تبدّل الواقع التجاري في المحافظات السورية جراء انفتاح الكانتونات على بعضها عقب إسقاط النظام المخلوع، وشهدت الأسواق سواء في إدلب أو دمشق وحلب، ظواهر اقتصادية طارئة غيرت المشهد بشكل ملموس، بعد اندماج الأسواق التي كانت مغلقة قبل أقل من شهر بسبب جمود خرائط السيطرة، وفق ما رصدت "المدن".
قفزات موسعة للسيارات الأوروبية
وكانت القفزات الموسعة التي طاولت أسعار السيارات الأوروبية التي كانت تدخل من تركيا عبر معبر باب الهوى، إحدى أبرز هذه الظواهر، حيث تجاوزت نسبة الارتفاع حاجز الـ100%، في ظل الإقبال غير المسبوق على شرائها، بحسب تجار سيارات تحدثت إليهم "المدن".
وأضاف التجار أن سكاناً من حلب ودمشق وريفها، كانوا أهم العملاء الجدد لسوق السيارات التي عانت من الجمود على مدار الأشهر الفائتة، لافتين إلى حدوث تقلبات في السوق تتراوح بين الهبوط والارتفاع، لكن أسعار السيارات مقارنة بفترة ما قبل تحرير حلب، تبقى مرتفعة قرابة الضعف، على الرغم من كل هذه التقلبات.
وفي المناطق التي كانت تخضع لإدارة النظام المخلوع، كانت الصورة معاكسة تماماً، إذ انهارت أسعار السيارات النظامية بنسبة لا تقل عن 150%. وقال تجار سيارات لـ"المدن"، إن سعر السيارة الذي كان يقارب 12 ألف دولار قبل سقوط النظام، هبط بشكل مفاجئ إلى 4 آلاف دولار، لافتين إلى أن منافسة السيارات الأوروبية والرحلات المكوكية التي يجريها السكان إلى إدلب بهدف شراء هذه السيارات، شكّلت السبب الرئيسي لانهيار السوق.
العقارات.. معادلة جديدة
ولا تقتصر تقلبات السوق على قطاع السيارات، فسوق العقارات شهد معادلة جديدة تتمثل بانخفاض أسعار عقارات إدلب وإيجارات المنازل والمحال التجارية فيها، مقابل ارتفاع مماثل في عقارات كل من حلب ودمشق بيعاً وشراءً وتأجيراً.
وفي السياق، يلجأ معظم التجار الذي ليسوا من إدلب أصلاً، إلى إفراغ مخازنهم من البضائع في كل من سرمدا والدانا وإدلب ومعرة مصرين، بهدف شحنها نحو مناطقهم الأصلية. وفيما عدا الحركة النشطة في قطاع السيارات، كانت حالة الجمود التي طاولت أسواق إدلب لافتة، بسبب عودة المهجرين الكثيفة.
وقالت مصادر عقارية من حلب، إن إيجارات المنازل في المدينة ارتفعت بنسبة لا تقل عن 20%، بسبب الطلب على البيوت في ظل عودة عشرات الأسر الحلبية إلى المدينة، فيما خفّ عرض العقارات للبيع ما يرجّح حدوث ارتفاع في السوق خلال الفترة القادمة.
وفي مدن ريف دمشق التي شهدت عودة مكثفة للمهجرين، مثل داريا والمعضمية ودوما، قالت مصادر أهلية لـ"المدن"، إن زيادة الطلب على استئجار المنازل أدى إلى ندرتها وبالتالي ارتفاع الإيجارات بنسبة لا تقل عن 15%. وأضافت أن معظم مدن الريف الدمشقي تعاني من أزمة سكن نتيجة دمار الأبنية متعددة الطوابق وضعف سوق المقاولات.
كثافة السلع الأجنبية
ورصدت "المدن" كثافة عرض البضائع الأجنبية، خصوصاً السلع التركية في مناطق النظام السابق، بعد سنوات من حظر استيرادها واحتكار أمراء الحرب لقطاع الاستيراد، وسط إقبال على شرائها من قبل السكان، على الرغم من أن أسعارها لا تزال مرتفعة مقارنة بالسلع الوطنية.
وفي مدينة حلب، يمكن ملاحظة السلع التركية التي غزت الأسواق فور سقوط النظام. وقال تجار من المدينة لـ"المدن"، إن السوق يشهد وفرة في كافة السلع، نظراً لفتح باب الاستيراد دون عوائق كانت تتسبب بها منصة تمويل المستوردات وقرار إعادة تعهد قطع التصدير الذي ألغته حكومة الإدارة السياسية الجديدة.
وكانت الفاكهة المستوردة والسلع الأجنبية المحظورة، معروضة بكثافة في متاجر المدينة، حيث اقتنص التجار فرصة إلغاء القيود على الاستيراد لشراء كافة السلع وتخزينها في المتاجر على أمل تحسن الحركة التجارية.