مع اقتراب موعد جلسة التاسع من كانون الثاني، يزداد المشهد الرئاسي ضبابية. القوى السياسية تتجنّب الخوض في تفاصيل النقاشات الرئاسية أو البحث في الأسماء، رافضة الكشف عن نواياها الحقيقية. فهل ينتظر الكلّ كلمة سرّ ما قد تحملها رياح شرقية أو غربية؟
الثابت الوحيد أنّ الجلسة ستعقد، وأنّ النصاب سيكون مكتملاً. لكن هل انتخاب الرئيس مؤكد؟ حتّى الساعة لم تتمكّن القوى السياسية من التوافق على اسم أو أكثر للذهاب بها إلى صندوق الاقتراع الخميس المقبل.الجنرالات خارج السباق؟وحتّى الآن تبقى القوى السياسية كافّة عاجزة عن انتخاب رئيس للجمهورية من دون دفع خارجي، ولكن من أيّ جهة سيأتي هذا الدفع ولصالح أي مرشح؟
في ظل هذه الضبابية في المشهد الرئاسي، تقول مصادر مطّلعة لـ"المدن" إنّه على الرّغم من عدم القدرة على الحسم إذا كان مجلس النواب سينجح في انتخاب رئيس الخميس المقبل أم لا، "إلّا أنّ المؤكّد في خلاصة المعطيات أنّ العسكر أصبحوا أقرب إلى الخروج من السباق، أو أقلّه تراجعوا إلى مراتب متدنية في لائحة المرشحين المزدحمة أصلاً. الأمور أصبحت محصورة بالمرشحين المدنيين. والمرشحون الأوفر حظاً والأكثر تداولاً في أسمائهم أصبحوا لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة".لم تشأ تلك المصادر بداية الخوض في أسماء هؤلاء "المحظوظين"، إلّا أنّها أقرّت في النهاية أنّ الأسماء الأكثر تداولاً في الساعات الأخيرة وحتّى الساعة هم، مرشح تقاطع المعارضة -التيار الوطني الحر الوزير السابق جهاد أزعور، الوزير السابق جان لوي قرداحي، والمصرفي اللبناني الفرنسي سمير عساف.لماذا أزعور؟لا تستبعد مصادر معنيّة بقنوات الاتصال المفتوحة بين عين التينة وميرنا الشالوحي، أن يتقاطع ثنائي أمل حزب الله على ترشيح جهاد أزعور، " ليس لقناعة تكوّنت لدى الثنائي فجأة أنّ أزعور هو المرشح التوافقي الإصلاحي الإنقاذي"، إنّما لاحتمال أن يتحوّل تقاطع المعارضة التيار على أزعور إلى تقاطع الثنائي التيار وغيرهما من القوى على أزعور، فيتحول أزعور من مرشح بمواجهة رئيس تيار المردة سليمان فرنجية إلى مرشح توافقي. "جهاد أزعور بات يستجيب للقاعدة التي وضعها رئيس مجلس النواب نبيه بري التي تقوم على التوافق على مرشح لا يستفز المسيحيين. وبالتالي، فإنّ جبران باسيل، سمير جعجع، وسامي الجميل تقاطعوا على أزعور. كما أنّه في المرحلة الراهنة لم يعد مستفزاً لسليمان فرنجية. كما يرى كثر من القوى أنّ حظوظه أوفر من غيره من المرشحين المدنيين".المرشح الصامتعلى الرّغم من الانتقادات التي وجهت إليه من دون أن تعرف عنه تفاصيل أكثر، أو يصدر عنه أي موقف، بات سمير عسّاف، المصرفي اللبناني الفرنسي، صديق الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، أحد المرشحين المتقدمين بين زحمة المرشحين الرئاسيين.
اسمه مطروح في السباق لأنّ هناك قوى خارجية وتحديداً فرنسا تدعم وصوله. شوهد في جولات صامتة في مناسبة عيد الميلاد في لبنان، ولاسيما في بكركي. ولكن هل سيتم إسقاطه كمرشّح قوي في وقت لا يعرف اللبنانيون عنه شيئاً، لا شكلاً ولا مضموناً. كما لا يعرف عنه السياسيون الكثير سوى أنّه صديق ماكرون، وهو مصرفي ناجح. يروّج أنّه من خلال علاقاته، وخبرته الاقتصادية، يمكن أن يكون الشخصية الإنقاذية الإصلاحية للبلد على الرغم من أنّه لا يقيم في لبنان، ولا يتقن اللعبة السياسية اللبنانية وزواريبها وحساباتها.مرشح كل التقاطعات؟من بين المرشحين الأوفر حظا والذين لا يتعدّى عددهم أصابع اليد الواحدة، وزير الاتصالات في عهد الرئيس اميل لحود وحكومات الرئيس رفيق الحريري جان لوي قرداحي. في هذا المجال، تكشف مصادر مطلعة على الأجواء المحيطة بترشيح قرداحي، أنّ جان لوي قرداحي يمثل عدة تقاطعات:
"تقاطع فاتيكاني، إذ أنّ علاقته مميزة مع الفاتيكان.تقاطع شيعي مسيحي. فعلاقة قرداحي منذ سنوات متينة مع أركان الثنائي، مع الراحل السيد حسن نصر الله، مع الرئيس نبيه بري الذي تربطهما علاقة احترام. كما أنّ لديه قبولاً من التيار الوطني الحر، وهو سبق أن تحالف مع التيار في الانتخابات البلدية في إحدى الدورات، ومع حزب الله في إحدى الدورات في الانتخابات النيابية".تشدد المصادر أنّ علاقة قرداحي مع حزب الكتائب اللبنانية جيدة أيضاً. إذ تربطه والحزب علاقات حزبية من خلال أقاربه".لكن بما أنّ بعض القوى ولاسيما قوى المعارضة كالقوات اللبنانية، تحكم على قرداحي من خلال موقعه السابق كوزير في عهد الرئيس اميل لحود، تبقى طريقه نحو التوافق والإجماع غير سالكة بشكل كامل.وتقرّ المصادر "صحيح أنّ اسم جان لوي قرداحي لا يتصدّر الواجهة الإعلامية، لكنه مطروح ومعروف جيداً في المطبخ السياسي الداخلي. ومن يؤيده ويعارضه يقرّ أنّه إصلاحي، تميّز بنظافة الكفّ عندما كان في موقع السلطة. ومعاركه القديمة لتثبيت حقوق الدولة في قطاع الخلوي معروفة".العسكر خارج السباق الرئاسي بحسب ما تفيد المعطيات ولاسيما في ظلّ عدم التوافق على تعديل دستوري في هذا المجال، على الرغم من إمكانية العودة عن هذا التوجه في حال حصول تطورات لم تكن في الحسبان. رهان على تقاطع داخلي يمكن أن يتسع ليحدث خرقاًيفضي الى انتخاب رئيس في جلسة التاسع من كانون الثاني، يقابله مشروع يراهن على جلسة تلي وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بما يعنيه هذا الأمر من ترجمة للتغييرات الإقليمية على الساحة اللبنانية الداخلية. نهاية اليوم الانتخابي رهن تصورات متعددة لخيارات قد لا تكون قابلة للتحقق من دون مواكبة ومباركة خارجية والجميع ينتظر الدخان المنبعث من مجلس النواب لتبيان لونه.