في مقطع فيديو مصور من داخل الزنزانات تحت الأرض بمنطقة كفرسوسة في دمشق، والتي تعد سلسلة مترابطة من السجون التابعة لعدد من الأفرع الأمنية، ظهرت الطبيبة والمعتقلة السابقة فاتن رمضان مع الناشط الإعلامي جميل الحسن، وهي تبحث بتأثر بالغ عن الزنزانة رقم 16، حيث كان ولدها محتجزاً فيها قبل أن يننقل إلى "سجن صيدنايا العسكري" حيث قتل هناك مع ابنه أنور من دون تسليم جثتيهما إلى العائلة العام 2013.وبدأت رحلة رمضان عندما افتتحت وحدة لمعالجة الجرحى أمام منزلها في الزبداني، وعند محاولة الأمن اعتقالها، سلم والدها نفسه للنظام وهربها، مدعياً أنه المسؤول عن الوحدة. وتحمل قصة عائلة رمضان الكثير من المآسي، حيث تم تبليغ الأسرة بوفاة والدها في مطلع كانون الثاني/يناير العام 2014 تحت التعذيب، وعند محاولة والدتها استلام بطاقة الهوية الخاصة به بعد استلام خبر وفاته من قبل قوات الأمن، تم اعتقالها. وبعد سبعة أيام، اعتقلت فاتن ثم شقيقتها وزوجها. وخلال جولتها في الزنزانات، اكتشفت فاتن اسمها واسم شقيقها مكتوبين على جدار الزنزانة التي تواجد فيها والدها، لتنفجر في البكاء في مشهد مؤثر يعكس حجم الألم والمعاناة التي عاشتها.وروت الدكتورة فاتن مشاهد مروعة من تجربتها في المعتقل، حيث تحدثت عن الاستحمام الجماعي الاجباري للفتيات لمدة لا تزيد عن ثلاث دقائق، وحشر 25 فتاة في زنزانة صغيرة. كما ذكرت كيف وضعت في برميل ماء لمدة ست ساعات كجزء من العقاب، وعالجت معتقلين في ظروف غير إنسانية داخل الزنزانات.ولم تتوقف المأساة هنا، بل قُتل زوجها برصاص قناص مجهول، فيما فقدت ابنتها الصغيرة حياتها إثر سقوط قذيفة هاون على مدينة الزبداني.وذكرت مواقع إخبارية أن رمضان تعرضت للاعتقال مع أفراد أسرتها بعد رفضها التعاون مع النظام السوري في أعمال تجسس ضد الثوار، ورغم هذه المحنة، استطاعت أن تتحول إلى صوت عالمي يدافع عن حقوق المعتقلين والمظلومين، مستثمرة تجربتها الشخصية لتسليط الضوء على معاناة المعتقلين.وتشغل رمضان منصب رئيسة مجلس إدارة منظمة "بلا قيود" الحقوقية الدولية، حيث كرست جهودها لحماية حقوق المعتقلين وتوثيق الانتهاكات، وملاحقة المسؤولين عن الجرائم ضد الإنسانية وحصلت على حق اللجوء في فرنسا العام 2020 لتعود إلى سوريا مع إعلان سقوط نظام الأسد، في أمل أن تجد والدها الذي لم يسلم النظام رفاته، من دون جدوى. وفي وقت سابق، أظهر أحد مقاطع الفيديو أثناء تحرير معتقلي "سجن صيدنايا"، اسم مدينتها وأسماء والدها وشقيقها أنور الذي محفورة على جدار إحدى الزنزانات في السجن.وأطلقت منظمة "هيومن رايتس ووتش" على شبكة أجهزة أمن الدولة المعقدة التابعة للأسد اسم "أرخبيل التعذيب"، وكانت هذه الأجهزة تدير أو لديها إمكانية الوصول إلى أكثر من 100 مركز احتجاز في جميع أنحاء سوريا، حيث قامت باعتقال وتعذيب معارضي النظام ومنتقديه بشكل تعسفي.