يواجه الإعلام السائد في الولايات المتحدة أزمة مصداقية متزايدة. إذ أظهر تحليل أجرته مؤخراً مؤسسة "غالوب" أن وسائل الإعلام الإخبارية تُعتبر الأقل ثقة بين المؤسسات المدنية والسياسية المرتبطة بالديموقراطية. وعلى الرغم من الجهود المبذولة لبناء الثقة وتقديم تقارير تستند إلى الحقائق، يبقى الجمهور غير مقتنع بمصداقية هذه الوسائل.تشمل فئة الإعلام السائد، صحفاً كبرى مثل "نيويورك تايمز"، وقنوات كابل مثل "سي إن إن" و"فوكس نيوز"، وشبكات وطنية مثل "إيه بي سي" و"إن بي سي". ومع استمرار الانقسامات الحزبية، تتفق الأطراف المختلفة على أن هذه الوسائل تخفق في تمثيل الواقع بشكل كامل. ويُعزى ذلك إلى عوامل عديدة، من أبرزها تقديرات خاطئة لفرص الرئيس المنتخب دونالد ترامب في انتخابات 2024، مما زاد من تراجع الثقة في هذه المؤسسات.في هذا السياق، تقترح دراسة أكاديمية تبني مفهوم "صحافة التضامن" كحل محتمل. هذه المقاربة تركز على تغطية القضايا التي تهدد بقاء الأفراد وكرامتهم، لا سيما الفئات المهمشة، مثل المشردين وضحايا العنف، بدلاً من التغطيات التقليدية التي تعتمد على تصريحات الشخصيات العامة أو الأحداث المثيرة.ما يميز صحافة التضامن هو كيفية التعامل مع المصادر وتناول القضايا. فالصحافيون الذين يمارسون هذا النهج لا يكتفون بجمع المعلومات من مصادر رسمية، بل يركزون على بناء علاقات مستدامة مع الأفراد المتأثرين مباشرة بالأحداث. بالإضافة إلى ذلك، يستمعون إلى تجاربهم الحقيقية ويعودون إليهم لمتابعة تطورات القضايا بعد نشر التقارير، خصوصاً إذا استمرت معاناتهم.كما تعتمد صحافة التضامن على تغيير أسلوب السرد الإخباري. وبدلاً من التركيز على ردود أفعال المسؤولين، تسعى إلى إبراز أصوات الفئات المتأثرة وتقديم روايات تستند إلى تجاربهم. على سبيل المثال، بدلاً من تغطية إزالة مخيمات المشردين بناءً على تصريحات المسؤولين، تُظهر هذه الصحافة ما يواجهه السكان المتضررون فعلياً، كما فعلت منصة CalMatters في تقريرها الذي سلط الضوء على حياة المشردين المتأثرين بسياسات الحاكم جافين نيوسوم.في النهاية، خلصت الدراسة إلى أن تبني ممارسات التضامن يمكن أن يعيد للإعلام مصداقيته ويعزز دوره كخدمة عامة تعكس الواقع وتحقق تأثيراً ملموساً. من خلال هذه المقاربة، يمكن للإعلام أن يستعيد ثقة الجمهور ويؤدي دوره المأمول في تقديم تقارير صادقة تعتمد على الحقائق وتجارب الناس على أرض الواقع.