2025- 01 - 06   |   بحث في الموقع  
logo اسطفان: من واجب الدولة أن تبدأ فصلا جديدا من العلاقة مع إيران logo "مترو المدينة" في عيده الـ13...مسيرة موازية لحُلو بيروت ومرّها logo "فيتو" وفيق صفا logo فضل شاكر يغني لسوريا الحرة من نظام الأسد logo "الجديد" تعتذر عن "الخطأ" في "ميني مافيا" logo السلطة الفلسطينية تحظر مواقع "الجزيرة" logo لقاء أميركي-أوروبي مرتقب بشأن سوريا.. وواشنطن ستخفف قيود المساعدات logo حراس تماثيل حافظ الأسد
تجديد صياغة الوطنية اللبنانية
2025-01-04 10:55:44



الدعوة إلى تجديد صياغة الوطنية اللبنانية، تشكل استجابة لتحدّي الجديد الذي بات سِمَةً حاضرة لقضايا "العالمية" والعولمة، والقومية والكيانية، والمواطنة والوطنية، مثلما تضع نقطة ختام على كتب الموروثات التي صيغت أوروبيّاً للعالم اللا أوروبي، وتطوي في الوقت ذاته صفحات استجابة الأطراف لما قدّمه الآخرين من قراءات لأحوالها، وما صاغته هي من كتابات، بعد وقوفها على واقع أحوالها.
الاعتراف بأن "العالم" بات جديداً على صعيد مقولاته، وحديثاً على صعيد ممارساته، ولا حداثياً على صعيد ادعاءاته، يؤطِّر الدعوة المحلية إلى النظر في الواقع الذاتي الذي ما زال منفعِلاً بما حوله، وعاجزاً عن الفعل الإيجابي الموجّه إلى ذاته، والمصدّر إلى كل ما هو ذات مغايرة.
في ركاب السيرة ومراجعة قديمها، ما الحاضر الذي يضغط بعناوينه على الحالة اللبنانية الراهنة، التي تحيط بها "الغيرية" من كل جانب؟ وما انعكاس ذلك على "الجمعيّة" اللبنانية، التي ما زالت قيد التشكل القلق، رغم السنوات المئة التي انقضت على إعلان الكيان؟النضالية اللبنانية:جَمَعَتِ النضالية اللبنانيين كأهليّات، ولم تجمعهم كفئات اجتماعية متداخلة. هذه كانت الحصيلة الغالبة للسياق الاجتماعي، وهذا الأخير، وإن عَرَف بعض محاولات المجتمعية، فإنه عاد ليتابع سيره النمطي "الطبيعي" من دون أصواتٍ تطويرية صاخبة.
توزَّعت النضالية المؤثرة، على انقسام أهليّ، اعتنق فريق من أطرافه مسائل القومية والعروبة ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وذهب فريق آخرٌ من أطراف الانقسام إلى مسائل الدفاع عن الهويّة والسيادة والفرادة التكوينية، وصيانة ديمومة الكيان، بما كان عليه، ومن دون النظر عميقاً إلى ما صار إليه، بالعلاقة مع داخله، وبالعلاقة مع جواره الذي عاش تبدلات مضطربة عديدة.
لقد رَسَت النضالية التي استمرّت سَحَابة عقود حارّة، على نهوض فئات أهلية، وعلى تراجع مواقع فئات أخرى.
كان ذلك من التبدلات الاضطرارية الواقعية، التي أخذها المتقدِّم ضمن التراتبية الأهلية، على محمل الواقع المحسوم، وسعى إلى فرضها على باقي التراتبية "كقدر" واقعي محتوم. كانت مسألة "المقاومة" الأداة الأبرز والأثقل التي أرخت بأثقالها على التوزّع الأهلي الداخلي، والتي ما زالت حتى اللحظة، تلقي على كل التشكيلة الداخلية، ما يتناسل من مسألتها من أعباء. نفتح المجال الاستطرادي هنا، لمعاينة مسألة المقاومة الآن، ولقول رأيّ في تعقيداتها بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان، الذي أوقفت ناره هدنة مؤقتة، ولم تحجب خطر استئناف اندلاع حممه بعد انقضاء أيامها.عمومية المقاومة:عمومية المقاومة تلغي فئويتها، هذا عنوان جرى تداوله سابقاً، وها هو يستعيد قوة حاضره راهناً. العمومية عنوان نقاش جديد، والنزول على أحكامها يعيد الاعتبار إلى نقاشها كمسألة وطنية داخلية لا تشكل امتيازاً لفئة أهلية، ولا تسمح لهذه الفئة أو تلك، باستقلالية سياسية أو تنظيمية أو عملية، في معزل عن قرار شركاء الوطنية العامة، الذين ساجلوا في الماضي، نقداً لما أدلت به الفئوية النضالية، حول أدائها، وحول رؤيتها، وحول تحالفاتها، وحول قراءتها لإدارة الصراع مع العدو الإسرائيلي، ولكيفية حماية الوطنية اللبنانية، والدفاع عن مصالحها العليا العامة.
النقد الذي لم يصل إلى تفاعلٍ مُجدٍ في السابق، استعاد حيويته في الراهن، واستعاد معها ذات المواضيع التي كان يُلِحّ عليها، وجعل عنوان السيادة والشراكة والاستقلالية، البند الأهم في خطاب النقد القديم - الجديد. ساعد الناقدين عاملان: حقيقة ما انجلى عنه العدوان الإسرائيلي، وحقيقة المعركة الدفاعية التي خاضتها المقاومة، وحقيقة الخسارة العظيمة التي حلّت باللبنانيين، في مجال الأنفس، وفي مجال العمران.
واقع الخسارة، لن يحجبه خطاب المقاومة الراهن، ولن تغطيه إعلاناتها عن "الانتصار" الذي حققته، ولا عن إفشال الخطط المعادية، ولا عن استعدادها الدائم للدفاع عن لبنان بقرار منها، وبالعودة إلى ممارسة حقها في الاستقلالية في اتخاذ القرار الأحادي المصدر، وفي إدارة الشؤون الميدانية العملية، وفق خططها الخاصة، التكتيكية والاستراتيجية.
من المُتاح، ومن الواجب، فتح سجال مع المقاومة يتناول خطابها الراهن في بعديه، السياسي والقتالي. مادة السّجال موجودة، ومقاربتها سهلة، والخلاصات التي يجب أن تنتهي إليها واضحة، والأسلوب الذي يجب اعتماده في الوصول إلى الخلاصات، يجب أن يكون موضع عناية ودراية هو الآخر، بحيث يجمع الهدوء إلى الصراع، ويجمع القول والفعل مع المسؤولية العامة الوطنية. في هذا السياق، ما الذي يلحّ لدى معاينة الخطاب الآخر، الذي لم يقل قول المقاومة، ولم يضمّ صوته إلى صدى خطاب مبرّراتها؟عمومية السيادة:السجال الأهلي الأبرز اعتمد عنوان السيادة وتوابعها مدخلاً إلى الوطنية الداخلية، وهو لم يتورّع عن وَسْمِها بمَيْسَمِ انتماء أهلي محدّد وواضح، بحيث لم تحجب لونه الفاقع إضافة بعض الألوان الفئوية الطرفية، الوافدة من لبنانية "مستحدثة" إلى ديار "كيانيين" أصليين، ينسبون الكيان إليهم في الوقت الذي يعلنون فيه انتسابهم إليه.
في مجال السيادة والسيادية، يجب تذكير أصحاب الإعلان هذا، أن السيادة ليست فئوية، بل هي عمومية، وطرح مسائلها موضع تبادل توافق واختلاف، بين أطراف التشكيلة الداخلية التي جُمِعَتْ على "لا توافق"، واستمرّت لاحقاً على عدم ترسيخ "اتفاق" كياني راسخ. هذه الإشارة وَصَل إلى حركتها العِلْمُ بإعلان الاستقلال كبداية، وباتفاق الطائف وما تبعه من اتفاقات على درب اللانهاية.
إذن، سياديّاً، وعلى محمل العمومية، يجب نقاش السياديين والهويَّاتين في جوانب كثيرة من لا سياديتهم، عندما يتعلق الأمر بما نسجوه من تحالفات خارجية، لها أسماء وتواريخ معلومة، وعندما يتعلق الأمر بطرحهم الهويّاتي الذي يجعل "اللبناني" كائناً عالقاً في التاريخ، بسبب من اصطناع فرادته، وعنصراً غارقاً في اللاتحديد "الجيني"، بسبب من اصطناع "غرابته" التي تجعله وجوداً مفارقاً في الجغرافيا، وفي إمكانية الاجتماع بين تضاريسها.بين عموميتين:لقد أفرزت المدة القصيرة الفاصلة بين وقف إطلاق النار وبين اليوم الراهن، عدداً من المستجدات التي تفترض مغادرة العناوين القديمة، والدعوة المباشرة إلى استبدالها بما يتناسب مع ما بات مطروحاً على طاولة البحث من وقائع.
على صعيد العمومية المقاومة، بات ملحّاً وضروريّاً القول إن ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة قد باتت من الماضي. إلى الثلاثية تضاف مسألة استقلالية المقاومة وتفرّدها في إعلان "الجهوزية"، وفي الاستعداد لاستئناف القتال ضد العدو، ردّاً على عدم التزامه ببنود الاتفاق المبرم معه. هذا بات من الماضي أيضاً.
ما هو من الحاضر، هو الانضمام إلى الجمع العمومي الوطني الذي يسعى إلى وقف العدوان، فيقترح ما لديه من وسائل سياسية وشعبية، والذي يسعى إلى حماية لبنان، فيدلي بما لديه حول سبل هذه الحماية، ويسعى إلى إعادة بناء لبنان، فيقدم رؤيته لعملية إعادة البناء. اختصار ذلك، له عنوان أساسي هو: استقرار لبنان وازدهاره، هذا عنوان واضح، وقوى العنوان واضحة، والرابطة التي تجمع هذه القوى، هي رابطة الوطنية العمومية، التي تجتمع في ساحتها السجالات المتداخلة، والاعترافات المتبادلة، بين مختلف أركان التشكيلة الطائفية... حتى إشعار تاريخي آخر. ماذا يفرض نفي الخصوصية عن المقاومة، على أبناء العمومية السيادية؟
في ذات السياق الحَدَثي، وفي إطار سحب "الامتياز" القتالي المستقل من أصحابه، يصير التمسّك بالعنوان الاتهامي للمقاومة من الماضي، ويصير الجلوس إلى طاولة الحوار حول البعد الحقيقي للخطر الإسرائيلي على لبنان، أمراً صائباً، ومن خلال ذلك تصحح النظرة إلى هذا الأمر، وإلى الاختلاف حوله، بحيث يكون معلوماً لدى الجميع أن موضوع الخلاف ليس موضوع العداء للإسرائيلي، ولا موضوع الصراع المفتوح حول كل المسألة الفلسطينية، بل إن الخلاف يدور حول كيفية إدارة درء الخطر الإسرائيلي، وكيفية الانتساب إلى موضوع الصراع المفتوح، مع إسرائيل، ما دامت قضية الشعب الفلسطيني لم تصل إلى ختامٍ يلامس بعض الإنصاف.
بناءً على ما تقدم، تسقط "لازمة" التحليل التي تحيل المقاومة إلى جالية خارجية، ومعها يجب أن يسقط مطلب نزع سلاح المقاومة، فهذا مطلب "عدائي" يجب استبداله بعنوان "استيعاب" السلاح. كيف يكون ذلك؟ بحوار جدّي ومسؤول، يعيد إضافة ما لدى المقاومة إلى رصيد القوة الوطنية اللبنانية، المزمع امتلاكها، بعد كل ما عرفه لبنان من محطات صراعية.
استيعاب المقاومة وسلاحها، عنوان طمأنة لأهلها، ومن المفيد التكرار، أن الطمأنة مطلوبة لكل الكتلة الأهلية الشيعية، من خلال الاطمئنان إلى سلاسة عملية حفظ مكان هذه الكتلة ضمن الأمكنة التي يعاد حفظها للكتل الأهلية الأخرى.
يبقى من الأهمية بمكان، الإشارة إلى أن كل عمومية تؤخذ من داخلها أولاً، ولا تؤتى من خارجها. هذا يعني أن المسؤولية الوطنية تفرض على كل طرف أهلي أن يكون "مفاعلاً" مساعداً للعملية "التحويلية" التي تجري ضمن كل بيئة خاصة، من خلال مراقبة قوله وعمله، ومن خلال مدّ يد الانفتاح واللقاء إلى الإيجابي الذي يصدر عن هذه البيئة أو تلك.
لا تعرف البيئات الأهلية ثباتاً، بل هي في تحرّك مستدام، بدافع من مخاوف متداخلة، لذلك يجب أن يكون القول الجديد المسؤول، وسيلة التواصل الأجدى، لمن يريد إعادة صياغة الوطنية اللبنانية الجديدة، القابلة للعيش، والمرشحة لتكون واسطة عقد اتفاق اللبنانيين.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top