تحدثت الممثلة السورية والمعتقلة السابقة، سمر كوكش، في مقطع فيديو نشرته عبر وسائل التواصل، عن معاناة النساء المعتقلات في السجون السورية، مسلطة الضوء على ممارسات قمعية استهدفت طمس الحقائق وإخفاء الضحايا.وكشفت كوكش عن مشاهداتها أثناء فترة اعتقالها في سجن عدرا المركزي، حيث كان النظام يقوم بإيداع نساء في السجن بزعم أنهن "مجنونات"، قبل نقلهن إلى مستشفيات الأمراض العقلية. وأوضحت كوكش أن هؤلاء النساء كنّ يحملن آثار تعذيب شديد ودماء على أجسادهن، ما يثير تساؤلات حول حقيقة وضعهن. وأكدت كوكش أن التعذيب الممنهج قد يكون السبب وراء تدهور حالتهن العقلية، مما دفع السلطات إلى تصنيفهن كمريضات عقلياً بهدف إخفاء آثار الانتهاكات التي تعرضن لها.
ودعت كوكش إلى تحقيق جاد ومستقل في مستشفيات الأمراض العقلية، مشيرة إلى احتمال وجود مخفيين قسراً بين نزلاء هذه المستشفيات، قد يكونون فقدوا ذاكرتهم أو قدرتهم على التعريف بأنفسهم نتيجة التعذيب.بدورها قامت الممثلة يارا صبري، والتي تعد من أبرز الداعمين لملف المعتقلين والمخفيين قسراً في سوريا، بإعادة نشر شهادة كوكش، حيث تستخدم منصاتها الإعلامية والاجتماعية لتسليط الضوء على معاناة الضحايا وعائلاتهم.ولدت الفنانة سمر كوكش العام 1972 في دمشق، ونشأت في عائلة فنية، والدها المخرج علاء الدين كوكش ووالدتها الممثلة ملك سكر. بعد تخرجها من المعهد العالي للفنون المسرحية، برزت في العديد من الأعمال الدرامية والمسرحية، إلى جانب عملها المتميز في دبلجة مسلسلات كرتونية شهيرة مثل "المحقق كونان".ونشطت كوكش في بداية الثورة السورية في تقديم مساعدات إنسانية للنازحين والمتضررين، خصوصاً النساء والأطفال، في مدينة دمشق. وشملت جهودها توفير الاحتياجات الأساسية، مثل الغذاء والملابس، وتسهيل الحصول على الرعاية الطبية للمحتاجين. أحد أبرز نشاطاتها كان مساعدة طفلة من منطقة المعضمية المحاصرة للخروج وتلقي العلاج الطبي الضروري. هذا العمل الإنساني أدى إلى اعتقالها في تشرين الثاني/نوفمبر 2013، حينما اتهمت بـ"تمويل الإرهاب"، وهي تهمة جاهزة كان النظام السابق يلصقها بأي شخص يساعد المتضررين من الحرب أو النازحين والمحاصرين. وفي ظل الثورة السورية، تعرض عدد كبير من الفنانين السوريين للاعتقال والإخفاء القسري بسبب مواقفهم السياسية المعارضة للنظام، من بينهم مي سكاف وجلال الطويل وفارس الحلو وعبد الحكيم قطيفان ومحمد آل رشيد وسعد لوستان، وجميعهم أفرج عنهم لاحقاً وغادروا البلاد تحت التهديد. كما اعتُقل الممثل والمخرج المسرحي زكي كورديللو مع ابنه مهيمن، في آب/أغسطس 2012، وما زال مصيرهما مجهولاً حتى الآن.وتجاوز عدد المخفيين قسراً منذ بداية الأزمة السورية العام 2011، الـ113 ألف شخص، معظمهم على يد النظام السوري، وفقاً للشبكة السورية لحقوق الإنسان. وتؤكد التقارير الحقوقية أن النظام عمد إلى تسجيل العديد من المختفين على أنهم متوفون في السجلات المدنية، في محاولة لإخفاء الجرائم المرتكبة بحقهم.ووصفت منظمة العفو الدولية، هذه الممارسات، بأنها جرائم ضد الإنسانية، مطالبة المجتمع الدولي بتكثيف الجهود للضغط على النظام السابق للكشف عن مصير المعتقلين والمخفيين ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات التي كان النظام ينكر وجودها ويؤكد أن سوريا تتعرض لـ"مؤامرة كونية".في ظل هذه الشهادات المؤلمة والأرقام الصادمة، تظل قضية المعتقلين والمخفيين قسراً في سوريا، إحدى أكثر القضايا إلحاحاً على المستويين الإنساني والسياسي. مع استمرار شهادات الناجين/ات والناشطين/ات، مثل سمر كوكش، يزداد الأمل في كشف الحقيقة ومحاسبة الجناة لتحقيق العدالة المنشودة.