2025- 01 - 07   |   بحث في الموقع  
logo هوكشتاين في لبنان.. الجنوب والرئاسة!.. ديانا غسطين logo ريف دمشق: اللجان المحلية تسدّ فراغ الدولة.. بانتظار وصولها logo مأسسة الضم والأبارتهايد: انقلاب صامت لائتلاف نتنياهو logo رئاسة لبنان شأن أممي: التعبير عن مسار الشرق الأوسط logo جوزاف عون لهوكشتاين: الجيش قادر وجيفرز يشهد logo جنبلاط متمسك بقائد الجيش ودعواتٌ لإنجاح الجلسة logo قدامى لاعبي نادي الشراع يكرّمون الكابتن عزام زيتون logo الخزانة الأميركية تعفي سوريا من عقوبات لمدة 6 أشهر
في تفنيد المخاوف من "تحرير" سوق الصرف بسوريا
2025-01-05 10:55:47


فيما تنشغل النخب السياسية والإعلامية السورية، وجانب كبير من عموم السوريين، بالجدل حول شكل الدولة الجديد، ومؤتمر الحوار الوطني المزمع عقده قريباً، لتحديد "جنس" الحُقبة المقبلة، المُقبلين عليها، ينشغل جانب آخر من السوريين، بتذوق صنف "حرية" غير مألوف بالنسبة للغالبية منهم، إلى جانب أصناف أخرى من "الحرية" التي أظهروا مقدار تعطشهم إليها، في الأسابيع التي أعقبت سقوط نظام الأسد.إنها "حرية" تداول وتصريف العملات الأجنبية. التي تمثّلت بظاهرة غير مألوفة سابقاً في قلب دمشق. "بسطات" تصريف العملات. هذا الصنف من "الحرية"، الذي كان مجرّماً في عهد حكم الرئيس المخلوع، حظي بترحيب بعض السوريين، وتخوّف آخرين. وعلى المنوال نفسه، انقسم المتخصصون، بين مُنظّر لحرية السوق، ومن بين مفرداتها، حرية تداول العملات وتصريفها، وبين مرتابٍ حيال نتائجها في بلدٍ كان أشبه بالسجن، حتى بالمعايير الاقتصادية للكلمة. والانفتاح المباشر، له كلفته، وتداعياته، التي يخشى هذا الفريق من المتخصصين أن تنعكس فوضى يصعب ضبطها، وانهياراً أكبر في معيشة الفئات الهشة في المجتمع، قياساً على تجارب بلدان أخرى في الانتقال السريع من نماذج الاقتصاد المغلق المُدار حكومياً، إلى نموذج الاقتصاد الحر.
الانعكاسات الأولية لـ"تحرير" سوق الصرف، كانت إيجابية على سعر صرف الليرة السورية، التي ارتفعت، قياساً بسعر صرفها قبل انطلاق عملية "ردع العدوان" في 27 تشرين الثاني/نوفمبر الفائت، والتي أدت إلى انهيار نظام الأسد. إذ تحسّن سعر صرف الليرة السورية بنسبة 11%، خلال هذه الفترة. وختمت الليرة العام 2024، بارتفاع 9% في حصيلة التعاملات السنوية، مقارنة بآخر سعر لها قبل عام. وهو أول تحسّن سنوي لليرة منذ نهاية العام 2017. مع الإشارة إلى أن الحصيلة السنوية لسعر صرف الليرة، كانت باتجاه الهبوط على مدار الأعوام، من 2011 وحتى 2023. باستثناء العام 2017، الذي شهد تقدماً ميدانياً كبيراً لنظام الأسد بدعم روسي- إيراني، ضد المعارضة المسلحة المناوئة له، حينها. وهكذا يسجل العام 2024، سابقة هي الثانية، خلال 13 عاماً، على صعيد تحسّن الليرة على أساس سنوي.لكن فريقاً من المتخصصين، كما أشرنا، يتخوف من تداعيات هذا "التحرير" لسوق الصرف. أحد مصادر تخوفاتهم هو حالة التذبذب في سعر الصرف، والتي تُوصف عادةً بأنها مضرّة للغاية بالاقتصاد. لكن في الأسبوع الأخير تحديداً، انحصر هامش التذبذب، ليصبح ما دون الـ10% من سعر الصرف. وهو باتجاه المزيد من الانحسار، كما تظهر الأيام الأخيرة من التعاملات. ويبدو أن هذا التذبذب يتحرك نحو الاستقرار عند سعر توازني للصرف، ما بين 13000 و13500 ليرة. وفي حال بقي التذبذب ضمن هوامش محدودة للغاية، فإن آثاره السلبية ستتضاءل.
أما مصدر التخوّف الثاني، فهو الفوضى، التي بدأت تظهر تداعياتها جلياً الآن في أسواق العملة، مع شيوع الأنباء عن انتشار الدولارات المزوّرة. وحل هذه الإشكالية متاح بسهولة عبر تنظيم مهنة الصرافة، وإخضاعها لضوابط الرقابة، لا بهدف السيطرة عليها لصالح فئات متنفّذة محسوبة على السلطة الحاكمة، كما كان قائماً في عهد النظام المخلوع، بل بهدف منع الغش والاحتيال. ويمكن تفهّم الحالة الفوضوية الراهنة، بوصفها مؤقتة، على أن يتم تداركها في أقرب وقت متاح، من جانب السلطات القائمة.لكن أبرز التخوّفات على المدى الزمني الأبعد، ترتبط بالخشية من "المضاربات" على سعر صرف الليرة السورية. ومع انحسار دور "الدولة"، إثر الانهيار المفاجئ لنظام الأسد، يعتقد فريق من المتخصصين أن تجار العملة داخل وخارج البلاد، قد يتمكنون من لعب أدوار مضرّة للغاية، على هذا الصعيد. لكن هذه الإشكالية ترتبط أساساً بالاحتكار، وانعدام المنافسة. إذ مع وجود أجواء تنافسية مقبولة، تبقى الكلمة لمعادلات السوق -العرض والطلب- والتي تحدد السعر التوازني لصرف العملة، وفق محدداتها.
وفي سياق متصل، يخشى فريق من المتخصصين من أن قواعد العرض والطلب على الليرة، والتعامل معها كسلعة، قد لا يمثّل انعكاساً حقيقياً لتحسّن اقتصادي، بل وقد ينعكس سلباً على القوة الشرائية الحقيقية لليرة. وهم محقون بهذا التخوّف على المدى القريب. لكن على مدى زمني أبعد، فإن قواعد العرض والطلب في أجواء سليمة –غير مشوهة بالاحتكار أو انخفاض التنافسية- تبقى تعبيراً عن الاتجاه العام للاقتصاد. وموقف قطاع الأعمال منه. ويمكن الاستناد إلى تقرير نشرته صحيفة "الاقتصادية" السعودية، لاستخلاص مؤشر يمكن البناء عليه، بهذا الصدد. ووفقاً للصحيفة، فإن مستثمرين سعوديين يتوجهون لأسواق الأردن وتركيا، لشراء الليرة السورية، في رهانٍ على انتعاش اقتصادي ستشهده سوريا في المدى الزمني القريب، مع استئناف حركة التجارة الدولية وتوقعات بتدفق الاستثمارات الخارجية. وهو المؤشر الذي سيشكّل ركيزة حركة العرض والطلب على الليرة السورية، في مقبل الأيام.فإن نجحت الإدارة السياسية الحاكمة في دمشق اليوم، في تجاوز الاستحقاقات المترتبة عليها، في الفترة المقبلة، بنجاح، فإن الليرة ستبقى باتجاه التحسّن. ولن تهددها "حرية" سوق الصرف، بل عل العكس، ستدعمها. أولى تلك الاستحقاقات وأكثرها أولوية، هو تثبيت الاستقرار الأمني، وتعميمه. ومن ثم، إدارة عملية سياسية تؤسس لحكم تشاركي، يوفّر أرضية صلبة للسلطة في الداخل، ويقنع الخارج، بصورة تتيح رفع العقوبات وإعادة ربط الاقتصاد السوري بالعالم الخارجي من جديد، من دون قيود، وتدفق الاستثمارات الخارجية، وبدء حركة إعادة الإعمار. إن تحقق ما سبق، فإن "حرية" سوق الصرف، ستبقى بمذاق حلوٍ في أفواه السوريين. وإلا، فإن المشهد سيذهب في الاتجاه المعاكس، كُليةً. فالمشكلة لن تكون في هذا الصنف الجديد من "الحرية"، بل في البيئة السياسية والأمنية التي سيعمل في ظلها.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top