لم يتمكّن مجلس الوزراء اليوم من تمرير "مشروع القانون المتعلق بمعالجة أوضاع المصارف في لبنان وإعادة تنظيمها"، بعد وقوع إشكالات بين بعض الوزراء ورئيس الحكومة حول الإجحاف الذي يضمره المشروع بحق المودعين. وقد انتهى البحث بإعادة النظر بالمشروع خلال أسبوعين، لكن ذلك لا يعني أن وجهة المشروع يمكن أن تتغيّر جذرياً، فالتوجه الحكومي واضح لجهة تحميل المودعين الجزء الأكبر من المسؤوليات. فهل سيسكت المودعون عن استباحة أموالهم بالقانون؟إشكال في الجلسةرأس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي جلسة لمجلس الوزراء في السرايا، شارك فيها نائب رئيس مجلس الوزراء سعاده الشامي إلى جانب 17 وزيراً بينهم وزير المهجرين عصام شرف الدين الذي انسحب من الجلسة بعد اتهامه من قبل ميقاتي بـ"التآمر مع المودعين".
وبعد طرح المشروعين على مجلس الوزراء وهما "مشروع القانون المتعلق بمعالجة اوضاع المصارف في لبنان واعادة تنظيمها" ومشروع "تعديل قانون النقد والتسليف وانشاء المصرف المركزي"، قال ميقاتي "لقد تبلغنا ملاحظات الوزراء سابقاً على هذين المشروعين، ولكن هناك بعض الملاحظات الإضافية التي وردتنا. وعلى هذا الاساس كلفت نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي إعادة النظر بالمشروعين المعروضين على مجلس الوزراء في ضوء الملاحظات الجديدة والعودة بصيغة جديدة في خلال أسبوعين الى مجلس الوزراء".تحرّك المودعينوتزامناً مع انعقاد مجلس الوزراء نفذت مجموعات المودعين منها جمعية صرخة المودعين والمجموعة العسكرية لاستعادة الودائع ورابطة "تضامن المودعين"، اعتصاماً في ساحة رياض الصلح، احتجاجاً على "إقرار قانون لا دستوري من قبل الحكومة لشطب 80 في المئة من الودائع".
وطالب المعتصمون باستعادة الودائع كاملة بعملة الحساب مع الفوائد والتعويضات، والتعويض على مودع الليرة باحتساب قيمة وديعته الحقيقية بتاريخ فتح الحساب، والتعويض عن كل خسارة لحقت به من خلال احتجاز وديعته مع العطل والضرر. رافضين تطبيق أي "هيركات على أموال المودعين بشكل حتمي" منتقدين بدعة الحسابات ما قبل تشرين وما بعد تشرين، والحسابات المؤهلة وغير المؤهلة، وبدعة اللولار وشدّدوا على رفض شطب اي ليرة من الودائع.
وأكد رئيس جمعيه المودعين اللبنانيين الفرنسيين (ADFL) ريشار فرعون في حديث لـ"المدن" رفض المودعين للمشروع الذي طرحه مجلس الوزراء جملة وتفصيلاً باعتباره يقتطع أكثر من 80 في المئة من قيمة الودائع التي تم الاقتطاع منها أصلاً على مدى السنوات الخمس السابقة.
وشدّد فرعون على أن جمعيات المودعين ستعود إلى الشارع قريباً ولن تتوانى عن مواجهة ما أسماه بـ"الهرطقات" القانونية التي يبتدعها ميقاتي ومستشاروه بهدف سلب المودعين أموالهم على حساب إعادة الحياة للمصارف المفلسة.إبادة جماعيةوكان شرف الدين قد أبدى تحفظه على المشروع المطروع على مجلس الوزراء لأنه يتعارض مع أحكام الدستور، واعتبره "إبادة جماعية". وأكد شرف الدين أن "القانون يتعارض مع الدستور ولا يمكن تمريره وتطبيقه"، معتبراً أن "التعمد والإصرار في مخالفة الدستور وبالأخص في مواده الحاضنة والحامية لحقوق المواطنين في أموالهم وأعراضهم هي جريمة بحق المواطن وبحق الوطن، توازي في خطورتها وأبعادها، قانوناً وفقهاََ، جريمة الإبادة الجماعية ". وأكد أنه سيكون له دراسة قانونية مفصلة في هذا الموضوع.
وفي تصريح لشرف الدين بعد انسحابه من الجلسة، قال: "إن المودعين في لبنان لا يمكن أن يكونوا الضحية الجديدة للتسويات السياسية التي تحاول تمريرها المصارف، وأرفض أن يتخذ أي مشروع قانون للمصارف على حساب حقوق المواطنين".
من جهته، جدّد وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام عبر حسابه على منصة "اكس" موقفه الرافض لأي خطة تهدد ودائع المواطنين وجنى عمرهم وتضعف الثقة بالنظام المالي. وقال: "تقدمت باعتراضي إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء بتاريخ 21/02/2024 على مشروع القانون المتعلق بمعالجة أوضاع المصارف وإعادة تنظيمها، وحذرت من خطورة هذه الطروحات التي تهدّد أموال المودعين وتقوض ما تبقى من صدقية الدولة، وطرحنا حلولاً واضحة ومنصفة مستندة إلى القوانين اللبنانية والمعايير الدولية مع عدد من التعديلات التي تواكب التحديات الحالية، هدفها حماية أموال الناس واستعادة الثقة بالنظام المالي والمصرفي".