وصلت والدة عبد الباسط الساروت إلى مدينة حمص بعد سنوات من التهجير لزيارة قبر ابنها والبحث عن قبور أبنائها الأربعة الآخرين وإخوتها الذين قضوا في حملات النظام السوري. واستقبلها الأهالي من المدينة في ساحة الساعة بهتافات مليئة بالعاطفة والدعم: "أم الساروت، نحن أولادك".
ووجهت والدة الساروت رسالة إلى السوريين، مؤكدة على ضرورة الوقوف يداً واحدة لمواجهة تداعيات نظام الأسد الذي فرق الشعب ودمر مدنهم. وتحدثت عن الحاجة إلى التفاخر بالتضحيات التي قدمها الشهداء في سبيل الحرية، وشددت على رسالة ابنها الأخيرة للشعب بأن لا ينسوا فلسطين بعد التحرر من نظام الأسد، حسب تعبيرها.وقالت: "الحزن انتهى، علينا أن نكون فخورين بما قدمه أولادنا. الآن حان وقت البناء وإعادة الحياة إلى سوريا التي تستحق منا التضحية والعمل"، كما طالبت المجتمع الدولي بتحقيق العدالة للسوريين ومحاسبة رأس النظام المخلوع بشار الأسد.وفي وقت سابق، أدت فرقة كورال "غاردينيا" في دمشق أغنية الساروت الشهيرة "يا يما زفيني وافرحي فيني"، على طريقة الكورال، وهي أغنية حملت في مضمونها رسالته إلى والدته، خلال احتفالات عيد الميلاد بالعاصمة السورية دمشق بعد سقوط نظام الأسد.وكان عبد الباسط الساروت، المولود في كانون الثاني/يناير العام 1992 في حي البياضة بمدينة حمص، حارس مرمى فريق شباب نادي "الكرامة" ومنتخب سوريا للشباب، ومع اندلاع الثورة السورية في آذار/مارس العام 2011، انضم الساروت إلى الحراك السلمي، وقاد المظاهرات في أحياء البياضة والخالدية برفقة الممثلة السورية الراحلة فدوى سليمان، حيث اشتهر بهتافاته وأغانيه الثورية، ما أكسبه ألقاباً مثل "منشد الثورة" و"بلبل الثورة".ومع تصاعد عنف نظام الأسد وتحول الثورة إلى العمل المسلح، أسس الساروت كتيبة "شهداء البياضة" وانضم لاحقاً إلى "فيلق حمص" لمقاومة قوات النظام السوري. خلال هذه الفترة، فقد العديد من أفراد عائلته، بما في ذلك والده وأربعة من إخوته، بالإضافة إلى عمه وأربعة من أخواله وعدد من أقاربه.وبعد حصار طويل لمدينة حمص العام 2014 ، تم تهجير الساروت إلى ريف حمص الشمالي، ثم إلى تركيا، لكنه عاد لاحقاً إلى سوريا وانضم إلى "جيش العزة" في الشمال السوري، وشارك في معارك ضد قوات النظام.وأصيب الساروت بجروح خطيرة خلال معركة في ريف حماة الشمالي في حزيران/يونيو العام 2019، ونقل إلى تركيا لتلقي العلاج، لكنه توفي في 8 حزيران/يونيو العام 2019 متأثراً بجراحه، ودفن في مدينة الدانا بمحافظة إدلب، وشيع جثمانه في جنازة حاشدة حضرها الآلاف.