احتفل مسرح "مترو المدينة" بعيد تأسيسه الثالث عشر، عبر عرض ضم مَشاهد من أعماله المسرحية مثل "هشك بشك" و"بار فاروق" وحفلاته الغنائية المبرمجة على شكل تيمات وحقبات زمنية مثل "أغاني السرفيسات" و"أغاني الثمانينيات" و"التسعينيات"، بحضور جمهور ملأ قاعة المسرح وقوفاً على مدى ساعتين ونصف الساعة.
المدير الفني للمترو، المسرحي هشام جابر، قدم، على شكل ستاند آب ساخر، عرضاً فيه رحلة ولادة "المترو" وأعماله وسط الأزمات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي عصفت بلبنان والمنطقة. من موجة التفجيرات والاغتيالات التي ترافقت مع مرحلة تأسيس المسرح، إلى الانهيار الاقتصادي وانفجار المرفأ ووباء الكورونا والعدوان على غزة وحرب الإسناد في جنوب لبنان. رحلة ساخرة فيها الكثير من التحدي والإصرار على استمرار مشروع مسرح موسيقي استعراضي دائم، ترافق ويترافق مع مراحل وتحولات وأزمات سياسية واقتصادية في لبنان.
مختارات مشهدية
برنامج العيد كان حافلاً ومنوعاً من مختارات لمشاهد حفظتها ذاكرة جمهور "مترو المدينة"، مثل "هشك بشك" الذي بغت عروضه عُمر المسرح نفسه في قاعته القديمة في السارولا، واستمر في قاعته الجديدة في أريسكو بالاس-شارع كليمنصو. عرض يتضمن أربع لوحات غنائية موسيقية راقصة، تحاكي موسيقى الأفراح والكاباريهات التي كانت منتشرة في مصر في النصف الأوّل من القرن الماضي. أخرج العمل هشام جابر، وتولى الإدارة الفنية نديم صوما، والتزم البصريات والإضاءة جواد شعبان، وأشرف الفنان زياد الأحمدية على التوزيع الموسيقي لكل المواد في المسرحية ومشاركة غنائية من ياسمينا فايد وسماح أبو المني ولينا سحاب وزياد جعفر وأخرين من عازفين ومؤدين في عمل قدم لسنوات بين مسرح "المترو" ومسارح عربية وعالمية، كما شارك في برمجة صيف مهرجانات بيت الدين الدولية.
الى جانب "هشك بشك" مختارات من عرض "بار فاروق" الذي يعتبر من ريبرتوار المسرح الثابت والمستمر بعروضه منذ سنوات وسوف يكمل عروضه في برمجة العام 2025. يتناول العرض فترة الثلاثينيات وصولاً إلى سبعينيات القرن الماضي قبل اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية. لوحات تتناغم مع الأغنيات، يؤديها 11 فناناً وفنانة، موزعين بين موسيقيين، مغنين، ممثلين وراقصين يعيدوننا إلى حقبة الزمن الييروتي الجميل.
سوق الأوادم
ومن مختارات العيد، مَشاهد من "سوق الأوادم"، آخر أعمال "مترو" المسرحية، والذي تزامن افتتاحه مع اندلاع حرب غزة. شكل "سوق الاوادم" نقلة نوعية في الإمكانات البصرية والتأليف الموسيقي والمشهدية الدرامية، نحو مسرح موسيقي بحرفية عالية. "سوق الأوادم" عمل توثيقي لأسماء وقصص نساء تناقلتها الألسن في بيروت الخمسينيات والستينيات. قصص مأسوية في بيوت بيروت القديمة وقناطرها وزجاج شبابيكها الملون وأزقتها المتفرعة من ساحة البرج آنذاك.عملٌ فيه الكثير من الحنين إلى زمن مدينة دمرتها الحرب ولن تعود كما كانت. سيرة شوارع وحكايا نساء حزينة قست عليهن الحياة تروى في مشهديات بديعة من ألوان مدينة تقاوم تغيير وجهتها المعمارية والثقافية. عرضٌ على خلفية لوحات ملونة عملاقة، ينطلق من حقائق تاريخية لم يكن همها التوثيق فحسب، بل إضافة صور إلى مخيلتنا وحبنا لهذه المدينة. من هنا، أخذ هذا العمل منحى شعرياً بصوره ودراميته ورقصه وغنائه الحي وسينوغرافيته الانطباعية المزينة بألف لون ولون. "السوق العمومي" هو شيء من حقيقة وشيء من خيال، أضفى على العمل طموح المسرح الموسيقي الراقص، الذي عمل ويعمل عليه "مترو المدينة" في المساحة الجديدة الواسعة التي انتقل اليها مؤخراً في شارع كليمنصو، ليسافر معه الجمهور في رحلة بصرية سمعية، غنائية وراقصة، فيها الكثير من الفرح ومعايشة اللحظات الدرامية التي تصبغ كل هذه الشخصيات أو البطلات اللواتي ما زالت أسماؤهن تتردّد كموروث شفهي غير مدوّن. اختتم العرض مع مفكرة الأعمال التي ستقدم في برمجة 2025، ومنها أعمال تجهيز فني وافلام وغناء صوفي، بالإضافة إلى ريبرتوار "المترو" من عروض وحفلات غنائية للأغاني الرائجة الشعبية في بيروت الثمانينيات والتسعينيات.