مع سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، صدرت عدة بيانات منسوبة لشيوخ الطائفة العلوية في الساحل السوري، وُصفت بـ"الاستعلائية"، ولم تكن بحجم الحدث، خصوصاً أن بعض هؤلاء الشيوخ متهمون بمساعدة نظام الأسد على مدى 50 عاماً، على اختطاف الطائفة وصبغ الدولة السورية باسمها.
وتخوف العلويون من عمليات انتقام جماعية بعد سقوط الأسد وفراره، إلا أن المشهد كان مغايراً تماماً، باستثناء بعض الحالات التي حصلت قبل وأثناء قيام إدارة العمليات العسكرية بحملات أمنية لملاحقة "فلول" النظام المخلوع وميلشياته، وهو ما أشارت إليه الولايات المتحدة خلال زيارة المبعوث الأمريكي دانيال روبنشتاين الأخيرة إلى دمشق، ولقائه مع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني.
إلا أن صحافيين وناشطين علويين قالوا إن حجم الانتهاكات تجاوز الحالات الفردية، لكنهم أوضحوا أن المنفذين مجهولين، ويستخدمون اسم هيئة تحرير الشام، بينما تقوم الأخيرة بملاحقتهم، إلا أن المشهد الطاغي عقبها كان التوتر الطائفي في الساحل السوري، وامتد بشكل جزئي لمناطق أخرى مثل مدينة حمص، وسط اتهامات للعلويين بإخفاء المطلوبين بانتهاكات جسيمة ضد السوريين خلال وجودهم في جهاز الجيش الأمن على عهد نظام الأسد.
في الأثناء، صدر أول بيان من قبل "الملتقى الإسلامي العلوي" في مدينة طرطوس، وصف بـ"العقلاني" و"المتوازن". وجاء في البيان أن النظام السابق ليس ممثلاً للطائفة العلوية، بل كان نظاماً قمعياً عانى منه الجميع، مؤكداً على المطالبة بمحاسبة المجرمين من كل الأطراف بشكل عادل دون تمييز. كما أكد رفض التجاوزات والانتهاكات التي تحدث على الأرض تحت مسميات فردية وحصر السلاح بيد الدولة وضمان الأمان للجميع وإطلاق سراح المعتقلين من كل الأطراف.
وفي هذا الأجواء، تحدثت "المدن" إلى الشيخ نوار حمدان سليمان، أبرز مشايخ الطائفة العلوية في مدينة جبلة، بريف اللاذقية، وذلك للوقوف على حقيقة موقف الطائفة العلوية من البيان، وقبل وبعد سقوط نظام الأسد والشائعات المتعلقة بقيام إيران باستغلال العلويين، وكذلك الحالة السائدة في الساحل السوري.
وفيما يلي نص المقابلة:
هل ما جاء في بيان "الملتقى" يمثل الطائفة العلوية؟ وهل القائمون فيه لهم ثقل لدى الطائفة؟
يمثل مطالب 90 في المئة من الطائفة، وكُتب بمشاركة بين عدة شخصيات قانونية وسياسية ودينية، يعني وزنهم جيد جداً، وما خرج عنهم سوى بعض مشايخ النظام البائد.
من يمثّل الطائفة العلوية اليوم؟ وكف لنا أن نعرف موقفها الحقيقي، خصوصاً أن عدة بيانات صدرت سابقاً ووصفت بـ"الاستعلائية"؟
تعيش الطائفة اليوم حياة بعد الصدمة بنوع من عدم التنسيق فيما بين وجهائها، وذلك ما عمد عليه النظام البائد، وهو حرصه على عدم تشكيل مجلس يمثل الطائفة. البيانات تمثل نسبة كبيرة من لغة العقل والتركيز على رفض النظام البائد وعدم تمثيله الطائفة، وأن الطائفة ولاؤها للوطن وليس للأشخاص. وكذلك ركّزت على ضرورة تبرئة الطائفة من جرائم النظام ولا سيما أنهم عانوا كثيراً من جرائمه وقتل أبنائه وتجويعهم، وكذلك النظام ضمّ كبار قادة وضباط من المكونات الأخرى للشعب السوري وليس محصوراً بالطائفة.
الطائفة الأسدية شملت جميع الطوائف، ولم تكن علوية بالمعنى الحرفي والعملي والمنهجي، لأن الطائفة برغم ما تعرضت له من الجرائم لم يكن في منهاجها أو فكرها التحريض أو سفك الدماء أو الإفتاء بذلك، والشاهد هو الرفض الدائم لتقسيم الدولة لدويلات وهذا ما أكد عليها مشايخ الطائفة قديما وحديثاً.
لماذا لا تبادر الطائفة بتسليم المطلوبين منها ممن ارتكبوا جرائم في سوريا، بينما أنتم متهمون بالتستر عليهم وتخبيئتهم بمناطقكم؟
حتى تاريخ هذه اللحظة لم تصدر قوائم بالمطلوبين. أكدنا مراراً ضرورة محاسبة مرتكبي المجازر وممن تلطخت أيديهم بالدماء من كل الأطراف. وجود بعض الشخصيات القيادية في صفوف الطائفة لا يعني التستر عليه، ولو رجعنا قليلاً في الوقت لوجدتم عدم احتواء شعبي لهم وتعاونوا مع الهيئة في تسليمهم مثل اللواء كنجو وشجاع العلي وغيرهم.
هل تؤكد ارتكاب إدارة العمليات العسكرية بقيادة هيئة تحرير الشام انتهاكات بمناطقكم خلال الحملات الأمنية؟
هناك عناصر ترتكب انتهاكات باسم الهيئة، وللأمانة، الهيئة تساعد في ضبط الأمر. ولكن غياب الشرطة الأصلية وحالات الانتقام والسرقة والخطف كثيرة نسبياً. هناك فصائل متشددة تشتم وتضرب تخلق حالة قلة الثقة وعدم الأمان، وهناك عصابات خرجت من السجن مؤخراً تسهم بمزيد من الجرائم والفوضى وقد تكون لها أجندات أخرى.
هل ستساعدون في تسليم المطلوبين في حال صدرت قوائم؟
الطائفة ساعدت وتساعد والشاهد في ذلك المسارعة في تسوية أوضاع العساكر والضباط وتسليم السلاح للهيئة بأعداد كبيرة. لا تقبل الطائفة ولا أي سوري عاقل بوجود أو التستر على أي مجرم، وقلناها مراراً، نحن تحت مظلة الدولة والقانون على الجميع، لا نريد طائفية فجميع السوريين أخوة. كذلك لا نريد امتهان للكرامة أو إقصاء.
هناك خوف من استخدام إيران للطائفة وأزلام النظام السابق في الساحل السوري لنشر الفوضى والتشويش على الإدارة الجديدة. هل هناك شيء من هذا القبيل؟ وهل ممكن يكون الساحل انطلاقة لنشر الفوضى ربما بسبب ما يحدث من انتهاكات؟
لن نسمح بأي فتنة بين أهلنا. لا يوجد أي نية لأي إثارة للفوضى في بلدنا، فأهلنا السوريون بكل مكوناتهم نحيا معهم منذ مئات السنين ولم يحدث بيننا أي حرب طائفية أبداً، بل هناك الكثير من حالات المصاهرة فيما بينهم. وأعود وأذكر كثيراً، من يحمينا ويمثلنا ويكون معنا هو كل سوري شريف. فأهل المنطقة من أهلنا، السنة هم أهلنا، ونحن معهم وهم معنا ولا فتنة بيننا أبداً.