلسة، في ظلّ وجود أكثر من مرشّح لديها، ووجود أكثر من توجّه وارتباط خارجي لها إنطلاقاً من حساباتها الداخلية، وتضارب مصالحها الخاصّة، وأنّ ما يفرّقها عملياً أكثر مما يجمعها نظرياً، فضلاً عن عدم الثقة بين أطرافها المختلفة الإنتماءات والمشارب والأهواء.
هذه الأجواء كانت دافعاً لتزايد الشّكوك بين قوى المعارضة، وتمثل ذلك في ما تسرّب من مواقف ومعلومات عن أنّ كتلاً نيابية معينة ستنتظر حتى اللحظات الأخيرة لإبداء موقفها العملي من الإستحقاق الرئاسي، ولن تسهم في تأمين نصاب الجلسة من دورتها الأولى وهو 86 نائباً، وتغطية إنتخاب هذا المرشّح أو ذاك في حال لم تقبض ثمن ذلك، سياسياً على الأقل، إذا وجدت أنّ انتخاب رئيس جديد للبنان لم يحن أوانه بعد.
وترافقت هذه الأجواء المضطربة التي جعلت الأنفاس تحتبس قبل يوم من موعد الجلسة الإنتخابية المرتقبة، مع معلومات متضاربة حول حظوظ هذا المرشح أو ذاك. ففي حين يُشاع على نطاق واسع أنّ حظوظ قائد الجيش جوزيف عون هي الأكبر، راجت أمس معلومات عن أنّ سحب المدير العام للأمن العام اللواء الياس البيسري “غير دقيق”، قبل أن يُفجّر مساء أمس الوزير السّابق وئام وهاب “قنبلة دخانية” زادت من الغموض على مصير الجلسة، بقوله في تغريدة له إنّ وزير المالية “جهاد أزعور رئيساً. قضي الأمر. و(رئيس مجلس النوّاب نبيه) برّي يحيك المخرج”.
كلّ ذلك شكّل دافعاً للتساؤل حول هل أنّ حركة الموفدين العرب والدوليين إلى لبنان خلال الأيّام القليلة الماضية لم تحسم مصير الإستحقاق الرئاسي بعد، ام أنّ مفاجأة ما سيشهدها مجلس النوّاب غداً؟
الأربع والعشرين ساعة المقبلة ستحسم كلّ ذلك.
موقع سفير الشمال الإلكتروني