2025- 01 - 05   |   بحث في الموقع  
logo هذا آخر ما كُشف عن موقف “التيار” رئاسياً! logo فيديو لجريمة في الجنوب.. شاهدوه! logo إشكالٌ بين مهربين في الهرمل.. مُعطيات توضح ما يحدث logo أمين سر فريق "قيصر" يكشف هويته...ورحلة توثيق جرائم الأسد logo التهمة: عدم تمجيد الجلاد logo المنتخب البحريني يتوّج بلقب “خليجي 26” logo عن قائد الجيش.. ماذا أبلغ بري الموفد السعودي؟ logo "صحافة التضامن"...لاستعادة الثقة في الإعلام
البيان "رقم واحد" المفقود سورياً
2025-01-02 12:25:46

لم يمض وقت طويل على سقوط نظام الأسد بمرحلتيه (الأب والابن) حتى بدت الدولة السورية كأنها تعيد إنتاج نفسها من جديد، أو من نقطة الصفر. وعلى رغم أنه لم تظهر حتى الآن التسميات الرسمية للجالس على كرسي الرئاسة السورية، والذي يقود الحكومة الحالية بكل مفاصلها، مكتفين بتسمية أحمد الشرع "القائد العام للإدارة السورية الجديدة"، يتم توازع وتوزيع مناصب وزارية وإدارية كثيرة، وفقاً لما هو معتاد في دولة عادية، ما يضعنا أمام حيرة عن حقيقة المرحلة الحالية، هل هي انتقال سلطة؟ أو استبدالها؟ أو تغيير مفاهيمها؟
فهذه الأسئلة كان المفترض أن يجيب عليها بيان النصر الأول من منبر التلفزيون الرسمي في الأمويين، بغض النظر عن رأينا بمدى مهنيته، أو كفاءة وولاء بعض العاملين به لثورة السوريين، إلا أنه يبقى الوجهة المحلية التي يمكن الاعتماد عليها في التعريف بطبيعة المرحلة، وما ينتظرنا فيها من واجبات وحقوق -على الأقل- بينما يتم تحرير الإعلام من رسميته. لا شك أنني كإعلامية سورية مضى على انشقاقها 13 عاما عن إعلام النظام، أعرف مدى النخر والخراب الذي أصاب مؤسساته. لكن، في كل الظروف، ما زلت أؤمن بأحقية هذا الإعلام المحلي أن يكون منبراً يتعرف من خلاله السوريون على واقعهم ومسارات مستقبلهم، بعيداً عن الهيمنة الأمنية التي غيبت حرية التعبير عن هموم الناس وطموحاتهم.
وربما يدخل ذلك في سياق رغبة وزير الإعلام في الحكومة الحالية محمد العمر: "نعمل على إعادة بناء إعلام سوري حر يتصف بالموضوعية والمهنية". وهي المهمة التي على رأس أولويات المرحلة الحالية، وذلك لحاجة السوريين إلى التعرف إلى الجهة التي تحكمه، كما هي حاجة هذه الجهة الحاكمة لمعرفة طبيعة الشعب الذي تحكمه. فالقطيعة التي أقام حواجزها النظام السابق بين السوريين، تجعل من التنظيمات الإسلامية التي تنتمي لها معظم أسماء الحكومة الحالية "البعبع" المتربص بهم، وبحريتهم، بينما يتصور الإسلاميون مطالب الشعب بالدولة المدنية والديمقراطية أو اللامركزية بأنها اعتداء على الدين والشريعة ووحدة الأرض السورية، وفي كلا الحكمين لعب الاعلام دوراً تحريضياً مسيساً وغير توثيقي.
نعم الإعلام ليس مجرد أداة لنقل الأخبار وحسب، ما يجعل من إصلاحه ضرورة، لأنه أداة حيوية لتشكيل الوعي الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، من خلال التفاعل مع القضايا اليومية وانعكاساتها على قضايا حيوية ومصيرية. فإعادة مأسسة الإعلام السوري، هي جزء أساسي وأولي في بناء الدولة الجديدة، لخلق بيئة إعلامية تحترم التنوع وتتيح الفرصة لجميع الأصوات أن تُسمع. وتحرير الإعلام من وظيفة "التطبيل" للسلطة هو أحد أهم متطلبات المرحلة. فالإعلام الذي يكتفي بنقل ما تريده السلطة، ويغفل عن تقديم صورة حقيقية عن الواقع السوري، لن يستطيع أن يبني جسور الثقة مع متلقيه، أما الإعلام الذي يطرح الأسئلة الصعبة، ويواجه التحديات بشجاعة، هو الذي يستعيد ثقة المواطن السوري، ويكون أداة فعّالة في بناء مجتمع ديمقراطي يتيح الحوار والتفاهم بين مختلف فئات، حتى تلك المختلفة في أيديولوجياتها معه.
إن الإيمان بحرية الإعلام لا يعني الفوضى أو الفلتان، بل هو دعوة إلى إعلام مهني وموضوعي، يمارس سلطته الرقابية التي لا تتوفر مقوماتها إلا في ظل دولة ديمقراطية، ويقدم للمواطن السوري حقه في معرفة الحقيقة من دون تحريف أو تزييف. وهذا يتطلب تدريبًا مستمرًا للصحافيين، ودعمًا للمؤسسات الإعلامية المحلية، وتوفير بيئة قانونية تحمي الصحافيين من التهديدات والمضايقات، وتضمن لهم الحق في التعبير عن آرائهم بحرية، من دون أن يقعوا تحت طائلة الإقالة والتحقيق الأمني والتعذيب والتشويه الجسدي والنفسي، وإلحاق الأذى بذويهم وعائلاتهم، كما حدث لي، ولمن عبر عن رأيه من الإعلاميين، في عهد نظام الأسد الهارب، وخلال الثورة السورية العظيمة.
اليوم، تحتاج سوريا إعلامها أكثر من أي وقت مضى، تحتاجه ليكون حجر أساس في تعميق أساس بناء الدولة الحديثة، فحرية الرأي والتعبير هي معيار القدرة على استيعاب طموحات السوريين، وتأمين أولياتهم في سوريا الجديدة، كما أنه الحاضن الحقيقي لمواكبة خطوات الحكومة الحالية في الانتقال من هذه المرحلة الحرجة على الصعد كافة، من الأمنية التي لا تزال بحاجة إلى تمتين وتحصين، إلى واقع الخدمات، التي غابت عن حياة المواطنين خلال سنوات الحرب الظالمة التي خاضها النظام الساقط عليهم، وصولاً لمحاربة نمو سلطة فساد جديدة عابرة إلينا من عهد تجار الحرب، إلى لحظة التقاط الفرصة في فوضى التصنيفات والتوصيفات للسوريين.
إن رصد خطوات الانتقال إلى المرحلة الانتقالية، من دون إعلام محلي حر يواكبها في كل مراحلها التأسيسية من الحوار الوطني، الذي يؤسس لرسم عناوين المؤتمر الوطني المزمع عقده، يترك هذه العملية في عزلة عن حواملها الشعبية، حيث لا يمكن أن يبقى المتلقي يتنقل بين محطات التلفزة لرصد معلومة هنا وقرار هناك، ما يجعل من قرار تعطيل الإعلام المحلي (بغض النظر عن تبعيته للحكومة أم لا) بغرض تطويره يضر به ويؤخر عملية استعادته كمرجعية خبرية وطنية.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top