أسبوع يفصل عن موعد جلسة مجلس النوّاب لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، يوم الخميس المقبل في 9 كانون الثاني الجاري، وبرغم اقتراب موعد إنعقاد الجلسة فإنّ الغموض ما يزال الحاضر الأكبر، إذ ما مِنْ مرشّح تبدو كفّته راجحة على غيره من بقية المرشحين أو في انتخابه رئيساً، وأيضاً ما مِنْ ضمانة بأنّ الجلسة ستعقد ولن يتم تطييرها كما كان حال الجلسات الـ12 السّابقة التي كان مصيرها الفشل.
عدم حسم أيّ مرشّح النتيجة لصالحه تعود إلى عاملين إثنين: الأوّل أنّ موازين القوى في مجلس النوّاب، وتوزّع الكتل فيه نتيجة الإنقسام السّياسي العمودي، لا تجعل من أيّ مرشّح قادراً على امتلاك عدداً كافياً من الأصوات، ولو حسابياً، تجعل منه رئيساً، لا الثلثين في الدورة الأولى ولا النصف زائداً واحداً في الدورة الثانية.
أمّا العامل الثاني الذي لا يملكه أيّ مرشّح يُرجّح فيه كفّته على بقية المرشّحين فهو أنّ “كلمة السّر” التي تحسمها الجهات الخارجية المؤثّرة في الإستحقاق الرئاسي لم تقل بعد حتى الآن، نتيجة الخلاف بين تلك الجهات وعدم توافقها على شخصية سياسيّة معينة تنهي فراغ الرئاسة الأولى، وتقدّم ملفات أخرى في المنطقة أكثر أهمية بالنسبة لها من الملف اللبناني، على رأسها تطورات الوضع في سورية، واستفحال الأزمة في قطاع غزّة نتيجة إستمرار العدوان الإسرائيلي عليه منذ أكثر من سنة و3 أشهر.
هذا الغموض الذي يحيط بمصير جلسة 9 كانون الثاني المقبل بدأ يطرح جملة من التساؤلات والمخاوف، حول ما إذا كانت الجلسة ستكون مشابهة للجلسات الماضية، أيّ أنّها لن تخرج بأيّ نتيجة إيجابية تُنهي الفراغ في قصر بعبدا، وبأنّه سيتم تطييرها بعد انعقاد الدورة الأولى التي لن تكون حاسمة، وبالتالي فإنّ الدورة الثانية لن تُعقد، إلّا إذا كان مفاجأة ما ستحصل في اللحظة الأخيرة وتنتج رئيساً.
ملامح ما بعد فشل الجلسة المقبلة في انتخاب رئيس جديد، في حال حصل ذلك كما يُرجّح البعض ويتخوّف منه، بدأت ترتسم على شكل تبادل إتهامات سياسية بين قوى وكتل واحزاب وتيّارات بتحميل كلّ طرف للطرف الآخر مسؤولية فشل الجلسة، ما سيزيد من حدّة الإنقسام السّياسي في بلد يعاني أصلاً من إنقسامات حادّة.
لكنّ الخوف من فشل مجلس النوّاب في انتخاب رئيس الأسبوع المقبل لا يقتصر على ازدياد الأزمة السّياسية حدّة، إنّما امتد الخوف من حصول تطوّرات أمنية ستكون لها تداعيات سياسيّة، بعضها مرتبط بسقوط الهدنة بين لبنان وإسرائيل وعودة الحرب بعد انتهاء مهلة الـ60 يوماً أواخر هذا الشّهر، وبعضها الآخر متعلق بمستقبل الوضع في سورية الذي ما يزال الكثير من الغموض يكتنفه، الأمر الذي قد يدخل البلاد في مآزق جديدة في ظلّ هواجس باتت تنتاب الجميع بلا استثناء.
موقع سفير الشمال الإلكتروني