2025- 01 - 08   |   بحث في الموقع  
logo السفارة الأميركية في بيروت تُغلق أبوابها غداً logo معرض بترام شالاش: اللغة الفنية بين السخرية والإخلاص logo باريس: بعض العقوبات على سوريا قد تُرفع سريعاً logo رونالدو يضع شرطًا أمام نجله للسير على خطاه.. ما هو؟ logo سيلين حيدر: من غيبوبة العدو إلى انتصار الإرادة… كيف هو وضعها الصحي الآن؟ logo قرار لا رجعة فيه؟ الهلال يحسم مصير نيمار! logo مفاجأة.. برشلونة يبيع “خزانة ميسي”! logo قبيل جلسة الخميس.. الموفد السعودي في لبنان
سوريون ضد ألمانيا والشيخ الهجري
2025-01-07 11:25:46

صارت مشهورة صورة أحمد الشرع، قائد الإدارة الجديدة في سوريا، وهو يقوم بحركة تضمر الامتناع عن مصافحة وزيرة الخارجية الألمانية. ومن الواضح للمتابع أن الشرع، بامتناعه عن المصافحة، لم يخسر شريحة واسعة كانت ستدافع أيضاً عنه فيما لو صافح الوزيرة، وهو بالتأكيد كسب لدى جمهور متزمت يخشى من أن يغالي الشرع في إرضاء الغرب، أو في إرضاء سوريين غير متزمتين اجتماعياً أو دينياً.خلال أقل من شهر على سقوط الأسد، صار ممكناً الحديث عن موالاة جديدة، من ضمنها موالون للأسد التحقوا بالجديد. ومفهوم الموالاة لم يتغيّر، إذ بقي على حاله من التعصّب، وعلى تبعية القاعدة للقمة، بحيث أن ما يصدر عن رأس الهرم سيجد ترحيباً تلقائياً لدى الموالين. ولدعم الترحيب، سيبدأ البحث عن مبررات، أو اختلاقها إذا لم تكن جاهزة، ثم الهجوم على المنتقدين وعدم مناقشة النقد نفسه.في موضوع الوزيرة الألمانية، أولى المفارقات هي أن الذين دافعوا بشدة عن عدم مصافحتها هم الذين انتقدوها بشدّة لأنها لم تلتزم بارتداء ثياب رسمية، أي الطقم النسائي (التايور)! هؤلاء بالطبع لم يتوقفوا عند صورة تُظهر الوزيرة الألمانية بلباس مشابه أثناء زيارتها الرئيس الأوكراني، مع العلم أن الأخير هو رئيس منتخب يحظى بشعبية ودعم خاصيْن لدى الأوروبيين بسبب مقاومته الغزو الروسي، وهم لم يتوقفوا تالياً عند كونها قد تعرّضت سابقاً للعديد من الانتقادات على خلفية عدم تقيّدها بالبروتوكولات الدبلوماسية.
أصحاب الرؤوس الحامية هؤلاء سرعان ما وصل بهم الأمر إلى اعتبار مطالب الوزيرة الألمانية للتطبيع مع الإدارة الجديدة، وتقديم المساعدات لها، نوعاً من إملاء الشروط، ويا لغيرة الوطن! وما يُنسى هنا أن الإدارة المؤقتة تسلّمت السلطة بعمل عسكري، ولن تكون هناك إدارة سورية منتخبة قبل أربع سنوات، حسبما صرّح السيد الشرع، وهذه الوضعية لا تجعلها تحظى بشرعية تمثيلية محلية أو خارجية، تُبنى عليها الغيرة الوطنية، مهما كان التشوّق إلى الأخيرة مفهوماً ومبرَّراً بتغييب المسألة الوطنية خلال عقود.هناك في ألمانيا عدد من اللاجئين السوريين هو الأضخم على الإطلاق في أوروبا، ولا تزال طازجة في الذاكرة مدائح السوريين لـ"ماما ميركل" التي أفسحت بلادها للّاجئين في وقت أُغلقت فيه أبواب الأقربين أمامهم. هذا ما نسيه بسرعة قياسية أولئك الذين يتذرّعون بوطنية مستجدة، وتناسوا معه سعي المعارضة منذ اندلعت الثورة إلى تأليب الحكومات والرأي العام الغربيين ضد الأسد، أي أنهم تناسوا تلك الحاجة إلى التأييد الغربي من أجل قضيتهم التي كان يُفترض نظرياً أنها داخلية.
والمستغرب بعدما سبق، تلك الانتقادات الموجّهة للوزيرة الألمانية، على خلفية تصريحاتها بعد لقائها الشرع، وخصوصاً قولها إن الاتحاد الأوروبي لن يقدّم الأموال إلى "الهياكل الإسلامية الجديدة في سوريا"، وأن رفع العقوبات عن سوريا يعتمد على سير العملية السياسية. فالانتقادات ذهبت إلى ربط المساعدات بما فُسِّر على أنه إملاءات تخدش الكبرياء الوطني، من دون التفات إلى أن تقديم أية دولة (أو تكتل إقليمي) الإمدادات إلى أي بلد هو حق سيادي للمانح، ويندر في التاريخ السياسي أن تُقدَّم هبات غير مشروطة علناً أو ضمناً، باستثناء بعض المساعدات الإغاثية في أوقات النكبات.ما يخلو من الطرافة حتى، تلك الدعوات إلى تجاهل أوروبا بأكملها، لأنها تضع شروطاً تمسّ بالكبرياء الوطني السوري، وعلى نحو يذكّر بوزير خارجية الأسد وليد المعلم إذ قال: سنمسح أوروبا عن الخريطة. والهجوم الحالي على أوروبا أتى بسبب تصريحات تتعلق بحماية "الأقليات" صدرت عن الوزيرة الألمانية ووزير الخارجية الفرنسية، والأخير أثار الغضب أيضاً بسبب زيارته بطريرك أنطاكية للروم الأرثوذكس (يوحنا العاشر)، فلم ينتبه المنتقدون إلى أجزاء من تصريحاته يمكن وسمها بالإيجابية تجاه العهد الجديد.
صورة الوزير جان نويل بارو في ضيافة البطريرك شاعت على سبيل الانتقاد اللاذع للثاني، حيث لم يضع البطريرك العلم الجديد، بينما نُبشت له صورة سابقة يستقبل فيها ضيوفاً، وعلى الجدار صورة لبشار الأسد، وهناك سارية عليها العلم القديم، بالإضافة إلى راية الكنيسة التي تظهر في الصورتين. أُخِذ على البطريرك عدم وضعه العلم، على غرار الماضي؛ الماضي الذي يُفترض التخلّص منه. والأولى، والأقرب إلى ما يريده المنتقدون إذا كانت النوايا صافية، أن يكتفي البطريرك براية كنيسته التي تدل على مكانته الروحية، وألا يضع العلم الرسمي الذي يمنحه صفة تمثيلية لا يحوزها أصلاً.الحملة على البطريرك لم تراعِ حساسية الوضع الانتقالي الذي تمرّ به البلاد، وكذلك هي الحملة على شيخ العقل الدرزي حكمت الهجري. الشيخ نال نصيبه بسبب مطالبات، نُظر إليها كشروط، منها استثناء مجنّدي السويداء من إجراء التسوية الذي تقوم به السلطة الجديدة مع منتسبي الجيش القديم، وأن تكون إدارة المحافظة في المرحلة الانتقالية من قبل أبنائها، وتأجيل تسليم السلاح إلى حين إنشاء جيش وطني.
وكان الشيخ الهجري قد نال مديحاً واسعاً من أوساط منتقديه اليوم حتى وقت قريب جداً، أي عندما لم يكن إسقاط الأسد وارداً على النحو الذي حدث. أما حالياً فصار يُنظر هؤلاء إليه كمارق، وحتى ما كان مطمئناً أو مهمَلاً في أقواله، من نوع مطالبته بدولة علمانية، يُستعاد على سبيل السخرية والقول أن هناك تناقضاً بين مشيخته والمطالبة بعلمانية الدولة. بالطبع، لا جدوى من تفنيد هذا بكون العلمانية صفة للدولة المحايدة، أما الأشخاص فليسوا حياديين، وهُم متدينون أو غير متدينين أو ملحدين... إلخ.ورغم وجود انتقادات للشيخ الهجري من أبناء السويداء، فإن التهجم عليه من خارجها له وقْع مختلف تماماً، ولا يساعد إطلاقاً في إشاعة السلم الأهلي، أو في توحيد البلاد المقسّمة. كذلك هو حال ما صار بمثابة الفلكلور لجهة العلاقة العدائية مع الإدارة الذاتية الكردية وتوعّدها بالويل من قبل أنصار السلطة الجديدة، فهذه الأقوال لا تساعد إطلاقاً على استمالة الأكراد إلى الدولة السورية الجديدة، حتى إذا كانوا من خصوم مسد وقسد.في المحصلة، لدينا موالاة لسلطة لم تستقر بعد، وتحت مزاعم الوطنية يتوعّد الموالون الجدد أوروبا بالحَرَد والقطيعة، ويتوعّدون أبناء البلد بالإخضاع والإرغام، مع التوجه إليهم بخطابات أشبه بخطابات الحرب الأهلية. ولا يُعرف من أين يأتي هؤلاء بالثقة المفرطة بقوتهم الذاتية، فلا يتواضعون ولو قليلاً أمام واقع سوريا الكارثي، الواقع الذي يجعلها بحاجة مباشرة إلى الغرب والشرق من أجل التعافي. والتخلص من العنتريات ليس ضرورياً فحسب بحكم الحاجة الحالية، بل ضروري الآن وفيما بعد، داخلياً وخارجياً، من أجل وطنية منفتحة على العالم. أخيراً، هذا ضروري من أجل السلطة نفسها، وإذا كان من لوازم السلطة الجيدة وجود معارضة قوية فربما لا يقل أهمية وجود موالاة تسير إلى جانب سلطتها، أو أمامها، بالتأكيد لا خلفها.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top