2025- 01 - 06   |   بحث في الموقع  
logo الجيش يفتح ثلاث طرق كان الجيش الإسرائيلي قد أغلقها logo "تلفزيون سوريا" يطلق إذاعة من دمشق: "صار عنا وطن" logo ارتفاع بدرجات الحرارة.. ما جديد الطقس؟ logo اسطفان: من واجب الدولة أن تبدأ فصلا جديدا من العلاقة مع إيران logo "مترو المدينة" في عيده الـ13...مسيرة موازية لحُلو بيروت ومرّها logo "فيتو" وفيق صفا logo فضل شاكر يغني لسوريا الحرة من نظام الأسد logo "الجديد" تعتذر عن "الخطأ" في "ميني مافيا"
منع "المرايا" في مصر: صنعة الكتب المهددة
2025-01-04 12:25:45

في نيسان/أبريل 2018، ألقي القبض على الناشر المصري، خالد لطفي، بتهمة نشر أسرار عسكرية على خلفية نشر "دار تنمية" التي يترأسها كتاب "الملاك: أشرف مروان" الصادر في العام 2016 للكاتب الإسرائيلي يوري بار جوزيف. كان الكتاب مَترجَماً ومتداولاً في السوق العربية قبل أن يقوم لطفي بتوزيع طبعة مصرية مخفضة الثمن، وبالرغم من هذا عوقب الناشر الشاب من قبل محكمة عسكرية بالحبس خمسة أعوام.
كانت تلك العقوبة الرسمية. أما آليات التضييق الأخرى، فتمثلت في منع الدار من المشاركة في معرض القاهرة للكتاب، وهو موسم الرواج الأكبر الذي تحقق فيه دور النشر المصرية نحو نصف مبيعاتها السنوية. واستمرت تلك العقوبة دوراتٍ عديدة، حتى دورة المعرض الأخيرة. وشملت العقوبة، بالإضافة إلى "تنمية"، لائحة تضم عشرات الدور الأخرى التي تتغير من عام إلى عام. أصابت قضية لطفي أوساط النشر، بالذعر. على خلاف الصحافة ووسائل الإعلام المرئية وسائل التواصل الاجتماعي، لم تكن صنعة الكتاب في دائرة الاهتمام الأمني في مصر. على الأرجح بسبب محدودية جمهور القراءة، وربما لكلفة متابعة كل الإصدارات، مقارنة بتأثيرها العام. في النهاية، يخضع كل شيء لحسبة الاقتصاد، بما في ذلك القمع. أيضاً، وحتى وقت ليس ببعيد، أي حتى مطلع عقد التسعينيات، كانت أجهزة وزارة الثقافة ومؤسساتها المسؤولة عن النشر، تلعب دوراً مزدوجاً في ضبط الوسط الثقافي وجمهوره. من ناحية، باستيعاب المثقفين داخل هيئاتها وبرامجها ومِنَح التفرغ وفعالياتها محدودة الجمهور، وفي السياسة التي أطلق عليها وزير ثقافة حسني مبارك، فاروق حسني، بدقة، وصف إدخال المثقفين إلى "الحظيرة". ومن جانب آخر، قامت مؤسسات النشر الحكومية، والتي كانت لديها وضعية شبه احتكارية في سوق الكتب، بفرض نوع من الرقابة الذاتية خافتة الصوت على إصداراتها. لذا لم تكن الصناعة الهامشية بحاجة إلى المزيد من حراس البوابات من الخارج. إلا أن توسع المبادرات الفردية ورأس المال الخاص في سوق النشر، تحت مظلة سياسات اللبرلة في العقد الأخير من عهد مبارك، مع تقلّص الموازنات الثقافية الحكومية، أعادت تشكيل المشهد جذرياً، وذلك حتى قبل ثورة يناير.
قبل دورة هذا العام من معرض الكتاب، والمزمع انطلاقها في الأسبوع الأخير من الشهر الجاري، أضيفت دار "المرايا" القاهرية إلى اللائحة الرمادية لدور النشر المحرومة من المشاركة في فعالياته، وذلك كالعادة من دون أبداء أي أسباب من جهة الهيئة المصرية للكتاب، المسؤولة عن تنظيم المعرض. وكما يشير البيان الصادر عن دار المرايا، إلى الخسائر المادية الكبيرة المترتبة على منعها من المشاركة، فإن فاعلية تلك العقوبة غير المعلنة تكمن في عدم اتباعها قواعد إجرائية واضحة ومفهومة. وعبر تلك الاعتباطية الواقعة في المساحة الملتبسة للرسمي وغير الرسمي، تشعر أوساط صنعة الكتب بالتهديد الدائم.
والحال أن تغير خريطة النشر في العقدين الماضيين، فرض نوعية مختلفة من القيود. من جهة، أصبحت صناعة الكتب محكومة بقواعد السوق، لا بالسياسات الثقافية للجولة. وفي هذا السياق خضعت خيارات الناشرين لذائقة الجمهور، التي لأسباب عديدة لا مجال لفحصها هنا، توجهت بكثافة نحو الأدب، وبالأخص الروايات، على حساب صنوف الكتب الأخرى. من جهة ثانية، شهد العقد الماضي توسع الاستثمار في مجالات الثقافة من جهة حكومات القوى الإقليمية الصاعدة أو رأس المال الكبير، ويظهر ذلك جلياً في روزنامة الفعاليات المزدحمة طوال العام واللائحة الطويلة من الجوائز الموجهة للناشرين والكتاب. ووضع ذلك، أمام دور النشر، مصفوفة معقدة من مساحات الرقابة الذاتية والحسابات التجارية، لا تتعلق فقط بدولة بعينها، بل بشبكة متداخلة من توازنات السياسة الإقليمية ومصالح رأس المال.
وفي داخل تلك السياقات، وعلى الضد منها، فإن داراً مثل المرايا، لديها مشروع طموح وجريء يظهر جلياً في كاتالوغ إصدارتها الثري والفريد والعميق فكرياً، تجد أمامها مساحة ضيقة للمناورة. فبالنسبة إلى دور النشر الصغيرة والمتوسطة، وهي الغالبية الساحقة من صناعة الكتاب في مصر، يبقى التلويح بالحرمان من المشاركة في معرض القاهرة تهديداً كفيلاً بإغلاق الأبواب.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top