قبل يوم من الاستحقاق الكبير، يسهب سفير مصر في لبنان علاء موسى، في شرح مواصفات مستجدة يحتاجها أي رئيس مقبل للجمهورية، في ضوء التطورات الحاصلة في لبنان والمنطقة. هي توليفة من بروفايل رئاسي يحتاج إلى قبول عربي ودولي، فالملفات الدسمة على طاولة بعبدا، وفيما بعد الحكومة المرتقبة، ثقيلة، وأمام لبنان "مشوار طويل من المفاوضات مع صندوق النقد ومرحلة اعادة الاعمار" كما يشير موسى، اضافة إلى تطبيق الـ1701 واستكمال تطبيق اتفاق الطائف.
يعتبر موسى أنّ ما يحصل في سوريا، يجب أن يكون جرس انذار للبنان "وإلاّ سيكون الوضع في لبنان معرض لكثير من الهزات الآتية من الخارج والداخل"، محذراً السياسيين، وداعياً للإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، مع التأكيد على أنّ أي رئيس يحظى بالاجماع اللبناني، سيُقابل بدعم دول الخماسية وأصدقاء لبنان، من دون اغفال التوقيت المهم لزيارة الموفد السعودي يزيد بن فرحان للبنان، حيث أكدّ موسى أنّه "لا نستطيع فصل الزيارة عن جلسة الانتخاب والرئيس وما بعد الرئيس".رئيس جامعوفي حوار أجرته "المدن" مع السفير المصري، أشار موسى إلى أنّ أيّ من الأسماء المطروحة للرئاسة لا تحظى لغاية اليوم على الـ86 صوتاً، معتبراً أنّ "النواب يحاولون الوصول إلى هذا الرقم أو أعلى منه". وينقل في هذا الإطار ما قاله رئيس المجلس النيابي نبيه بري، خلال اجتماعه الأخير مع اللجنة الخماسية، بأنّ "الهدف ليس رئيساً بـ86 صوتاً، بل أعلى من ذلك بكثير"، وهو عنوان يضمن بأن تكون المرحلة المقبلة أقل صعوبة، مع رئيس توافقي جامع. وبحسب موسى فإنّه "لو فاز أحد المرشحين بـ65 صوتاً، أي الاحتكام لرأي الأغلبية، ولكن الوضع في لبنان تحديداً يحتاج اليوم إلى اجماع، وأن لا يأتي رئيس من دون توافق بين القوى الرئيسية، ولا باستبعاد القوى الأخرى".
فما الذي أنجزته إذا اللجنة الخماسية على مستوى الدفع بانتخاب رئيس للجمهورية، مع زحمة الموفدين، وهل ساعدت زيارة بن فرحان وبعدها الموفد الأميركي آموس هوكشتاين، بدفع حظوظ قائد الجيش العماد جوزاف عون، بالانتقال من اليرزة إلى جارتها بعبدا؟
يؤكد موسى أنّه "سواء الموفد السعودي أو الأميركي، فهما لم يأتيا للبنان من أجل تزكية اسم معين، وأنمّا لاهتمام دولهما بالوضع في لبنان. ولكن مما لا شك فيه أنّ زيارة الموفد بن فرحان مهمة، لأنها أول زيارة لشخصية سعودية منذ فترة للبنان، وعلى بعد أيام بتوقيت ايجابي من انعقاد جلسة الخميس. وبالتالي تحمل زيارته أهمية لما قدمته السعودية مراراً من مساعدة للبنان في استحقاقات عدة. وحكماً لا يمكن فصل الزيارة عن جلسة الانتخاب والرئيس وما بعد الرئيس".الدعم الخليجيفبحسب موسى، يحتاج لبنان إلى دعم عربي ودولي "تأتي بمقدمتها دول الخليج"، فهل يرتبط هذا الدعم العربي الخليجي بإسم محدد؟ يجيب موسى بأنّ "الدعم مرتبط برئيس جامع ورئيس يحمل رؤية واضحة، كما يلقى قبولاً عربياً ودولياً، وأقول هذا لأننا أمام مفاوضات طويلة مع صندوق النقد، ولن يُفتح الباب أمام لبنان سوى بدعم دولي في هذا الإطار وعلى رأسه الولايات المتحدة الاميركية". يضيف إليها موسى "الدعم المالي لتحسين الأوضاع الاقتصادية وضخ الاستثمارات واعادة الاعمار، وهذا يأتي من دول الخليج... يمكن أن يختار النواب من يشاؤون من الاسماء، ولكن على البحث أن يكون ضمن بروفايل رئيس يحمل هذه المواصفات".حظوظ قائد الجيشفهل يحمل قائد الجيش هذه المواصفات، وهل تم دعمه من السعودية بعد الدعم الذي حصل عليه من الولايات المتحدة الأميركية، وخصوصاً بعد ما أُشيع بأنّ الموفد السعودي عرض اسم عون امام "الخماسية" كمرشح أساسي للجمهورية؟ ينقل موسى في هذا الإطار رداً على السؤال ما كان يتم تداوله في "أحاديث الخماسية"، مشيراً إلى أنّه لا يتحدث باسم الموفد السعودي، ولكن "موقفنا في الخماسية قبل مجئ وبعد زيارة بن فرحان، موقف واضح، فأي رئيس يأتي بالغالبية المطلوبة سوف يجد الدعم من اللجنة الخماسية، لا يعنينا الاسم كثيراً بقدر ما يهمنا الاجماع اللبناني". ويتابع السفير المصري "لو حصل قائد الجيش على الاصوات المطلوبة، سنرحب بذلك كثيراً، وخصوصاً أننا لمسنا أداء عون بشكل واضح وايجابي جداً خلال السنتين الأخيرتين وفي مرحلة العدوان الإسرائيلي على لبنان وما بعد العدوان. فالجيش اللبناني أدى واجبه على أكمل وجه بعد السابع والعشرين من تشرين الثاني وسارع إلى ضبط الوضع. طبعاً هناك نواقص متعلقة بالامكانيات الموجودة على الأرض في ظل استمرار الخروقات الإسرائيلية، ولكن أداء الجيش وقائده كان ممتازاً".عدم شرعية عون؟ ويعيد موسى التأكيد رداً على سؤال بأنّ عون لا يحظى باجماع وطني، إذا كانت هذه هي مواصفات الرئيس التي تسوق لها اللجنة الخماسية، بأنّه "في الخماسية لم يتم تناول الأسماء، ولليوم لا يوجد شخص عليه اجماع لبناني، فيما حزب الله قال إنّه لا يوجد فيتو على قائد الجيش، والرئيس بري قال في أكثر من مناسبة وخلال اجتماعنا معه بإنّ انتخاب عسكري يحتاج إلى أغلبية 86 صوتاً، فإنّ حصل أي عسكري على هذه الاصوات فإنّ الثنائي لن يعارض، لذا فالأمر مرتبط اليوم بالحصول على الأغلبية".
ويختم موسى حديثه عن قائد الجيش بالقول إنّه "في المراحل النهائية قد تظهر بعض الأمور"، مع دعوته للبنانيين وسياسييه بأن يتفاءلوا "لعله تأتي الفرصة فنستغلها". فأمام الرئيس المقبل الكثير من التحديات، وبالتالي "فمن المهم أن ينتخب رئيس بأغلبية مريحة ليستطيع من خلالها العمل وتيسير أعمال البلد مع الحكومة المقبلة".سوريا جرس انذاروقبل الحديث عن الخطة ب، في حال لم يتم انتخاب رئيس للجمهورية، يتطرق السفير المصري رداً على سؤال حول ربط انتخاب الرئيس والمواصفات الرئاسية بالتطورات الحاصلة في المنطقة وتحديداً في سوريا، وإلى أي مدى قلب سقوط بشار الأسد المشهد الرئاسي في لبنان، محذراً السياسيين في لبنان. ويقول موسى "ما يحدث على حدود لبنان، يجب أن يكون جرس انذار للبنان، لذا يجب المسارعة إلى انتخاب رئبس وبناء الدولة وتفعيل مؤسساتها، وعلى راسها الرئيس ومن ثم الحكومة والبرنامج الحكومي، وملئ المؤسسات الشاغرة، لكي يسير دولاب العمل في لبنان، ويتمكن بالتالي من مواجهة كل التحديات". وإلاّ ماذا؟ يجيب موسى "سيكون هناك مشكلة شديدة جداً، والا سنجد الوضع في لبنان، معرض لكثير من الهزات الاتية من الخارج والداخل. فأي دولة في العالم على حدودها دولة جارة تمر بوضع حرج، يجب عليها أن تستقيظ، وإذا لم تفعل فهي مهددة، ولبنان لا يحتمل المزيد من الهزات، ولتحصينه يجب بناء دولة قوية".الخطة بوعلى الرغم من أنّه يعزز منطق الايجابية "واستغلال الفرص"، إلاّ أنّ الخطة ب جاهزة في حال لم يتم الاتفاق على رئيس في جلسة الخميس، ويتابع موسى "هذا شيء محبط أن نصل إلى جلسة الخميس ولا نخرج منها بشيء. ونتمنى ألا نكون أمام الجلسة الثانية عشرة مكررة. وأقول بأنّ الممارسة نفسها مسألة مهمة، وأن نكون في اليوم ذاته أمام دورات مفتوحة فهذا أمر ايجابي، وعدم الانتخاب من أول دورة ليس مؤشراً سلبياً، انمّا استمرار الدورات هو السلبي. ونتمنى أن يتم انتخاب رئيس الخميس بأكبر عدد ممكن من الأصوات".
وعن توقعاته السياسية لسيناريو جلسة الخميس، ينقل سفير مصر، شعوره بالرغبة القوية لدى الأفرقاء بانتخاب رئيس، ويختم بالقول "كلّ يريد ما يرضيه ولكن نأمل الوصول إلى رئيس، وما سمعناه في الخماسية خلال لقاءاتنا مع الأفرقاء هو رغبة حقيقة بالخروج برئيس ينهي الشعور في لبنان".