"رضي أساتذة التعليم الرسمي بالذل والذل لم يرض بهم"، هذا هو لسان حال الأساتذة ونقابيين في روابط المعلمين حيال العودة إلى التعليم الحضوري بدوام كامل بعد عطلة الأعياد. فقد انطلق الفصل الثاني من العام الدراسي اليوم الثلاثاء في 7 كانون الثاني بدوام كامل لمدة أربعة أيام بالأسبوع، بعدما اقتصر الأمر في الأسابيع الأخيرة من الفصل الأول على ثلاثة أيام، تماشياً مع متطلبات خطة وزارة التربية خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان.
مرسوم الراتبين بمهب الحكومةنام الأساتذة قبل الحرب على وعود بأن تتضاعف بدلات الإنتاجية بالدولار لتصبح 600 دولار شهرياً، ولم تقبل وزارة التربية بزيادة تفوق 75 دولاراً. ولم تصدر الوزارة جداول بكيفية توزيع بدلات الإنتاجية على الأشهر المتبقية من العام الدراسي. بل تعمدت تأخير صدور الجداول كنوع من "عقاب لبعض الرؤوس الحامية" في روابط المعلمين، الذين كسروا كلمة الوزير عباس الحلبي وتمنعوا عن التعليم لمدة أسبوع عندما أطلقت الوزارة خطة العودة للتعليم خلال الحرب، كما قالت مصادر نقابية لـ"المدن".أما الذل الآخر الذي يتعرض له الأساتذة فيكمن بعدم إقرار "مرسوم الراتبين" ليصبح مجموع الرواتب التي يتقاضاها الأساتذة موازياَ لرواتب موظفي القطاع العام. فقد مُنح الأساتذة وعداً بإقرار هذا المرسوم كتعويض عن عدم زيادة بدلات الإنتاجية بالدولار. لكن رئيس الحكومة ماطل بإقراره مع مفعول رجعي لسنة إلى الوراء، لأسباب غير مفهومة حسب ما تقول المصادر التي تحذر من أن عدم إقرار المرسوم يعني دفعهم إلى السلبية والتلويح بالإضراب. فالحكومة الحالية باتت في آخر أيامها، وفي حال انتخاب رئيس جديد للبلاد وتشكيل حكومة جديدة، سيكون المرسوم بحكم الملغى إلى حين تشكيل حكومة جديدة للتفاوض عليه من جديد.وتتهم المصادر وزير التربية بالمماطلة لتفاوضه مع روابط المعلمين على منحهم حفنة من الدولارات بدل زيادة بدلات الإنتاجية إلى 75 دولاراً عن العام الفائت، معللاً السبب برفض رئيس الحكومة زيادة بدلات الإنتاجية للأساتذة، طالما أن "مرسوم الراتبين" الإضافيين قيد الإنجاز. لكن مضى أكثر من شهر على هذه الوعود ولم يتقاض الأساتذة أي مبلغ إضافي. وقد انطلق الفصل الثاني من العام الدراسي من دون صدور جداول بدلات الإنتاجية ومن دون طرح مرسوم الراتبين على جدول أعمال مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة اليوم، قبل الانتخابات الرئاسية، وانشغال البلاد بتشكيل الحكومة الجديدة.مواصلة التعليم من بعدتلويح الأساتذة بالتحرك السلبي والامتناع عن التعليم، في حال لم تتحقق مطالبهم، ليس المعوق الوحيد أمام تعثر التعليم في القطاع الرسمي. ووفق المصادر فإن "معوقات انطلاق التعليم في القطاع الرسمي ما زالت شبيهة بتلك التي كانت قبل الدخول في عطلة الأعياد. فإلى إشكالية الرواتب وبدلات الإنتاجية، ما زالت الكتب المدرسية غير جاهزة ولم توزع على الطلاب على الرغم من كل التأكيدات بأن الكتب طبعت وجاهزة للتوزيع على المدارس، في وقت انتهى الفصل الأول من العام الدراسي وبدأ الفصل الثاني". يضاف إلى إشكالية الكتب، إشكالية ثانية تتعلق بنفاذ الأموال من صناديق المدارس والثانويات. فالصناديق ما زالت فارغة رغم كل الوعود بأن تُفرج منظمة اليونيسف عن الأموال لدعم المدارس لقاء تعليم الطلاب السوريين، هذا فضلاً عن إشكالية عدم انتظام التدريس الحضوري في القرى الحدودية وفي المدارس المتضررة جراء الحرب الإسرائيلية الأخيرة. فقد انطلق التدريس الحضوري في كل لبنان، صباح اليوم، في القطاع الرسمي باستثناء المدارس المتضررة من القصف الإسرائيلي ومدارس القرى الحدودية الأمامية، التي ما زالت تحت الاحتلال الإسرائيلي. ووفق أرقام وزارة التربية لا يزال هناك 14 مدرسة تستخدم كمراكز إيواء لتعذر وجود مكان لإيواء الأهالي، و26 مدرسة لا يسمح الوضع الأمني باستخدامها للتعليم نظرا لوقوعها في القرى الحدودية، و33 مدرسة متضررة كلياً ولا يمكن معاودة التدريس فيها، إضافة إلى 349 مدرسة متضررة جزئيا.في هذه المدارس الآنفة الذكر لجأت الإدارات إلى التعليم عن بعد، ويستخدم الأساتذة الوسائل المتاحة لتعليم الطلاب، إما من خلال ارسال الدروس على منصة واتساب أو من خلال التعليم المتزامن عبر منصة "زوم" وغيرها. وستواصل هذه المدارس التعليم عن بعد إلى حين إعادة إعمار المدرسة. ما يعني عدم وصول التعليم إلى جزء كبير من الطلاب.أما بما يتعلق بالمدارس المتضررة جزئياً فلم تتحرك وزارة التربية لإصلاح الأضرار، بل طلبت من الإدارات تدبر أمرها. وبما أن صناديق المدارس فارغة من الأموال، لجأت الإدارات إلى الاستعانة بالأساتذة لاستبدال الزجاج المحطم بالنايلون، وإجراء إصلاحات طفيفة على الأبواب، بغية استقبال الطلاب.