2025- 01 - 07   |   بحث في الموقع  
logo باسيل: اتمنى أن يسير الثنائي الشيعي في خيار أزعور logo الحكومة تسلم القرضاوي للإمارات بحجج قانونية ضعيفة وتتجاهل الاعتراضات logo ترحيل عبدالرحمن القرضاوي يؤجج احتجاجات: انتهاك لبناني صارخ! logo عن الفيتو الأميركي.. المكتب الإعلامي لميقاتي ينفي هذا الخبر logo كلاس: المدخل إلى الاستقرار بانتخاب رئيس الجمهورية logo باسيل يستقبل الموفد الفرنسي لودريان غدًا logo دمار وأضرار: الجيش في بلدة الناقورة ومرفأ الصيادين.. وهكذا بدا المشهد logo الحرس الثوري: درسنا السيناريوهات المحتملة للعدو
صافح أم لم يُصافح
2025-01-06 10:55:50


تبدأ نصّك وأنت ترغب في أن يحمل انتقادًا لتصرّفٍ ما، لموقفٍ ما، لتصريحٍ ما، أو التعليق عليه، وإذ بك تجد نفسك سريعًا في موقع تبرير هذا التصرّف أو الموقف أو التصريح والدفاع عنه. والسؤال الذي يطرح نفسه هو عن كيفية وأسباب التحوّل الحاصل. كما عن كيفية ترتيب مسارك في هذا الاتجاه؟إن "ثقافة الفراغ" ليس مفهومًا يُراد به الإشارة إلى غياب المعلومات وضعف الإعلام عمومًا. بل على العكس تمامًا أو جزئيًا. إن ثقافة الفراغ يؤسّس لها عنصرٌ أساسي وفاعل، وهو الحجم الهائل من المعلومات التي تُضخّ لحظيًا على وسائل الإعلام التقليدية وأقنية الأخبار المستمرة، ولكن أيضًا، وخصوصًا، عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي التي تُغرق وعينا بالغثّ والسمين من الأخبار، والغثّ حجمًا ونوعًا أشمل وأكثر تأثيرًا.
وفي الحقل الإعلامي، تغيّر شكل وأداء الرقابة التي تمارسها السلطة من أي نوع كانت، وبشكل جذري خلال العقود الأخيرة، عن المفهوم التقليدي القائم على منع أو حذف أو تقييد مختلف أشكال التعبير غير المناسب لأصحاب القرار السياسي، او الأمني، أو الاقتصادي، أو جميعها مشتركة. أضحت هذه الرقابة تُترجم من خلال الحجم الهائل من الأخبار غير الدقيقة أو المؤكدة التي تفيض من شاشات ومنابر متعددة بالكاد تسمح، كميًّا وزمنيًّا، للمتابع بتكوين رأي موضوعي ومستقل قائم على معطيات مساعدة وليس على تشويش مضلّل. كما أن المحتوى الذي يحظى بأكبر حجم من الاهتمام كما يجذب إليه أكبر عدد من المتابعين، هو دائمًا محتوى يعتمد أساسًا على الاستقطاب السياسي، أو العاطفي، أو الديني، أو المذهبي.. إلخ. وهو يفرض على متلقيه أن يسعى إلى أن يكون متحصنًا في خندقٍ غير موضوعي التكوين والمآل.يُصبح المتلقّي إذًا مُسيّرًا باتجاه أراده صانع المحتوى ومن ورائه من أفراد أو مؤسسات أو دول، بعيدًا عن اتخاذ أية مسافة لمحاولة رؤية المشهد العام وتكوين موقف قائم على عناصر موضوعية. حيث سيُسيطر الغضب، أو الرعب، أو الكراهية، أو الإعجاب، أو الانبهار، أو كلها مجتمعة، على مشاعر المتابع ومن هم خاضعين لتأثيره. هذا المتابع إذًا، لن يلعب أي دور في وضع سلم الأولويات أو في تحليل المعلومات أو في اتخاذ المواقف. إنه يجد نفسه مشدودًا ومسيطرًا عليه بطريقة "سحرية" تحرمه من ذكائه ومن قدراته التحليلية والاصطفائية.
من خلال بعض المنصّات المشهورة، يسعى مالكوها إلى السيطرة على الوعي والتأسيس لما يسمونه بالديمقراطية المباشرة التي تتخلّص أو تقضي على كل المؤسسات الوسيطة. هذه المؤسسات الوسيطة، ليست المجالس النيابية والأحزاب والنقابات وأجسام المهن فحسب، بل أيضًا، وخصوصًا، وسائل الاعلام التقليدي، وصحافيوها، ومحرروها، ومعلقوها.ساد الاعتقاد طويلاً بأن تأثير هذه الوسائط السلبي محصورٌ بجيل الشباب فقط. وارتبط هذا الظن بقدرة هذا الجيل الأكثر وضوحًا وتماسكًا على التعامل معها واستخدامها. لكن السنوات الأخيرة أوضحت بما لا يدع مجالاً للشك، على أنها ظاهرة سلبية تصيب كافة الأعمار من دون استثناء. ومنها تنتشر نظرية المؤامرة ليس في الحقل السياسي فحسب، بل في عموم جوانب الحياة العميق منها والسطحي. كما تؤسّس ثقافة الفراغ هذه لكي يسود العنف في الحوارات وفي الألفاظ كما أنها تشجّع على رفع نسبة العدائية في التعبير عن المواقف والذود عنها. وبالتالي، يلعب المؤثّر دورًا فاعلاً في تأجيجها خصوصًا وأن المرسل والمتلقي "يختبئان" خلف شاشتهما مما يعطيهما الشعور بجرأة لا أخلاقية عالية التركيز.
يلعب موقع المؤثر والمتلقي المختبئ خلف شاشته دورًا تعظيميًا في مستوى عنف الحوارات والعدائية في صياغة المواقف. كما يمكن اعتبار ثقافة الفراغ هذه جزءًا من الحرب الإعلامية بين الأفراد أو الجماعات أو الدول. وبالتالي، تُصبح الأدمغة هي ساحات معارك القرن الواحد والعشرين.انطلاقًا من هيمنة "ثقافة الفراغ" إذًا، نتوقف أمام انهمار سيول التعليقات والتعليقات المضادة فيما يخص بمصافحة أحمد الشرع لوزيرة الخارجية الألمانية أثناء استقبالها في دمشق منذ أيام. فهل من المناسب القول بأن الرسميين الإيرانيين والمتطرفين اليهود لا يصافحون المرأة، فما الضير فيما حصل؟ أو هل التركيز على لباسها البسيط الذي لا يحترم أية معايير بروتوكولية هو عامل مساعد في التخفيف من وقع "الخطأ" الترحيبي في عدم مصافحة؟ وهل ندافع عن موقفه مشيرين إلى انتشار المثلية في المانيا؟ أم هل نبرر عدم المصافحة بالتبحّر في المذهب المنصوص عليها فيه؟ وأيضًا، أما كان الأمر متوقعًا منه، وبالتالي، الوزيرة تعلمه مسبقًا كما جرت عليه العادة في التحضير للقاءات على هذا المستوى؟ أم نها توقعت غير ذلك؟ عدم مصافحته لها خيار شخصي يجب أن يُعلم به الزائرون مسبقًا، أما ألا يصافحها مسؤولو البروتوكول في المطار فهذا مؤشّر مُقلق على موقف مُعمّم.
وبعيدًا عن المصافحة وأبعاد رفضها، يبدو أن ثقافة الفراغ قد أنست بعضنا محتوى اللقاء. كما أنها ايضًا دفعت بالوزيرة، المعروفة بمواقفها غير المتوازنة، دبلوماسيًا على الأقل، إلى الإشارة إلى عدم المصافحة في مؤتمرها الصحافي. في تسعينات القرن الماضي، واثناء استقبال الرئيس نبيه برّي وزوجته للرئيس جاك شيراك ورئيس وزراءه ليونيل جوسبان، كان شيراك يعلم بأن السيدة برّي لا تصافح، لكن جوسبان مدّ يده للمصافحة فبقيت معلقة في الهواء، وسرعان ما صافحه الرئيس شيراك نفسه لتجاوز الإحراج. كان شيراك مطلع على عادات الآخر، وساعده ذكاؤه الحاد وحس الطرفة لديه في تجاوز سوء التفاهم البروتوكولي. لحسن الحظ، كانت وسائل التواصل الاجتماعي حينها تحبو ولا تأثير يذكر لها.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top