2025- 01 - 05   |   بحث في الموقع  
logo هذا آخر ما كُشف عن موقف “التيار” رئاسياً! logo فيديو لجريمة في الجنوب.. شاهدوه! logo إشكالٌ بين مهربين في الهرمل.. مُعطيات توضح ما يحدث logo أمين سر فريق "قيصر" يكشف هويته...ورحلة توثيق جرائم الأسد logo التهمة: عدم تمجيد الجلاد logo المنتخب البحريني يتوّج بلقب “خليجي 26” logo عن قائد الجيش.. ماذا أبلغ بري الموفد السعودي؟ logo "صحافة التضامن"...لاستعادة الثقة في الإعلام
الفن الهوية في معرض جماعي: لا وجود لأسلوبٍ جديدٍ
2025-01-02 12:55:46

خلال دراستي الفلسفة في قسم الآداب-الجامعة اللبنانيّة، أذكر تمامًا ما قاله الدكتور كبداية لشرح مادّة "تاريخ الفلسفة": إنّ المصدر الأساسي للفلسفة، هو تاريخها. بالتالي فالغوص في معرفةِ تاريخِ مجالٍ ما، هو دافع أساسي (لا بل حتمي ضروري) للمضيّ قُدمًا لتطوير المجال المُحدّد. من هنا نُدرك أن التاريخ هو المسار الذي يضمن البقاء والاستمرار والتطوّر إذا ما التصقة هذا المسار بمنحى التجدّد والتغيير.وكان واضحًا جليًّا التمسّك بهذا المسار التاريخي للفنّ التشكيلي خلال المعرض الجماعي لـ10 فنانين، والذي كان افتتاحه في IT Gallery (بيروت) بالتنسيق مع Art Scene Gallery في 12 كانون الأول/ديسمبر المنصرم. المحاكاة للفكرٍ الماضي هي المسار الطبيعي لأي فكر مُعيّن، وذلك للحفاظ على استمراريّته ودوام انتاجيّته. ومعرفة التاريخ كما ذكرت، هي المستنَد الأساسي للمضّي في سيرورة فكريّة من خلال محاكاة النتاج الفكري الماضي لصناعة الفكر الحاضر والمستقبل. تشاهد في المعرض لوحات فنّية تحاكي أساليب غير واقعيّة وبعض الأساليب لمشاهير الفنّ العالمي. المدرسة التكعيبيّة والحروفيّة والأعمال الفنيّة بموادّ مختلفة. والمعرض يجعلك تسبح في عالم الألون الزاهيّة، لكنّ لا وجود لأسلوبٍ جديدٍ مبتكرٍ في عالم الفنّ، بل إن محاكاة المواضيع المحليّة الراهنة هي التي كانت حاضرة بقوّة في معظم الأعمال.
فقد اعتمدت آنّي كوردجيان تحوير شكل الإنسان، بتضخيم أعضاء جسم الإنسان، لتُشير إلى اللاواقعيّة التي فُرضت على الإنسان اللبناني، وقد طرحت الفنانة المذكورة مواضيع تفترض أن اللبناني يحيا حياة إنسان طبيعي، يعتني بحيوانه الأليف (القطّة)، كما صوّرت ممارسته للجنس بشكلٍ حميميّ، ليُفترض أنّه يمارس الحُبّ لا الجنس المبتذل إذا ما فصلناه عن الحبّ. وقد طرحت بنوات دبّانه بلوحاتها "مسلسل الرعب" التي تُظهر مشاهد يرفضها الإنسان العاقل في حياته العاديّة، مُشيرةً إلى مجازر العدوّ من خلال إبراز الضحايا مرتدين الكوفيّة الفلسطينيّة.بينما اعمد شارل خوري الأسلوب "الماتيسي" (هنري ماتيس) ليبرز تفكُّك الإنسان من كتلة عضويّة إلى مساحات وقُطع لونيّة تحاكي الهويّة المتجزّأة، التي تسبح بأجزاءها المكوّنة من عناصر من الطبيعة (أوراق شجر وعصافير) أقرب إلى زخارف ماتيس التي قدّمها بتقنيّة الكولاّج في الفصل الأخير من عمرهِ كمُقعد. وما كان من فاطمة مرتضى إلى أن اختصرت غياب الإنسان من أعمالها، بتأطير ملابس رثّة وممزّقة نوعًا ما، على خلفيّة سوداء، مع إدخال الزخرفة اللونيّة من قطع القماش لتؤكّد غياب الإنسان مُجدّدًا. وقد حصر غسّان عويس الإتّصال مع العالم بظاهرة المدّ والجزر، ليشير إلى تحكّم الظاهرة الطبيعيّة بحياة الإنسان الذي يتجسّد في أعماله كسمكة. والسمكة هي المفردة التي تندرج في قاموسه الفنّي كالإنسان المغلوب على أمره، مع الخلفيّة السوداء التي تشبه المحيط الواسع المجهول القرار. ولو قرّر التفرّد كسمكة، فمصير الالتهام كم السمكة الأكبر. وقد نعى الفنّان جاك فارتابديان الإنسان، فحوّله إلى بورتريه حائطي، يعتريه لطخات ملوّنة بألوان مرضيّة تفضي إلى تميّز متبوذ مُجتمعيًّا. وجسّد الفنان التشيكي جيري بوسفا، إعادة التشكيل (الديفورماسيون) في أعمال نحتية ملمسها الحجري أقرب إلى الخشونة الحجريّة، لتبعد عن أشكال برانكوزي التحويريّة الناعمة الملمس. وهو يصوّب في المسار نفسه، غياب الإنسان الطبيعي، وحضور الكائنات الغريبة. أمّا مازن خدّاج، فمن خلفيته التقنيّة في الفنّ وأعمال الفيديو، اعتمد البساطة في التجريد اللوني، الذي يعبّر عن أحلام الجبال، وهمسات الليل والوضوح. والوضوح يظهر في مساحات لونيّة، مع مفارقة اعتماد ألوان غير مألوفة للعين، وهي أقرب للألوان المُتّسخة في قاموس الرسم. فالزيتي الأقرب إلى البنّي والأخضر القريب من الأسود المحروق.. أمّا محمّد عبدالله، ومن خلال معرفتي به، فاستخدم الحسّ الساخر مُستهزءًا بجديّة الفنّ المُطلقة، ليوضح براعته في أعتماد الإختزال في رسم المعقّد، ليتبع ما قاله الناقد الفنّي الفرنسي جان كوكتو: "ليس الفنّ طريقة مُعقّدة لإيصال أفكار بسيطة، بل طريقة بسيطة لإيصال أفكار مُعقّدة". فبخطوط بسيطة، جسّد محمّد التضخّم وتحوير الأشكال، لا ليسخر من شكل الإنسان الطبيعي الخَلق، بل ليسخر من سلوكات سرّية، كأن تداعب إمرأة جسدها بأماكن حسّاسة، ليقول أنّ الاهتمام بالجسد وتلبية حاجاته ليس عيبًا، فنفهم أنّ المجتمع هو االذي رسم بمعتقداته الأجساد المحوّرة غير الطبيعية. الجنس حاجة طبيعيّة والحبّ هو الطريق السليم، للابتعاد عن ممارسة العادات الأنويّة. وعند رياض نعمة، الذي رسم تصويرًا لشخصٍ كأنّه يعزف على آلة موسيقيّة، كأنّما مع العنوان الواضح (حياة مُستعملة، second hand) ليعلن عزوفه عن الدنيا. ويدمج ريّان عيد بين الوجوه البشرية والأدوات الملوّنة بألوان زاهية التي تُخرج الإنسان عن طبيعته البشريّة، فيصبح مفردة ترتدي نظّارة تحاكي الفرح بهويّة أقرب إلى الورود والكائنات الغريبة المُلوّنة. وكذلك فعل سمعان خوّام بوجوه ملوّنة محاطة بألوان مُعيّنة تفصل البشر عن الواقع الذي حوّله الفنّان إلى عالم ساخر من الواقع اللبناني المفترض. بينما ذهب الفنّان سيمون مهنّا إلى الأشخاص بجسدهم الكامل في الصورة والمحاط بعالم مبتكر، قريب من الطبيعة، كالجبال والسماء البيضاء، وفي عمل نحتي كشف الألهة، بعنوان "الألهة المكشوفة"، يليها وجوه قاتمة مكتومة العنوان. وقد سرّب أعماله طاهر جوي إلى الأسفل وفضّل التعبير بعنوان "من الأفضل ألاّ يقال شيئًا". مع منحوتات شكّلت "طفرات". وكشفت ديانا بدريّة أحلامها الطبيعيّة برسم فتاة تهتمّ بقطّة على أسلوب الفنان الفرنسي "بالتوس" لتعلن أن الحياة الطبيعيّة أصبحت كحلم فتاة بالاهتمام بحيوان أليف. وتابعت شذى بازرباشي الحلم المفقود، برسم الأمير السعيد يلهو بألعابه وألوانه على نسق الأمير الصغير الذي يلهو بعدّ النجوم كما فعل الكاتب الفرنسي انطوان دو سانت اكزوبيري. قد لا يرى أيّ فنّان من المشاركين في المعرض، مسار السخرية من حياة اللبناني، لكنّ الواقع السياسي والاجتماعي المُرتكب من طبقة مُتحكّمة ومتربّعة على الكراسي الأبديّة، وضعت أحلام الفنّانين في مجال السخرية من واقع لا يتحقّق.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top