شهدت زيارة وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، ونظيرها الفرنسي جان-نويل بارو، إلى دمشق، اهتماماً واسعًا وأثارت جدلاً في منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام العربية والعالمية، لا سيما في ألمانيا. وتأتي هذه الزيارة في إطار جهود الاتحاد الأوروبي للتواصل مع الإدارة الجديدة في سوريا بقيادة أحمد الشرع، القائد العام للعمليات العسكرية.
View this post on Instagram
A post shared by BILD (@bild)
إحدى أبرز اللحظات التي لفتت الانتباه، كانت استقبال أحمد الشرع للوزيرين، إذ صافح الشرع وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو باليد، بينما لم يصافح وزيرة الخارجية الألمانية، بل وضع يده على صدره أثناء إلقاء التحية على بيربوك، كإشارة إلى التحية على الطريقة الإسلامية. وذكرت بيربوك في تصريح لاحق أنها كانت على علم بأن البروتوكول قد يستثني المصافحة، احتراماً للعادات المحلية، واتفقت مع نظيرها الفرنسي على الامتناع عن المبادرة للمصافحة لتجنب إحراج الشرع. ومع ذلك، لم يتم إبلاغ الشرع بهذه الترتيبات مسبقاً من قبل مكتب العلاقات العامة الذي يعنى عادة بتحضير الأمور اللوجستية. وانتشر مقطع الفيديو بشكل واسع في الإعلام الألماني، حيث ركزت صحف وحسابات يمينية أو موالية لحزب "البديل من أجل ألمانيا" المتطرف (AfD) على الحادثة، معتبرة إياها دليلاً على ما وصفته بالتناقض بين سياسات الحكومة الألمانية الداخلية والخارجية. ونشرت حسابات ألمانية في وسائل التواصل تعليقات مثل: "أنالينا بيربوك النسوية تقبل عدم مصافحة المسؤولين في سوريا لها، بينما تستمر ألمانيا في تقديم الدعم الإنساني لهذا النظام". كما نشرت حسابات أخرى مرتبطة باليمين المتطرف عبارات مثل: "لماذا نقدم لهم الدعم الإنساني وهم يرفضون مصافحة وزيرة الخارجية؟".
كما استُخدم المقطع لتقويض التمويل المحتمل الذي قد تخصصه ألمانيا لإعادة إعمار سوريا، فذكرت حسابات في وسائل التواصل أن هذه الموارد تأتي من ضرائب المواطنين الألمان، في وقت تواجه فيه البلاد تحديات اقتصادية متزايدة، وأثارت تساؤلات حول أولويات الحكومة الحالية، وربطتها بتزايد شعبية "حزب البديل". تأتي هذه الحادثة في وقت حساس سياسياً في ألمانيا، حيث تواجه الحكومة الحالية تحديات متزايدة، مع تصاعد شعبية حزب البديل ودعوات متزايدة لإجراء انتخابات مبكرة. ومن الجدير بالذكر أن ممثلين عن الحزب زاروا سوريا في العام 2018 إبان حكم النظام السابق، للترويج لفكرة أن البلاد أصبحت آمنة، داعين إلى إعادة اللاجئين السوريين إلى وطنهم. وقد استغل الحزب هذه الرسائل في حملاته الانتخابية لتعزيز قاعدة ناخبيه.الجدل الدائر أظهر كيفية استغلال الأحزاب السياسية والإعلام لأحداث دبلوماسية للترويج لأجنداتها. في حين ركزت وسائل الإعلام المقربة من حزب البديل، على البعد الثقافي للحادثة لإثارة النقاش حول سياسات الحكومة، وتجاهلت إلى حد كبير النقاشات المتعلقة بأهمية التواصل الدبلوماسي مع القيادة السورية الجديدة ودوره في تعزيز الاستقرار الإقليمي.تعكس هذه الواقعة التحديات المعقدة التي تواجهها الدبلوماسية الألمانية في الخارج والضغوط السياسية الداخلية. وبينما قد يرى بعض الأطراف في الحادثة فرصة لتعزيز مواقفه السياسية، تظل الحاجة إلى حوار بنّاء ومتوازن أمراً أساسياً في ظل الأوضاع المتوترة في الساحة الألمانية والدولية.