من الصعب وضع المعدن الأصفر في الساعات الأخيرة من العام المنتهي 2024 في خانة المعادن المنخفضة أو المتراجعة في منطق الأسواق وإن شهد تراجعات منذ أيام، فالذهب وعلى الرغم من اختتامه العام على تراجع عن مستوياته القياسية، إلا أنه حقق ارتفاعات تاريخية خلال العام 2024. وأكثر من ذلك لم يفقد الذهب زخمه على الرغم من بعض الإنخفاضات، إذ يبدو أنه يتّجه إلى مزيد من تحقيق المكاسب في العام 2025.مسار الذهب العام الجديدعلى مدار العام 2024 ارتفع سعر الذهب بأكثر من 28 في المئة، وبلغ أعلى مستوى له على الإطلاق عند 2790.15 دولاراً في 31 تشرين الأول الفائت. وقد ارتبط ارتفاعه بدورة تيسير السياسة النقدية بالبنك المركزي الأمريكي وتصاعد التوترات الجيوسياسية العالمية.
على الرغم من أن الأسواق تستعد لتحولات سياسية كبرى تشمل الرسوم الجمركية وإلغاء القيود التنظيمية والتغييرات الضريبية في العام 2025 مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في كانون الثاني، غير أن المتعاملين والمستثمرين الدوليين يسعون لاستطلاع توجهات مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) بشأن أسعار الفائدة والتحقّق من سياسات الرئيس الأمريكي المنتخب المرتبطة بالرسوم الجمركية، التي قد تؤثر في مسار المعدن النفيس بشكل مباشر عام 2025.
وإذا كان استراتيجيو UBS توقّعوا مؤخراً استمرار أسعار الذهب بالارتفاع خلال العام المقبل، فإن العديد من المحللين الدوليين أكدوا ذلك أيضاً. وليس استشراف وضع الذهب العام المقبل مبني على تكهّنات إنما على وقائع ترتبط بسلسلة أحداث سابقة وآنية من شأنها أن تؤثر بشكل مباشر على أسعار الذهب مستقبلاً.
ومن بين تلك الأسباب استمرار البنوك المركزية بشراء الذهب وتكديسه في خزائنها في إطار استراتيجيات تنويع الإحتياطي. وقد بلغ حجم مشتريات الذهب من قبل البنوك المركزية في شهر تشرين الأول من العام 2024 مستوى قياسياً وفق بيانات صندوق النقد الدولي (IMF) ومن المتوقع استمرار عمليات الشراء خلال العام 2025.
وبالنظر إلى استمرار النزاعات والتوترات الأمنية في الشرق الأوسط وفي أوكرانيا، من المتوقع تزايد ذلك الطلب على أصول الملاذ الآمن. يُضاف إلى ذلك تزايد التوقعات بخفض الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة قريباً، مع توقع المزيد من التيسير في العام المقبل. ويعتبر الذهب بمثابة تحوّط ضد الاضطرابات الجيوسياسية والتضخم ولكن ارتفاع أسعار الفائدة يقلل من جاذبية المعدن الذي لا يدر عائداً.
ومن العوامل التي ترفع من تفاؤل مستثمري الذهب، ضعف الدولار الأمريكي مدفوعاً بانخفاض أسعار الفائدة والمخاوف بشأن مسار الديون الأمريكية، فذلك ما يزيد الطلب على الذهب. وتصل توقعات المحلّلين إلى احتمال وصول أسعار أونصة الذهب إلى محيط 3000 دولار خلال العام 2025.عام تحليق البتكوين
ولا يقتصر الترقّب لسياسة ترامب على مستثمري الذهب بل على المستثمرين بالعملات المشفّرة ايضاً، إلا أن هؤلاء يتمتّعون بمزيد من الإطمئنان والإشارات الإيجابية حيال دعم الرئيس الأميركي المنتخب للعملات المشفّرة عموماً.
وقد بلغت أبرز العملات المشفّرة البتكوين مستويات قياسية تاريخية عام 2024 مدعومة بسلسلة عوامل لعل أبرزها إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة في تشرين الثاني 2024، وتبنّيه موقفاً مؤيداً للعملات المشفرة على أعلى مستويات الحكومة. وكانت إدارة ترامب قد أعلنت عزمها دمج البتكوين في الأطر الاقتصادية، بما في ذلك إنشاء احتياطي استراتيجي للبتكوين.
وعلى مدار العام 2024 شهدت عملة البتكوين زيادة ملحوظة في الاستثمار المؤسسي وسلطت هذه الاستراتيجيات الضوء على الثقة المتزايدة بالقيمة طويلة الأجل للبتكوين، ودورها المحتمل باعتبارها أصلاً احتياطياً للخزانة.
وفي مطلع شهر كانون الأول 2024 حققت البتكوين إنجازاً تاريخياً بتجاوزها حاجز 100000 دولار. وجاء هذا الإنجاز نتيجة عوامل تُضاف إلى الاعتراف المتزايد بإمكانات بتكوين لتكون وسيلة للتحوط ضد التضخم. وفي 17 كانون الأول سجلت العملة المشفّرة أعلى مستوى تاريخي لها، عند 105.3 آلاف دولار للوحدة، قبل أن تتراجع تصحيحياً، وسط توقعات باستمرار تصاعدها في العام 2025 وتألّقها مدعومة من سياسات مستجدة داعمة لها.