2025- 01 - 06   |   بحث في الموقع  
logo إستراتيجية الغموض من منظار حقوق الإنسان.. بقلم: د. رنا الجمل logo سيناريوهات جلسة 9 كانون الثاني: الغموض يُخيّم فوق ساحة النجمة!.. عبدالكافي الصمد logo جلسة الخميس.. تنافس سعودي ـ قطري على تسويق رئيس!.. غسان ريفي logo مناورات الرئاسة: الخارج في دوامة الأسماء والداخل "يمانع" بالانتخاب logo مهلة الشهرين جنوباً للقائد أو للرئيس ؟ logo سوريا: ارتفاع سعر الاسمنت يعزز مخاوف رفع الرسوم الجمركية logo نتائج الحرب كارثية على القطاع الزراعي: الأمن الغذائي مهدد logo وزير النقل السوري: سنطوّر السكك الحديدية ونضبط تسعيرات النقل
ملامح سوريا الجديدة.. بين غياب الرؤية وتحديات المشروعية!.. بقلم: حمد رستم
2025-01-04 02:25:42

من الواضح أنّ الزلزال الذي حصل في سوريا قد أربك جميع القوى، حتى المنتصرة منها، والمواقف الأوروبية والأميركية والتركية المنعدمة الرؤية للمستقبل السوري تدعم تحليلنا في مقالات سابقة، أنّ الإعدادات التي كانت موضوعة من قبل التركي وبإذن من الأميركي، لم تكن معدّة لإسقاط النظام بالكامل والسيطرة على كامل سوريا.


هذا المشهد المرتبك في فهم التحوّل القائم على مستوى الجغرافيا السياسية لسوريا وموقعها، يدفعنا للتفكير مليّاً بمدى استعداد وقدرة الفئة الجديدة التي استولت على السلطة، النفاذ والعبور إلى بناء الدولة وصياغة نظام حكم جديد تنبثق مشروعيته من خلال انعكاس الإرادة الشعبية السورية بكافة مكوناتها.


الواضح أنّ المشهد السوري ضبابي ومربك لجميع القوى الفاعلة، ولكي نستطيع أن نرسم ملامح المرحلة المقبلة، سوف نسلط الضوء على بعض الممارسات والسلوكيات والأقوال التي سقطت بها القوى الممسكة بالسلطة اليوم.


دعونا أولاً أن نُوصّف ما حدث في سوريا بناءً على معايير وتفسير علم السياسة، ووضعه في خانة الانقلاب العسكري لتوفّر عناصر الانقلاب، وليس ثورة شعبية أطاحت بالحكم، كما يروق للبعض وصفها، لأنّ الانقلاب العسكري يُعرف بأنّه استيلاء غير دستوري على السلطة بواسطة القوة المسلحة، وهذا ما حدث في سوريا.


لكن ما يعنينا في الأمر ليست طريقة إسقاط النظام والإمساك بالسلطة بقدر ما يعنينا نقاش إدارة المرحلة من بُعدين اثنين:


ـ البعد الأول: إداري منهجي عرفي.


ـ البعد الثاني: سياسي استراتيجي.


في البعد الأول:


واضح أنّ الإدارة الجديدة مؤهلاتها متواضعة بالقدرة على إدارة دولة بحجم سوريا، وهذا جليّ في عدّة مشاهد أظهرت ارتباكاً وتضارباً بالتصريحات والصلاحيات بين مكوناتها.


والأهم من ذلك، عدم مراعاة أبسط الأعراف الدولية لطريقة إنهاء العمل بالدستور القائم والإمساك بالسلطة بعد الإطاحة بالحكم، والتي جرت الأعراف الدولية أن تقوم الجهة المنقلبة والممسكة بالسلطة برسم معالم المرحلة الانتقالية من خلال ما يسمى “إعلان دستوري” يتضمن عناوين عريضة وطنية جامعة تشكل الإطار العام لقواعد العمل في المرحلة الانتقالية يتم خلالها ما يلي:


أولاً: وقبل كل شيء، الدعوة لمؤتمر وطني عام يتمثل به جميع الأطياف الوطنية،


تشكل بموجبه لجنة إعادة صياغة دستور جديد للدولة.


ثانيا: تسمية حكومة انتقالية معينة من قبل المؤتمر تقوم بتصريف الأعمال وليس لديها صلاحيات تشريعية.


ثالثا: تشكيل لجنة وطنية ميثاقية تعمل كهيئة رقابة على عمل الحكومة الانتقالية.


رابعا: الدعوة لاستفتاء على الدستور الجديد بعد صياغته، ثم إجراء انتخابات ينبثق بموجبها سلطة جديدة منتخبة.


وهذا ما لم يحدث في سوريا، لأنّ الجهة التي أسقطت النظام هي بنفسها من عيّنت الحكومة الانتقالية من لون واحد، أي هيئة تحرير الشام، وهذا ما يمس وينسف جوهر نظرية المشروعية. بمعنى: أين هي أسس المشروعية التي انطلقوا منها لممارسة مهام مثل العلاقات الخارجية وتعديل المناهج الدراسية ورسم شكل العلاقات مع الدول وما شابه ذلك من قرارات ينبغي أن تصدر عن جهات لديها المشروعية ومنبثقة عن عملية ديمقراطية تعبر عن ارادة الجماهير والأمة؟


ويبدو أنّ الدعوات إلى مؤتمر وطني سوف تُوجّه فقط إلى من يحقق الحد الأدنى من رضا هيئة تحرير الشام وتركيا، بدليل أنّ هيثم المالح، الذي يُعدّ أحد أبرز وجوه المعارضة السورية، قد مُنع من القاء خطبة وانزل عن المنبر في أحد المساجد السورية. فكيف لجهة أن تتقبّل التعدد والتنوع والخصوم في الوطن وهي لم تستطع تقبل شريك مكافح معها بالمعارضة؟


ثم اللافت في الأمر أنّ السيد الشرع حدد من خلال إحدى مقابلاته أنّ مدة وضع الدستور الجديد سوف تستغرق ثلاث سنوات، وهذا أمر مستغرب في ظل بلد كسوريا، لم تبق جهة في المعارضة أو الدول الفاعلة إلا وأعدّت صيغاً دستورية لها منذ 13 عاماً، وجميعها جاهزة للحوار والتنقيح والاستفادة منها. وليس من تفسير لإطالة مدة صياغة الدستور غير أنّ السيد الشرع يريد التمكن أكثر من السلطة وفرض نفسه كخيار على السوريين لا بديل له.


أما على المستوى السياسي الاستراتيجي:


فحتى آخر مقابلة أجراها قبل أيام السيد الشرع مع العربية، لم يقم برسم معالم مستقبل سوريا السياسي وموقفها من عدّة قضايا تُعدّ محورية ولا يمكن التغاضي عنها. وعلى رأسها قضية الجولان، الذي كان باعه النظام السابق حسب زعمهم، ولا عن رأيه بالانتهاكات الإسرائيلية الجارية، ليس من منطلق فتح الجبهة مع إسرائيل، ولكن من باب ما هي طبيعة رؤيته لمعالجة تلك الملفات السيادية؟ التي كان قد كسب السلطة ببركة الكلام على النظام السابق واتهامه بالتفريط بالسيادة السورية ووضعها تحت وصاية ايران وبيع الجولان.


ثم ما هو الموقف من قضية فلسطين وما يحصل في غزة، أقله من البعد الإنساني ليس إلا؟ وما هي استراتيجية سوريا القادمة في السياسة الإقليمية والدولية؟


هل هي دولة سلام أم دولة حياد إيجابي؟، أم أنّها ستنخرط في تشكيل معسكرات قطبية ناشئة في العالم لكسر هيمنة قوى الغرب؟، أم أنّها ستكون ضمن الركب الغربي الواقف ضد مصالح شعوب العالم الثالث وناهب ثرواته ومعطّل فرص نهوضه؟.


جميعها تساؤلات تُطرح، ومن خلال ما تقدّم آنفاً، نستطيع رسم معالم سوريا الجديدة التي لن تكون بخير في ظل مجموعة يبدو أنّها متعطشة للسلطة، وأسقطت الطغيان لتأتي بمثله، وحرّرت السيادة من وصاية إيران لتضعها تحت وصاية تركيا، وأسقطت لسوريا دورها المحوري ببعده القومي العربي لتحوّلها إلى “دولة ساذجة” ليس لديها لا مشروع ولا قضية ولا هوية.


لكن كما نقول دائماً، الرهان على وعي الشعب السوري، وعلى فعل دوافع التاريخ والثقافة، التي غالباً ما تتشكل في رحمها صيغ المستقبل.

موقع سفير الشمال الإلكتروني





ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top