في تطوّرٍ سياسيٍّ وميدانيٍّ بارز، شهدت الحدود الجنوبيّة اللبنانيّة مستجدّات مهمة تمثّلت بانسحاب الجيش الإسرائيلي من عدّة مناطق في القطاع الغربي، ولا سيّما بلدة الناقورة، وذلك قبل انتهاء المهلة التجريبيّة المحدّدة بستّين يومًا. وجاءت هذه الخطوة في أعقاب اجتماعٍ للجنة الخماسيّة في رأس الناقورة، بحضور الموفد الأميركيّ وكبير مستشاري الرئيس الأميركي جو بايدن آموس هوكشتاين، وهو الاجتماع الذي "اتّسم بأجواءٍ إيجابيّة" بحسب مصادر إعلاميّة ودبلوماسيّة.اجتماع اللجنة الخماسيّةوقد عقدت اللجنة الخماسيّة للإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار اجتماعها في رأس الناقورة، بحضور هوكشتاين، حيث أشارت تقارير صحافيّة إسرائيليّة إلى انسحاب الجيش الإسرائيليّ من الناقورة ومناطق أخرى في الجنوب، تنفيذًا لبنود الاتفاق المتعلّقة بترسيم خطوط الانتشار على الحدود الدوليّة. وأكّدت مصادر لبنانيّة أنّ الجيش اللبناني أبلغ هوكشتاين أنّ الانتشار العسكريّ اللبنانيّ على الحدود يتطلّب انسحابًا كاملاً للقوّات الإسرائيليّة.
هوكشتاين عند عونوقد استقبل قائد الجيش العماد جوزاف عون، هوكشتاين في مكتبه في اليرزة، بحضور السفيرة الأميركيّة ليزا جونسون ورئيس لجنة الإشراف الخماسيّة الجنرال الأميركي جاسبر جيفيرز. وجرى خلال اللقاء البحث في آليّة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب، حيث أكّد قائد الجيش أنّ عدم القدرة على تنفيذ الاتفاق بشكلٍ كاملٍ يعود إلى استمرار الوجود الإسرائيليّ في القرى الجنوبيّة. ووفقًا لتقارير إعلاميّة، فقد أبلغ هوكشتاين القيادة اللبنانيّة أنّ هناك مسعى جاريًا لضمان انسحابٍ إسرائيليٍّ من تلك القرى قبل انقضاء مهلة الستّين يومًا.لقاءات سياسيّة ودبلوماسيّةإثر اجتماعه مع قائد الجيش، توجّه هوكشتاين إلى مقرّ الرئاسة الثانية في عين التينة للقاء رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، بحضور السفيرة جونسون والجنرال جيفيرز ومستشار الرئيس برّي علي حمدان. وتطرّق اللقاء إلى آليّات تثبيت وقف إطلاق النار، إضافةً إلى تطوّرات الملفّ الرئاسيّ في لبنان. وبعد اللقاء قال هوكشتاين: "أجريت مباحثات جيدة للغاية مع رئيس مجلس النواب نبيه بري". مشيراً إلى أنه "قبل بدء اجتماع اللجنة الخماسية بدأ الجيش الإسرائيلي بالانسحاب من الناقورة ومعظم القطاع الغربي والانسحابات ستستمر وصولاً حتى الخط الأزرق". وجدّد التأكيد أننا "مستمرون بالتزامنا في دعم الجيش اللبناني وهو يطبق الاتفاق من خلال تطبيق الأمن في الجنوب وكل أنحاء البلاد".
سبقت زيارة هوكشتاين إلى لبنان جولةٍ إقليميّة أجراها شملت المملكة العربيّة السعوديّة، حيث التقى بوزير الخارجيّة السعوديّ الأمير فيصل بن فرحان. وناقش الجانبان خلال اللقاء القضايا الإقليميّة الراهنة، وبينها الملفّ اللبنانيّ والاستحقاق الرئاسيّ، وسط تلميحاتٍ إلى تقاطعٍ سعوديٍّ – أميركيٍّ بشأن دعم قائد الجيش العماد جوزاف عون كمرشّحٍ أساسيٍّ لرئاسة الجمهوريّة اللبنانيّة.الجيش اللبنانيّ يواصل الانتشارإلى ذلك، أعلنت قيادة الجيش اللبناني - مديرية التوجيه، في بيانٍ رسميّ، أنّ وحدات الجيش تمركزت حول بلدة الناقورة وبدأت الانتشار فيها بالتنسيق مع قوّة الأمم المتّحدة المؤقّتة في لبنان (اليونيفيل)، تزامنًا مع انعقاد اجتماع اللجنة الخماسيّة، ما يعزّز جهود تثبيت الأمن والاستقرار في المنطقة الحدودية. وأوضح البيان أنّ العمليّة ستُستكمل على مراحل عدّة، تشمل إجراء مسحٍ هندسيٍّ للتأكّد من خلوّ المنطقة من الذخائر غير المنفجرة. ودعت قيادة الجيش المواطنين إلى عدم الاقتراب من المناطق التي تشهد أعمالًا عسكريّةً ولوجستيّةً إلى حين انتهاء إجراءات الانتشار بشكلٍ آمنٍ وكامل.
وتعكس هذه التطوّرات الميدانيّة والدبلوماسيّة إرادةً واضحةً لدى الأطراف المحليّة والدوليّة لتخفيف التوتّرات على الحدود الجنوبيّة اللبنانيّة، وسط ترقّبٍ لمدى التزام إسرائيل بسحب قوّاتها بشكلٍ كامل، وصولًا إلى تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار. في موازاة ذلك، تتقدّم الجهود الإقليميّة والدوليّة لمعالجة الملفّ الرئاسيّ في لبنان، فيما تشير المؤشّرات إلى ارتفاع طرديّ في حظوظ جوزيف عون في نادي المرشحين للرئاسة.