سئل مرجع سياسي مُطّلع في لقاء ضيق حول ما إذا كان يتوقع أن يتم إنتخاب رئيس جديد للجمهورية في جلسة يوم الخميس المقبل؟ فأجاب سريعاً: “حتى اليوم لا انتخاب للرئيس، لكن من هنا حتى موعد جلسة الإنتخابات لا أحد يعرف”.
هذا الكلام الذي قيل قبل أربعة أيّام من موعد الجلسة التي حدّدها رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، في 9 كانون الثاني الجاري، يعطي إشارة واضحة إلى أنّ الأمور لم تُحسم بعد، وأنّ التطوّرات مفتوحة على كلّ الإحتمالات، من غير أن يوجد أيّ تطوّر يُحتمل له أن يحسم الأمور في اتجاه معين.
وسط هذه الأجواء الضبابية التي تُخيّم فوق ساحة النجمة وسط بيروت، حيث مقرّ مجلس النوّاب، يُرسم أكثر من سيناريو متوقع حول مصير جلسة الخميس، من أبرزها السيناريوهات التالية:
أولاً: بعد موجة تفاؤل سابقة أعقبت تحديد برّي موعد الجلسة في 28 تشرين الثاني الماضي، عاد التشاؤم ليُخيّم على مصير الجلسة، ويُعيد الأمور إلى المربع الأول الذي يعني أنّ مصير الجلسة المرتقبة لن يختلف عن مصير الجلسات الـ12 السابقة، التي كانت أولاها في 29 أيلول عام 2022 وآخرها في 14 حزيران 2024، حيث أنّ الفشل سيكون مرافقاً لها نتيجة عدم التوافق السّياسي الداخلي والخارجي، وبالتالي لن يخرج الدّخان من مجلس النواب إيذاناً بانتخاب الرئيس الـ14 للجمهورية منذ الإستقلال.
ثانياً: السيناريو الأكثر توقعاً وسط هذه الأجواء أن تنعقد الجلسة في دورتها الأولى، بعد أن يتأمّن النصاب لانعقاد الجلسة وهو حضور 86 نائباً هو توزّع الأسماء بين مرشّحين عدّة، بحيث لا يحصل أحدهم على العدد الكافي في الدورة الأولى، وهو ثلثي الأصوات أيّ 86 صوتاً، لكي يصبح رئيساً، ما سيدفع برّي للدعوة إلى عقد دورة ثانية أو حتى دورات مفتوحة، لكنّها ستنتهي إلى مصير واحد هو رفع برّي الجلسة من غير أن يُحدّد موعداً للجلسة المقبلة، ما سيُبقي أزمة الرئاسة تراوح مكانها، وسط مشاهد تراجيدية ستكون محل استياء وأسف وشماتة واستهزاء في آن معاً.
ثالثاً: يراهن البعض، لأسباب لم تتضح، أن تحصل مفاجأة في السّاعات الأخيرة التي تسبق موعد الجلسة، في أن يحصل توافق ولو بالحدّ الأدنى يؤدي إلى إنهاء الفراغ في سدّة الرئاسة الذي مضى عليه أكثر من سنتين وشهرين، منذ نهاية ولاية الرئيس السّابق ميشال عون أواخر شهر تشرين الأول 2022. لكنّ هذه المفاجأة المنتظرة تُطرح عدّة أسئلة حولها، وما إذا كانت واقعية ومنطقية أم مجرد سراب وأحلام يقظة.
رابعاً: بدأت قوى المعارضة، وعلى رأسها القوّات اللبنانية، تشيع في الأيّام الأخيرة عن وجود مخطط لـ”تهريب” إنتخاب رئيس للجمهورية، ما جعلها تستنفر لتحاول مع قوى المعارضة الأخرى الحؤول دون إنجاح السلطة ومنعها من القيام بهذه “التهريبة”، من غير وجود أيّ مؤشّرات ملموسة تدلّ جديّاً على أنّ هذا السيناريو إحتمال قائم، أم مجرد تهويل يسعى فريق المعارضة لبثه وشدّ عصبها لمنع تفرّقها أو استفرادها، بالجملة أو المفرّق.
خامساً: يسعى البعض في فريق المعارضة الترويج لفكرة أن يخوض هذا الفريق، بعد توافقه على مرشّح محدّد، إثر تأمين نصاب الدورة الثانية من جلسة يوم الخميس المقبل وعدم تطييرها، أملاً في انتخاب هذا المرشّح رئيساً وإحداث “إنقلاباً” داخلياً في المشهد السياسي. لكنّ بعضاً آخر في فريق المعارضة يخشى أن تؤدي مثل هذه المغامرة غير المضمونة إلى نتائج عكسية، وأن يستغلها فريق السّلطة لإمرار مرشّحه، وتقديم فريق المعارضة خدمة لفريق السّلطة بشكل غير مباشر ومن حيث لا يدري.
موقع سفير الشمال الإلكتروني